بقلم: سندس عباس
مديرة برنامج التنمية المستدامة
تكتسب أولوية بناء الانسان في العراق أهميتها من حجم الضرر الذي أصاب الانسان العراقي نفسه، نتيجة توالي حقب الاستبداد والحرب والعنف بمختلف أشكاله، وفقدان الأمن بجميع أبعاده من عقود عديدة . وعلى الرغم من ذلك فأن الشباب يُعد أفضل مزايا العراق والثروة الحقيقة التي يمكن أن يواجه بها التحديات المستقبلية بشتى اشكالها. يتمتع العراق بأحد أكثر المجموعات السكانية شبابا في العالم، إذ يُقدَّر عدد السكان الذين تقل أعمارهم عن تسع عشرة سنة بحوالي 50٪ وتتطلب هذه الحقيقة من العراق توفير الموارد الاقتصادية التي هي نفسها أكثرُ ندرةً من أي وقت مضى، بما في ذلك الغذاء والماء والبنية التحتية الحضرية والخدمات العامة. ومن المتوقع أيضا أن يزيد الطلب على العمل إلى ما بين 5-7 ملايين فرصة عمل إضافية. ويمكن أن يكون هذا العدد أعلى بكثير إذا ارتفعت معدلات المشاركة في قوة العمل، خصوصا بالنسبة للنساء.
من جانب اخر، فأن الشباب قادرون على تغيير العالم نحو الأفضل، وتحقيق التنمية العالمية، في حال أتيحت لهم الفرصة وتوافرت لهم الإمكانيات، ولانهم أكبر مستفيد من التكنولوجيا، حيث ان جيل اليوم يمكن ان يحقق العديد من المنجزات إن تم اشراكه في مشروعات المستقبل، وانه سيتمكن من توليد فرص عمل وليس الحصول عليها او المطالبة بها. من هنا، ومع وجود العديد من التحديات اليوم، وعلى رأسها وجود أزمة ثقة في أوساط الشباب تجاه حكوماتهم، يجب مناقشة دور الشباب في التنمية المستدامة.
ان تحقيق خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، تستهدف الشباب بشكل كبير في إطار سعيها للقضاء على الفقر وخلق فرص العمل لكن لايمكن الحديث عن التنمية المستدامة من دون التطرق لدور الشباب خصوصا وان اولى اولويات التنمية تتركز حول الانسان كمحور اساسي للتنمية.
ويُعدُّ الهيكل السكاني الشاب أفضل مزايا العراق والثروة الحقيقة التي يمكن أن يواجه بها التحدّيات المستقبلية بشتّى اشكالها وليعبر عن قيم الحرية والعدل والانصاف، وما يريده لمستقبل أفضل، وليؤكد اهمية بناء الانسان في ضوء عناصر التمكين المادية وغير المادية، التي تنطوي على التعليم والتعلم والصحة، وفرص كسب الدخل والقضاء على الفقر والتهديد وانعدام الأمن، وضمان مشاركة جميع الناس في الاستفادة من المكاسب التي توفرها عملية التنمية المستدامة، عبر اكسابهم القدرة على تحقيق هذه الاستفادة، وتعزيز مهاراتهم ومعارفهم وأوضاعهم المعيشية والصحية، وتشجيع الفئات الأضعف بينهم على تحقيق اندماج فاعل في المجتمع؛ لضمان مشاركة الجميع في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ولاسيما الشباب الذين ينبغي ضمان استعدادهم للمستقبل، اذ ان لديناميكيات السكان في المستقبل تأثير حاسم في النتائج الإنمائية المستقبلية.
واذا امعننا النظر في اجندة 2030 فاننا سنجد ان قضايا الشباب موجودة في معظم الاهداف بشكل مباشر او غير مباشر ضمن العديد من الغايات والمؤشرات، الامر الذي يستدعي تفحص الاجندة بتفاصيلها كافة دون الاقتصار فقط على اعتبارها فقرة عامة في التحليل والاشارة لها فقط ضمن المجموعات السكانية، فاذا نظرنا معمقا في الهدف الاول وغاياته ومؤشراته المتعلقة بالقضاء على الفقر على سبيل المثال لا الحصر فاننا نجد:
القضاء على الفقر: انخراط الشباب على المستوى المحلي للمشاركة في تطوير ورصد آليات الحد من الفقر
واذا نظرنا الى عموم الاجندة فان الشكل ادناه يساعدنا في تكوين نظرة عامة وفي مختلف القطاعات عن تأثر قضايا واحتياجات الشباب الامر الذي يدعو الى اهمية انضاج رؤية الشباب للتنمية المستدامة 2030 والتعاون مع الشباب والاصغاء الى اولوياتهم وموائمتها مع الاستراتيجيات الوطنية التي تستهدف الشباب
ان جميع شركاء التنمية بحاجة الى:
- اطلاق الابداعات الشبابية ودعمها من خلال توسيع برامج العمل المتكاملة والشاملة والمستمرة والتي تأخذ بعداً استراتيجياً يتم من خلال تعزيز دور الشباب في المجتمع
- انشاء برامج خاصة يتم فيها اشراك الشباب في عملية الحوار وصنع القرار ودفعهم نحو وضع النقاط على اهم المشكلات التي تواجه المجتمع ومن ثم ايجاد الحلول المقترحة والمناسبة لهذه المشكلات.
- تعزيز دور الشباب في تحقيق التنمية السياسية والاقتصادية من خلال تحديث نظام تعليمي وفق منظور متطور يلتقي بالمعايير الدولية.
- العمل على دعم الانشطة التي يبرز فيها دور الشباب كعامل فعال ورئيس في عملية التنمية والبناء الاجتماعي.
- توفير البيئة الداعمة للابتكار والابداع والعمل التطوعي في مختلف المجالات ليكون ثقافة المجتمع