فاطمة عبد الباسط جاسم، امرأة صامدة من منطقة عبادي في الانبار، عانت من عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. في مواجهة النزوح وانعدام الأمن المالي، سعت إلى فرص تُغير حياتها. ومن خلال دعم برنامج سبل العيش المدعوم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حصلت فاطمة على تدريب في تطوير الأعمال وحصلت على مساعدة مالية لبدء مشروعها الخاص. بإصرار لا يتزعزع، أسست مشروعاً مستداماً، مُستغلةً مهاراتها المكتسبة حديثاً في إدارة الأعمال. لم تُمكّنها هذه المبادرة مالياً فحسب، بل عززت أيضاً شعورها المُتجدد بقيمتها الذاتية. واليوم، يزدهر مشروع فاطمة، مما يسمح لها بإعالة أسرتها، وفي الوقت نفسه تُصبح قدوة للنساء الأخريات اللواتي يسعين لاستعادة السيطرة على حياتهن.
في قلب العراق، حيث يُعدّ الانتعاش الاقتصادي وإعادة الاندماج الاجتماعي أمراً حيوياً للاستقرار، تُعيد ثلاث نساء بارزات - مي وفاطمة وجيا - رسم ملامح مستقبلهن من خلال ريادة الأعمال. تُبرز رحلاتهن، التي اتسمت بالمثابرة والطموح، الأثر التحويلي للمبادرات التي تُقدم المساعدة المالية والتدريب والدعم النفسي.
من الكفاح إلى القوة: رحلة مي في الأنبار

واجهت مي حامد بندر، البالغة من العمر 20 عاماً من ناحية الكرابلة في الأنبار، صعوبات اقتصادية جعلت من البقاء اليومي تحدياً. مع محدودية الموارد، بدا تغطية نفقات التعليم والاحتياجات الأساسية أمراً مستحيلاً. ومع ذلك، من خلال مشروع لكسب الرزق والصحة النفسية، حصلت مي على تدريب في مجال الأعمال ودعم مالي مكّنها من افتتاح صالون تجميل.
لم يكن الصالون مجرد مشروع تجاري، بل أصبح مساحةً لتمكينها، حيث منحها استقلالاً مالياً، وعزز ثقتها بنفسها، ووسيلةً للتواصل مع مجتمعها. أتاحت لها المهارات التي اكتسبتها في القيادة والتخطيط المالي تصوّر حلمٍ أكبر: توسيع صالونها لخلق فرص عمل للنساء الأخريات.
رسم المستقبل: روح جيا الريادية في كركوك

جيا صلاح صدر الدين، خريجة كلية الحقوق، البالغة من العمر 34 عاماً، من كركوك، لطالما كانت شغوفة بتصميم الأزياء والتطريز. ورغم افتقارها للموارد اللازمة لإطلاق مشروعها الخاص، التحقت جيا ببرامج تدريبية متنوعة في التصميم والخياطة. وعندما انضمت إلى مبادرة يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تلقت جيا تدريباً أساسياً في ريادة الأعمال ودعماً مالياً، مما مكّنها من تحويل رؤيتها إلى واقع.
بإصرار، أسست جيا علامتها التجارية الخاصة في مجال الأزياء، مُلبّيةً احتياجات مجتمعات كركوك المتنوعة. وأصبحت مهاراتها المتعددة اللغات - العربية والكردية والتركمانية والإنجليزية - جسراً لقاعدة عملاء أوسع. من خلال التسويق الرقمي، وسّعت جيا نطاق عملها، فباعت تصاميمها المُخصصة عبر الإنترنت بأسعار معقولة للمشترين المحليين. واليوم، لا يُعيل مشروع جيا المتنامي أسرتها فحسب، بل يُرسي أيضاً الأساس لهدفها الأسمى: إنشاء مصنع صغير لإنتاج الملابس المحلية.
إعادة بناء الأحلام: إصرار فاطمة

تأثيرٌ متواصلٌ للتغيير
يُعدّ نجاح مي وجيا وفاطمة دليلاً على قوة الصمود والفرصة. فمن خلال برامج تنفذها مؤسسة الإغاثة الإنسانية بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتمويل سخي من قبل الوكالة السويدية للتنمية الدولية، حوّلت هؤلاء النساء كفاحهن إلى مشاريع ناجحة، مُثبتاتٍ أن الاستقلال الاقتصادي يُغذّي التنمية المجتمعية الأوسع. تُلهم قصصهنّ الكثيرات، مُبرهنةً أنه بالدعم المُناسب، لا يكون التمكين مجرد احتمال، بل هو واقعٌ يُشكّل مستقبل العراق.