فواطم: قصة عن الهندسة وتمكين المرأة في العراق
19 يونيو 2023
بينما تقود سيارتك جنوب العراق نحو مناطق الميناء في البصرة، لن يخطر على بالك بأن المنطقة تعاني من أزمة خطيرة في توافر المياه. تجعل هذه الأزمة شبكة محطات المياه الخاصة بأقضية خور الزبير وسفوان وأم قصر رمزاً للتخفيف من وطأة التغير المناخي ومثالاً للصمود أمام أزمة شحة المياه الحالية.
توفر هذه المشاريع الحيوية المياه النظيفة لما يقرب من 250,000 شخص من سكان ثاني أكبر مدينة في العراق. في قلب عمل هذه المشاريع تتألق فواطم، المهندسة المثابرة التي تبلغ من العمر 34 عاماً من منطقة القبلة في البصرة.
وعلى عكس المألوف فأن هذه المهنة التي يغلب عليها الطابع الذكوري في هذا الجزء من العراق، كانت فواطم رائدة بأكثر من طريقة. فعلى مدى عقد من الزمان، عملت فواطم في هذا المركز، وتشرف بجدية على العمليات اليومية وصيانة محطات المياه لكن طريق الرحلة هذه لم تكن معبدة. لسنوات عديدة، كانت فواطم الشخصية الأنثوية الوحيدة في مشهد يسود فيه زملاء العمل الذكور بقبعاتهم الصلبة.
ربما يكون إصرار فواطم وقدرتها على الصمود هو الذي ساعد ومن دون قصد منها على شق طريق جديد للمهندسات في البصرة. الطريق الذي بادرت برسم خطواته في بادئ الامر تبعه في النهاية المزيد من النساء، وهو تطور سهلت منه السياسات الأخيرة للحكومة العراقية الجديدة كجزء من هدف شامل لتحسين المساواة بين الجنسين، تضمن هذه السياسات تمثيلاً أعلى للمرأة في مختلف القطاعات العامة.
يتجاوز تصميم فواطم الحواجز المجتمعية، إن التزامها بدينها وتقاليدها جعلها تؤدي المهام الصعبة لمهنتها وهي ترتدي "العباءة"، وهو الزي التقليدي الذي ترتديه العديد من النساء المسلمات في المنطقة. ولم تعدها فواطم عقبة، فهي ترى ذلك جزءاً من هويتها، وتعبيراً عن هويتها التي تحملها بفخر حتى وسط تحديات وظيفتها.
لم تخلُ رحلتها من التحديات اللوجستية، حيث يقع المشروع في خور الزبير على مسافة بعيدة من مركز مدينة البصرة حيث محل إقامتها، مما يجعل تنقلها اليومي عقبة إضافية أمام دورها الصعب بالفعل. ومع ذلك، تواجه فواطم هذه التحديات بكل عزيمة، بقرار شكله إيمانها بقوة وقدرات المرأة.
عندما سُئلت عن تجربتها، قالت فواطم: "لم يكن من السهل أن أكون المرأة الوحيدة في المشروع لكن خياري الوحيد كان المثابرة حتى تتحسن الأمور". تتجذر قناعتها من إيمانها الراسخ بأن المرأة قادرة مثل نظرائها من الذكور في تولي أي منصب، بغض النظر عن مدى صعوبته أو التحدي الجسدي الذي يشكله.
وتضيف: "النساء فقط يمكنهن تمهيد الطريق أمام النساء الأخريات". من خلال تقديم نفسها كمثال فواطم هي دليل حي على هذا التصريح. لا تقتصر رحلتها على كسر الحواجز في مهنتها فحسب؛ بل إلهام النساء الأخريات لتحطيم حواجزهن الخاصة.
أعيد تأهيل محطة مياه خور الزبير، وافتتاحها مؤخراً من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبدعم من مملكة هولندا.