الأمل في الملاعب: حلم جريء لفتاة إيزيدية

6 أبريل 2025

في حرارة آب الحارقة من عام 2014، شاهد العالم ما لا يمكن تصوره. تمزقت عائلات ايزيدية بالكامل، وتحولت القرى إلى مقابر، وبيعت النساء والفتيات، واستُعبِدن، وأسكتت أصواتهن. ما حدث على جبل سنجار لم يكن مجرد كارثة إنسانية، بل كان إبادة جماعية، محاولة لطمس شعب، وثقافتهم، وروحهم. لكن من رماد تلك الفاجعة، حيث بدا الأمل مستحيلاً، بدأ جيل جديد في الصعود.


من بينهم، فتاة ايزيدية صغيرة تدعى اخلاص، والتي كانت طفلة في ذلك الوقت. ومع النار في قلبها والحذاء الرياضي في قدميها، أصبح ملعب كرة القدم ميدان اخلاص الآن، وحلمها أن تلعب يوماً ما مع المنتخب العراقي لم يكن مجرد طموح شخصي، بل تحدي. في قصتها، نجد ليس فقط ألم الماضي، ولكن وعداً بمستقبل لم يكن من المفترض أن يُسرق.

الصورة: مهدي السعداوي / برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

البداية الصعبة

"هربنا من القحطانية سيراً على الأقدام، لسبعة أيام بلا طعام ولا ماء... إخلاص كانت تبكي من الجوع، لكنها اليوم تبتسم كلما سجّلت هدفاً".
 "فايزة، أخت إخلاص"

عندما اجتاح تنظيم داعش قضاء القحطانية، كانت إخلاص لا تتجاوز الرابعة من عمرها. تتذكر شقيقتها فايزة، وهي ناشطة في المجال الإنساني، تلك الأيام القاسية قائلة: "هربنا سيراً على الأقدام إلى الحدود السورية. عانينا الجوع والعطش سبعة أيام، ونمنا في العراء. إخلاص كانت تبكي من شدة الجوع والعطش، لكننا صمدنا، كنا أبطالاً."


بعد رحلة النزوح، استقرت العائلة في مخيمات زاخو بمحافظة دهوك لمدة ستة أشهر، قبل أن تستقر لاحقاً في قضاء شيخان بمحافظة أربيل.

 

ولادة الشغف

الصورة: مهدي السعداوي / برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

"الرياضة تقرّب بين الشعوب وتنشر السلام، وكرة القدم كانت طريقتي للتعبير."
 "إخلاص عمران"

رغم تلك الظروف الصعبة، وجدت إخلاص شغفها في كرة القدم. تقول فايزة: "منذ طفولتها كانت تحب كرة القدم، وكنت آخذها معي إلى الأنشطة الرياضية المجتمعية. اليوم، أنا فخورة بها كلاعبة متميزة."

 

الحلم مستمر 

إخلاص، التي تبلغ الآن من العمر 15 عاماً، ترى في الرياضة وسيلة للتقريب بين الشعوب ونشر السلام. تحلم بأن تمثل المنتخب الوطني العراقي للسيدات، وترفع اسم منطقتها، القحطانية، والنساء الإيزيديات بكل فخر.

"أرتدي الرقم 7 لأن كريستيانو رونالدو هو قدوتي... وأحلم أن ألتقي به يوماً لأروي له قصة النساء الإيزيديات."
– إخلاص

نادي ريال مدريد هو المفضل لدى إخلاص وتستلهم شغفها من نجمها المفضل كريستيانو رونالدو، وتقلده في طريقة احتفاله بالأهداف، وتقول: "أرتدي الرقم 7 لأنه رقم رونالدو، وهو مصدر إلهامي. أتمنى أن ألتقي به يوماً ما، وأحكي له عن معاناة النساء الإيزيديات، وأن أبعث من خلاله رسالة للعالم." 

 

البطولة الأولى

الصورة: مهدي السعداوي / برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

"أنا فخورة بفريقي... سجلت 4 أهداف وحققنا أول بطولة نسوية في القحطانية!"
– إخلاص

وفي إنجاز بارز، توّجت إخلاص مع فريقها بلقب أول بطولة نسائية لكرة القدم تُقام في القحطانية، بتنظيم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبتمويل من حكومة اليابان، ضمن مبادرة تعزيز التماسك المجتمعي وبناء السلام. لم تكتفِ بالفوز بالكأس، بل كانت هدافة البطولة بأربعة أهداف.

 

توجه إخلاص رسالة إلى جميع الفتيات:
"آمنّ بأحلامكن. لا شيء مستحيل. كرة القدم، واي مجال آخر ليس حكراً على الرجال. نحن قادرات على النجاح والتألق في كل المجالات."