في يوم المرأة العالمي، والذي يصدف مع وقت زيارة البابا فرنسيس للعراق، التقينا بمديرة بلدية ألقوش، لارا يوسف زارا وتحدثنا معها عن ما الذي تعنيه زيادة المشاركة السياسية للمرأة وكذلك رؤيتها لدعم شعب العراق للعودة بأمان إلى ديارهم.
في موقعها الخلاب الذي يتربع على قمة تل تقع ناحية ألقوش التي يمتد تاريخها لأكثر من ثلاثة آلاف عام. وهي موطن لمجموعات عرقية ودينية متنوعة، من المسيحيين والشبك والأيزيديين والمسلمين.
تعمل لارا يوسف زارا، وهي في الأصل من بغداد مديرة بلدية المنطقة على مدى السنوات الأربع الماضية. وبكونها اول مديرة بلدية في المنطقة فأن هذا الامر يعد خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة للمرأة العراقية في سعيها لتحقيق التكافؤ بين الجنسين.
تطالب السيدة لارا بجهد حثيث لضم المزيد من النساء في جميع جوانب الحياة. تقول لارا من خلف مكتبها الخشبي الكبير في غرفتها: "نحن بحاجة إلى مزيد من النساء في مناصب صنع القرار لضمان المساواة بين الجنسين في جميع المجالات". "كنت محظوظًة لأنني نشأت في بيئة تشجيعية مكنتني من رسم مسار مهني سياسي لنفسي."
وترى السيدة لارا ان إشراك المزيد من النساء سيقدم مسؤوليات أفضل لهن، لكنها تعقب كلامها أيضًا أن العراق بعيد عن تحقيق هذا الحلم للنساء. على سبيل المثال، فقد صنف تقرير عام 2020 الصادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) العراق في المرتبة 70 عالميًا من حيث تمثيل المرأة في مجلس النواب. تقول مبتسمة: "آمل أن أكون قدوة يحتذى بها".
بالنسبة للقائدة التي تبلغ من العمر 39 عامًا فأن كسب ثقة سكان القوش كان عملاً صعبا كتسلق قمة شاهقة. تقول السيدة لارا "في البداية عندما تم تسنيمي المنصب، كان الأمر صعبًا ,حيث لم ير المجتمع من قبل سيدة تتولى منصبا قياديا ولم أكن أحظى بقبول الجميع. ومع ذلك، وبدعم كامل من اسرتي تمكنت من الفوز بقلوبهم وعقولهم على مدى السنوات الأربع الماضية من خلال إظهار ما يمكنني القيام به من أجلهم."
في عام 2014، اقترب تنظيم داعش من منطقة ألقوش، مهددا اهلها بمغادرة المنطقة. ومع ذلك، خاطر الكثير منهم، وخاصة الشباب والنساء، بحياتهم للبقاء وحماية منازلهم. وكان من بينهم لارا. تستذكر لارا هذه الاحداث وتقول "لقد ولدت في هذه الأرض، العراق موطني، وأنا انتمي لهذا المكان. لم يكن من السهل أن أعيش في صراع وعدم يقين فيما سوف تؤول اليه الامور. قررت مواجهة التحديات وجهاً لوجه وقهرها بدلاً من الاستسلام." وتأمل أن تقوم بدورها في جعل العراق أكثر أمانًا للناس حتى يعودوا ويشعروا بأنهم في وطنهم بغض النظر عن خلفيتهم العرقية أو الدينية.
خلال سنوات الصراع، فرت أكثر من 50 اسرة آشورية من الموصل وبغداد إلى ألقوش بحثًا عن الأمان. ويقدر عدد سكان البلدة حاليًا بـ 4,600 نسمة. ركزت لارا خلال فترة عملها كمديرة للبلدية على تطوير 42 قرية في ناحية ألقوش من خلال بناء منازل ومحكمة، وربط الطرق الرئيسية واستخدام الأراضي الخصبة لخلق فرص لكسب العيش لسكانها. حول خططها كمديرة للبلدية، قالت، "أنا أعمل على بناء طريق سريع كبير حتى نتمكن من زيادة تجارتنا داخل المحافظات، إلى جانب افتتاح ردهة للولادة".
لارا لديها رؤية واضحة للقوش, إنها تريد بناء المنطقة لتجعلها مكاناً مزدهرا وآمنا لمواطنيها. تقول: "أريد أن أعمل مع المزيد من النساء، وخاصة من الأسر التي تعيلها نساء، لخلق فرص معيشية مستدامة من خلال تنمية المهارات والتعليم الجيد".
يدعم برنامج تحقيق الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سكان ألقوش من خلال إعادة تأهيل البنى التحتية للخدمات العامة الرئيسية مثل مبنى المحكمة ومركز الصحة العامة ومبنى الأحوال المدنية. كما دعم البرنامج إعادة التأهيل الشامل للمؤسسات التعليمية مثل مدرسة ألقوش الثانوية وروضة ألقوش. وقد تحققت هذه الاعمال بفضل الالتزام والتعاون والمساهمات السخية من الشركاء مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
تريد لارا ان تنتهي فترة عملها التي استمرت خمس سنوات كمديرة للبلدية بخلق مساحة أكبر للشباب، وخاصة النساء, لتولي مناصب قيادية. تؤمن لارا إيمانًا راسخًا بالنهج الشامل لبناء العراق مرة أخرى من سنوات الصراع التي عانى منها البلد.
تكرارا لدعوة القادة والمواطنين المعنيين مثل لارا، قام البابا فرنسيس بزيارة استغرقت أربعة أيام للعراق داعيا فيه إلى إنهاء العنف وزيادة دور الأقليات بكامل الحقوق والحريات والمسؤوليات. بعد ثلاث سنوات من التحرير من داعش، يأتي ذلك في فترة محورية في تاريخ العراق، حيث لا يزال أكثر من مليون عراقي نازحين بعيدا عن منازلهم الاصلية.
واستجابة لهذه الحاجة المتزايدة، يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العمل جنبًا إلى جنب مع حكومة العراق وشعبه لتهيئة الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للنازحين، مع التركيز بشكل أكبر على عدم ترك أي شخص يتخلف عن ركب العودة. وتأكيدًا على التزامنا، التقت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي زينة علي أحمد أيضًا مع قادة دينيين رئيسيين في شهر شباط لمناقشة نهج شامل لتحقيق الاستقرار وأولويات التنمية في المنطقة.