قصة رجوان شوانا: رحلة أمل

17 فبراير 2025
A family stands beside a hospital bed, with a child resting under blue covers.

في مدينة السليمانية، الواقعة بين أحضان جبال شمال شرق العراق، جلبت ولادة الطفل رجوان الفرح والتحديات في آن واحد لوالديه. ففي عمر تسعة أشهر فقط، بدأ رجوان كفاحه من أجل البقاء عندما لاحظ والداه شيئاً غير طبيعي في نموه، وبعد الاستشارات الطبية، واجها الواقع المؤلم والذي تجسد في عيب خلقي في القلب يمنع قلبه من ضخ الأكسجين بكفاءة، مما جعل الجراحة العاجلة مسألة حياة أو موت.

 

الطريق إلى بغداد

بإصرار لا يتزعزع، شرع والدا رجوان في رحلة شاقة إلى مركز ابن البيطار لجراحة القلب في بغداد، وعلى الرغم من الآلام العاطفية والجسدية، ظل أملهما ثابتاً. وفي المركز، أكدت الفحوصات الطبية الحاجة إلى جراحة قلبية متقدمة وعلى ضوء ذلك ثم تم إحالة الحالة على الفور إلى مستشفى الفلوجة، الذي خضع مؤخراً لتطوراً ملحوظ عبر التجهيز بجميع الادوات والمعدات الطبية الجديدة تحت إشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبتمويل سخي من الحكومة الألمانية.

 
Photo Gallery
Photo 5 Photo 6 Photo 7 Photo 1

الطريق إلى الفلوجة: مجتمع الرحمة

عند وصولنا إلى الفلوجة، استقبل سكان المدينة العائلة بحفاوة بالغة، وقد تأثر والد رجوان بكرم ضيافتهم، فقال: "قد رحب بنا أهل الفلوجة وكأننا جزء من عوائلهم، لقد منحنا دفئهم القوة خلال هذا الوقت العصيب"

وفي مفارقة من القدر، اجتمع والد رجوان مع صديق قديم، سيف حكمت، وهو رجل لجأ ذات يوم إلى السليمانية أثناء الصراع مع داعش. حيث أصبح الامتنان الذي يحمله سيف للماضي منارة دعم للعائلة.

حيث يوضح سيف قائلاً: "في السليمانية، كان أهلكم بمثابة عائلة لنا عندما لم يكن لدينا مكان نذهب إليه، والآن، حان دوري للوقوف بجانبكم"

A baby in a hospital bed is attended by two nurses and two family members, showing concern.

 

تدخل جراحي عاجل لإنقاذ الحياة

في مستشفى الفلوجة، حيث يقود الدكتور محمد حمدي فريقاً من المتخصصين المجهزين بأحدث تقنيات عمليات القلب، حيث يوضح الدكتور حمدي: "يستحق كل طفل فرصة للحياة والصراع من اجله، ونحن هنا لجعل ذلك ممكناً"

لقد اثرت التطورات الأخيرة في المستشفى وذلك بفضل الدعم الدولي لجعل المستشفى في المراكز المتقدمة والمتميزة. ففي العام الماضي وحده، أجرى قسم جراحة القلب أكثر من 15 عملية جراحية في القلب المفتوح للأطفال و225 عملية قسطرة شهرية، لخدمة المرضى من جميع أنحاء العراق.

 

التعافي والتجديد

بعد عشرة أيام من الجراحة، بدأت صحة رجوان في الاستقرار، وأعرب الدكتور محمد عن تفاؤله بشأن مستقبله، قائلاً: "هذه بداية جديدة لرجوان وعائلته، مع الرعاية المناسبة، لديه فرصة كبيرة للعودة الى الحياة الطبيعية"

اما بالنسبة لوالديه، فقد كانت الجراحة الناجحة بمثابة نهاية فصل مروع وبداية رحلة مليئة بالأمل نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

 

رمز للأمل

تتجاوز قصة رجوان واهله نضالاتهم الشخصية. فهي شهادة على قدرة المجتمعات على الصمود، وقوة التعاون الدولي، والتأثير الذي يحدثه الابتكار الطبي في تغيير حياة الناس، ولا يجلب تعافي رجوان الأمل لعائلته فحسب، بل يسلط الضوء أيضاً على الدور العميق للجهود الإنسانية مثل برنامج الأمم المتحدة للاستقرار وتبرع الحكومة الألمانية.

عندما يعود رجوان إلى السليمانية، ستتردد أصداء رحلته كقصة انتصار على الشدائد وقصة عن كيف يمكن للعزيمة والوحدة أن تنير الطريق، حتى في اسوء الأوقات.