المشاركة المتكافئة في صنع القرار في الفترات الإنتقالية - ضرورة منطقية

8 مارس 2025
Woman placing a ballot into voting box.
©UNDP Libya /Malek Almaghrebi

بعد أكثر من عقد من قيادة النساء الليبيات للاحتجاجات التي وضعت ليبيا على طريق السلام في عام 2011، قيل لهن إن دورهن قد انتهى - «نحن نقدر مساهمتك حتى الآن، ولكن ربما حان الوقت للتنحي والعودة إلى منازلكم الآمنة». اليوم، لا تزال النساء المنتخبات حديثًا في المجالس البلدية في مواجهة ضغوط للتنحي، كما لو أن القيادة ليست ملكًا لهن.

الاختلالات المستمرة

في 20 فبراير 2025، أنهت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا فترة تقدم المرشحين، حيث شكلت النساء نسبة 27 في المائة من المرشحين لشغل مقاعد 62 مجلسًا بلديًا في جميع أنحاء البلاد، في إنتخابات ستجرى وقت لاحق من هذا العام. مع اعتماد اللائحة 43/2023، يوجد الآن ما يصل إلى ثلاثة مقاعد مخصصة للنساء في كل مجلس. وعلى الرغم من التقدم المحرز، لا تزال النساء أقل عدداً ويفتقرن إلى هياكل الدعم المتوفرة لدى نظرائهن من الرجال.

ظاهرة عالمية

استبعاد المرأة من السياسة ليس مقتصراً على ليبيا. في عام 2024، أكثر من 3 مليارات شخص أدلوا بأصواتهم في جميع أنحاء العالم، وهو ما يمثل «أكبر عام انتخابي في تاريخ البشرية». من خلال تنصيب القادة لدى 72 دولة، أتيحت للناخبين فرصة غير مسبوقة للتأثير على التغيير العالمي - لتحدي الاختلالات والتفاوتات وعدم المساواة والاستبعادات. ومع ذلك، انخفض الإقبال، وازدادت الاحتجاجات، ولم يكن هناك تقدم كبير في ضمان مشاركة المرأة على قدم المساواة في صنع القرار.

عدم اليقين ومقاومة التغيير

لاحظ الأكاديميون أنه في «الانتقال غير المستقر من الحرب إلى السلام»، تكون النساء عرضة للسقوط عن قائمة الأولويات، وبشكل عام، هناك أدلة جوهرية على أن الناس يقاومون التغيير سياسيًا ونفسيًا في أوقات عدم اليقين.

الالتزام الدولي

في أوقات عدم اليقين، من الأهمية بمكان إعادة تأكيد حقيقة بسيطة - المشاركة المتساوية في صنع القرار ليست عملاً خيريًا ؛ بل هي ضرورة.

وتعترف الاتفاقيات الدولية المنبثقة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالمساواة بين الإنسان وتعترف بحقوق المرأة في المشاركة في الانتخابات وفي الحياة السياسية 1325 (2000) على الدور الحاسم الذي تؤديه المرأة في صنع القرار بعد انتهاء الصراع - ويدعو على وجه التحديد إلى وجودها في إنشاء الدساتير الوطنية والنظم والمؤسسات الانتخابية.

وعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مع الشركاء الدوليين، جنبا إلى جنب مع السلطات المحلية والمجتمع المدني للنهوض بتمثيل المرأة في مجالات صنع القرار - لضمان أن تشكل أصواتها مستقبل ليبيا، بدلا من تهميشها.

وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا غير مقتنعين، أود أن أقول أن إشراك المرأة في الحكم هو مجرد سياسة ذكية - وسيسرع من تحقيق أكثر القضايا إلحاحًا التي نواجهها اليوم. دعونا نفكر في بعض الأدلة الداعمة.

التحولات السلمية والاستقرار على المدى الطويل: الحركات التي تشمل النساء أقل عرضة لإستخدام العنف، كما أنها تكتسب شرعية أكبر، تعمل النساء عبر الانقسامات السياسية ومع أقرانهن الذكور بطريقة أقل تسلسلًا هرميًا وهن مفاوضات فعالات. والواقع أن من الأرجح أن تستمر اتفاقات السلام وإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع على المدى الطويل عندما تشارك المرأة.

الحد من الفساد: تكشف عقود من البحث عن علاقة قوية بين المستويات الأعلى من المشاركة السياسية للمرأة وانخفاض مستويات الفساد - من الفساد الصغير أثناء التنفيذ إلى الفساد الكبير، الذي يحدث على أعلى مستوى في صنع القرار السياسي.

النمو الاقتصادي: أظهرت الدراسات أن التنوع يحسن التعاون والابتكار والأداء، كما أنه يعزز من الإبداع، ويوسع نطاق الوصول إلى شبكات المعلومات، ويعزز المرونة الجماعية. وبما أن هذا يؤدي إلى زيادة مشاركة القوى العاملة والحصول على الفرص المهنية، يمكن ملاحظة هذا التأثير في الناتج المحلي الإجمالي الوطني وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، يمكن أن يؤدي تمكين المرأة من المشاركة الكاملة في القوة العاملة إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 20 في المائة تقريبًا.

تحقيق التقدم في حقوق الإنسان: عندما تشارك المرأة في السياسة، تكون الحكومات أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين، تعطي المرأة في القيادة السياسية الأولوية للقضايا التي تحسن نوعية الحياة، مثل الصحة والتعليم. والمشرعات لسن فقط أكثر اهتماما بالقضايا المتعلقة باحتياجات المرأة البيولوجية والمجتمعية؛ ومن المرجح أيضًا أن تخدم مشاركتهن مصالح الفئات الأقل تمثيلًا والأقليات، وأن تستجيب لمخاوف المجتمعات المحلية وأن تلبي الاحتياجات التي يعرب عنها ناخبوها.

Group photo at HNEC with Libya's first woman mayor of Zelten

لن أذهب للمنزل

في ديسمبر 2024، دخلت الزائرة المقطوف التاريخ كأول امرأة تشغل منصب عميد بلدية في ليبيا - وهي حاليًا المرأة الوحيدة بين 58 عميد بلدية. قد يعتبر وجودها حالة شاذة من قبل البعض، لكن شيئاً مهمًا يتفق عليه الجميع أنها قد تم انتخابها من قبل زملائها أعضاء المجلس البلدي. بالنسبة للعميدة المقطوف، ليس هناك مجال لل«عودة إلى راحة المنزل» - فهي ملتزمة بخدمة مجتمعها على أكمل وجه.

لا يعتمد تقدم ليبيا على تهميش الأصوات ولكن على احتضانها. لن يتم بناء المستقبل من قبل نصف المجتمع وحده - إنه يتطلب قيادة وتفانيًا ورؤية كل أولئك المستعدين للخدمة.