تصف أماني صالح، 30 عاماً، الموصل، حياتها أثناء احتلال تنظيم داعش فتقول: "كان لدي أمل باستعادة مدينتنا. لكنهم بعد مواصلة زحفهم وبسط سيطرتهم، بدأوا باختطاف الفتيات. كرهت أن أكون فتاة وتمنيت الموت".
ترك استيلاء التنظيم على المدينة أثراً سلبياً على كثير من النساء، بمن فيهم أماني. فقد أُجبرن على العيش في ظروف صعبة للغاية، وكان يمكن لأي اعتراض منهن أن ينهي حياتهن. وتلاشت كل الجهود السابقة التي بذلت لتعزيز حقوق المرأة في هذه المناطق، وأجبرت النساء على العيش ورؤوسهن منكسة وأصواتهن غير مسموعة.
تقول أماني: "مازلت أذكر كيف كانت والدتي تخبرني كل ليلة أنها تأمل أن تراني على قيد الحياة عندما نستيقظ في اليوم التالي، محاولة منعي من الانتحار. كانت حياتنا كالسجن".
كانت أماني أثناء احتلال داعش للموصل من بين مدنيين كثر لم يتمكنوا من مغادرة المدينة. ولذلك حبست نفسها في منزلها ولم تغادره إلى أن تم تحرير الموصل. قضت أياماً كثيرة وهي تعيش في خوف ودون أمل، لكنها تدرك الآن أن المصاعب التي واجهتها جعلتها أقوى. تحدثت أماني، أثناء مشاركتها في اجتماع "خلية أزمات النوع الاجتماعي" الذي عقده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق لإتاحة الفرصة لسماع قصص أخرى، كي تلهم الفتيات الأخريات وتناقش الدعم الذي يحتجنه.
تقول أماني: "هناك نساء كثيرات بحاجة لدعم نفسي كي يتمكن من استعادة نشاطهن الاجتماعي مرة أخرى. آمل أن أرى مزيداً من الفتيات يشاركن ويحصلن على الدعم الذي يحتجنه".
أنشئت خلية أزمات النوع الاجتماعي بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق إثر سلسلة من النقاشات عن الأعراف الاجتماعية وتزايد حوادث العنف ضد النساء في العراق. تركز الخلية جهودها على تمكين النساء من ممارسة أدوار نشطة في مواجهة الأزمات وإتاحة الفرصة للنساء والفتيات، مثل أماني، لمشاركة تجاربهن عن كيفية تعامل النساء العراقيات مع أزمات الحياة اليومية.
وبحسب أماني، فإن رواية هذه التجارب منهج جديد مميز تستخدمه الخلية. وتقول: "تحتاج نساء عراقيات كثيرات إلى الإصغاء إليهن، وهذه النشاطات تساعدهن في البوح بما لديهن والحصول على الدعم الذي يحتجنه، لا سيما اللواتي لا يستطعن القراءة أو الكتابة".
تواجه حقوق المرأة في العراق قدراً كبيراً من العقبات، كالأعراف الاجتماعية، وانتشار العنف الأسري، والتأثير السابق لتنظيم داعش، ووباء كوفيد-19. وتظهر الأبحاث أن 52 في المئة من النساء اللواتي تعرضن للعنف الأسري أثناء وباء كوفيد-19 لم يعرفن من أين يطلبن المساعدة في فترة فرض القيود على التنقل.
ساعدت علياء الأنصاري، إحدى القيادات النسائية في خلية أزمات النوع الاجتماعي، نساء عديدات في سرد قصصهن والحصول على الدعم الذي يحتجنه أثناء وباء كوفيد-19 والقيود المتعلقة به.
تقول علياء: "علينا أن نشجع النساء على نبذ الخوف. فالمرأة كانت دائماً ضحية، وأن نعمل معاً لتمكين بعضنا بعضاً من ممارسة القيادة، واتخاذ القرارات، وابتكار الحلول".
وعلى الرغم من التحديات اليومية التي تواجهها في عملها، فإن رؤية نساء أخريات يحصلن على الدعم ويمارسن نشاطهن المجتمعي مرة أخرى مصدر إلهام لها.
وتؤكد علياء: "أنا على اعتقاد تام أننا قادرون على إحداث تغيير".
بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، وبالتنسيق مع الجهاز المركزي للإحصاء في العراق والمؤسسات الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني، تركز خلية أزمات النوع الاجتماعي على تمكين النساء، مثل أماني، من خلال وضع منهجيات مبتكرة لإشراك الشركاء ورؤى جديدة لتمكين المرأة العراقية. وتعمل الخلية على معالجة تأثير الأعراف الاجتماعية والتحيز بين الجنسين أثناء الأزمات ومراجعة البروتوكولات القائمة لتعكس الظروف المتغيرة في ظل كوفيد-19. وتعمل الخلية، باعتبارها منصة لإيجاد حلول مبتكرة تعالج الأزمات من منظور النوع الاجتماعي، على تمكين النساء العراقيات والنهوض بأجندة المرأة والسلام والأمن.