إن تحقيق اهداف التنمية السبعة عشر في العراق أمر بالغ الأهمية لضمان ازدهار البلاد وتحقيق التنمية على المستوى البعيد، لكن تحقيق ذلك يتطلب تظافر جميع الجهود على المستويين الوطني والمحلي، ليس في العاصمة والمحافظات الكبرى فحسب، بل في جميع انحاء البلاد. هذا التكامل، المعروف باسم التوطين، هو المفتاح لضمان الشمولية في جميع أنحاء العراق.
ولما كان تحقيق أهداف التنمية المستدامة ذو انعكاس أكبر على المواطنين في مجالات شتى شملتها الأهداف السبعة عشر، نفذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مبادرة لإشراك الشركاء المحليين، بما في ذلك الجامعات ومراكز البحوث في المحافظات الأكثر احتياجاً لتحقيق التنمية.
أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مبادرة انخراط الشركاء المحليين مطلع عام 2019 في محافظات البصرة والأنبار وكربلاء كخطوة اساسية نحو توطين أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي، بالشراكة مع المؤسسات الحكومية ودوائر التخطيط ومكاتب الإحصاء، نظراً للدور الحاسم الذي يلعبه هؤلاء الشركاء في تنفيذ ومراقبة أهداف التنمية المستدامة. وتم اشراك ثلاث جامعات حكومية هي جامعة البصرة وكربلاء والانبار، بهدف المساعدة في التخطيط والتحليل وتقييم الاحتياجات محلياً بما ينسجم مع أجندة 2030.
اختيرت هذه المحافظات الثلاث نتيجة للتحديات المختلفة التي تواجه المجتمعات المحلية فيها. وتم فيما بعد إشراك محافظة المثنى مطلع عام 2020 بعد مشاورات ضمت البرنامج الإنمائي ووزارة التخطيط نتيجة ارتفاع معدل الفقر في المحافظة الى 52% وفقاً لآخر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء.
تركز المبادرة على اشراك جميع القطاعات لرسم السياسات ووضع الخطط في المحافظات المستهدفة، استناداً الى المعطيات والبيانات التحليلية المتعلقة بالتحديات التي تواجه المحافظات. إن ايجاد حلول لهذه التحديات ووضع الخطط سيسهم في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ويحد من نسب الفقر ويحقق التنمية على المدى البعيد.
في حين تكمن أهمية اشراك الجامعات في تشجيع تلاقح الافكار بين صناع السياسات والقرارات والأكاديميين، فضلا عن التركيز على اهمية الاستفادة من جميع البحوث والدراسات والتحليلات الاقتصادية والاجتماعية التي تساعد في فهم الواقع المحلي وتحديد الاولويات بما يتناسب مع أجندة التنمية.
"إن تفعيل أجندة 2030 سيكون له أثر إيجابي على الخدمات المقدمة لمواطني المحافظات، حيث سيقلل من معدلات الفقر، خاصة في المثنى التي تعاني من نقص حاد في الخدمات وارتفاع معدل الفقر. ومع ذلك، فإن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب إشراك القطاع الخاص مع واضعي السياسات وإدارات التخطيط لإيجاد حلول مبتكرة والاستفادة من التجارب السابقة، وهذا ما يطمح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تحقيقه". تقول سندس عباس، مديرة مشروع أهداف التنمية المستدامة لدى البرنامج الإنمائي
إن بناء الروابط بين الجامعات والمراكز الأكاديمية وأصحاب القرار ودوائر التخطيط أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات. حيث يمكن للدراسات والتحليلات الجامعية أن تزود صانعي القرار وواضعي السياسات بالمعلومات اللازمة لوضع الخطط ورسم السياسات. لذلك تسعى هذه المبادرة إلى ردم الفجوات لتسريع توطين أهداف التنمية المستدامة وتحديد أولويات المحافظات وبناء شراكات حقيقية مع جميع الأطراف لإيجاد حلول مبتكرة لتحديات التنمية.