"أثر فيروس كورونا على جميع اشكال الحياة – وليس فيما يتعلق بالجانب الصحي فقط"، تقول زينب البالغة من العمر 21 عاماً، والتي تعمل ممرضة في مستشفى الحسين في كربلاء. وتضيف: "يعاني الكثير من الناس من الفقر الذي تسببت به الجائحة، وهذا الضغط الاضافي تسبب بمشاكل أسرية داخل منازل السكان".
منذ تفشي جائحة كورونا في العراق أواسط شهر اذار الماضي، ارتفع عدد المصابين بالفيروس يومياً بشكل مطرد - حيث بلغ اجمالي الإصابات التي تم تسجيلها حتى الان اكثر من 175,000 حالة على مستوى البلاد. إلى جانب معدلات البطالة المرتفعة أصلاً، فإن تأثير الوباء على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للعراق يعتبر أمر بالغ الأهمية.
لكن، وعلى الرغم من سوداوية المشهد الذي يبعث على القلق، فان الامل مازال موجوداً. فمع بزوغ فجر كل يوم، يستيقظ الأطباء العراقيون والممرضون والممرضات وعمال البناء وعمال المطاعم وعمال النظافة واخرون من اجل الاستعداد لبدء يوم جديد. يتقدم هؤلاء الناس الصفوف الامامية من اجل التصدي لجائحة كورونا، فمنهم من يقدم الرعاية الصحية ومنهم من يعد وجبة طعام ساخنة ومنهم من ينظف مكان العمل او وحدات العزل الصحي التي تم بناؤها.
يقول مدير مستشفى الحسين في كربلاء، الدكتور صباح: " لا تقتصر الإصابة بفيروس كورونا على مجموعة محددة من المجتمع، لكنه يصيب كل فئات المجتمع ويؤثر على الخدمات التي يعتمد عليها الناس سواء كانت هذه الخدمات طبية او تلك المتعلقة بالأمور اقتصادية."
ويضيف قائلا:"بمجرد انحسار هذه الجائحة في العراق، أتمنى أن نتعلم منها، فيما يتعلق بالاقتصاد او البنى التحتية الطبية وتدريب الكوادر ووتوفير التجهيزات والمعدات الطبية... يجب مراجعة كل هذه الأمور". يعمل الدكتور صباح في إدارة مستشفى الحسين منذ عام 2004 فاضافة الى تخصصه في الجراحة العامة وجراحة المناظير. يقول: " يجب ان يعاد النظر في نقاط الضعف والقوة في نظامنا الصحي في العراق والتفكير في تجربتنا اثناء التصدي لهذا الوباء".
يبلغ عمر سجاد 24 سنة، وقد عمل فيما سبق في احد المطاعم، لكنه يعمل الان في مجال البناء للمساعدة في تشييد 20 وحدة عزل صحي في موقع مستشفى الحسين في كربلاء، وهو يعرف حجم مسؤولية العمل من اجل دعم الجهود الوطنية للاستجابة لأزمة فيروس كورونا.
يقول سجاد: "كنت قد بدأت العمل لما يقارب الأسبوعين وانا استمتع بعملي هذا – احب العمل في مجال اللحام على وجه التحديد". ويضيف قائلا: "يتملكني الشعور بأنني قد حققت إنجازا معيناً عندما أقوم بعملي على اكمل وجه وبافضل جودة".
لدى سجاد امال كبيرة بازدهار بلده بعد الانتهاء من جائحة كورونا، يقول: "بمجرد ان تنتهي هذه الفترة، أتمنى أن نصبح أكثر قوة – لنتغلب على القضايا الأكبر وأن نصبح مجتمعاً أكثر مرونة لمواجهة الأزمات".
الدكتور جبار، يبلغ من العمر 43 عاماً، يعمل طبيباً لعلاج الامراض الباطنية، كان قد لاحظ التغير الذي حصل على طبيعة عمله اليومي في المستشفى بعد تفشي جائحة كورونا واصابة الناس والمجتمعات في مختلف ارجاء العراق. يقول: "لقد تغير عملنا بدرجة كبيرة، لقد تم تكريس كل جهود الكوادر والتجهيزات الطبية من اجل الاستجابة لفيروس كورونا، لذا فقذ انخفضت نسبة استقبالنا للمرضى الذين يعانون امراضاً أخرى".
كان على الدكتور جبار، كغيره من العاملين في الخطوط الامامية لمواجهة الفيروس، ان يتأقلم للتغيير الذي طرأ على عمله في مجال الطب، وكذلك التغيير الذي اثر على حياته الخاصة في المنزل. يقول: "لا أستطيع معانقة وتقبيل اطفالي عند عودتي للمنزل، فبمجرد عودتي أقوم بالاستحمام فوراً. كما انام في غرفة منفصلة عن زوجتي واطفالي، بهذه الطريقة استطيع المحافظة على سلامتهم من اجل معاودة العمل مرة أخرى والمساعدة في التصدي لفيروس كورونا".
بالنسبة للعاملين في الخطوط الامامية فإن العمل مجهد لكن المكافأة التي يتم استحصالها من مساعدة من هم في أمس الحاجة لتلقي العلاج، أمر لا يقدر بثمن. يقول: "إن افضل شيْ في عملي هو ان اقدم العناية الكاملة للمرضى – العناية الطبية والانسانية".
يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على انشاء وحدات للعزل في مستشفى الامام الحسين بالشراكة مع الحكومة العراقية، وبتمويل سخي من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية.
ان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومانحيه ملتزمون بدعمهم العراق في تصديه لجائحة كورونا. مع امتناننا الشديد لجميع العاملين في الخطوط الأمامية – من الكوادر الطبية إلى عمال محلات البقالة – مازلنا نحتفظ بالأمل في تعافي العراق وبناء دولة أكثر مرونة.
حول استجابة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق لفيروس كورونا
منذ اذار 2020، عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جنباً الى جنب مع الحكومة العراقية والمجتمع الدولي من اجل مكافحة فيروس كورونا في العراق. حيث شملت حزمة الإجراءات التي اعتمدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق ضمن استجابته لجائحة كورونا، زيادة قدرة المختبرات الطبية في الكشف عن المصابين بالفيروس، وتوفير معدات الحماية الطبية اللازمة للعاملين في القطاع الصحي، إضافة الى انشاء وحدات عزل صحي واجراء تقييمات من اجل وضع استراتيجيات التعافي من الوباء، مع التركيز على دعم المجتمعات الأكثر فقراً في العراق. سيتم تنفيذ هذه الأنشطة في 13 منشأة صحية تتولى السلطات المحلية اختيارها في المناطق الأكثر فقراً في محافظات الأنبار وذي قار وديالى ودهوك وبابل والبصرة وكربلاء و كربلاء والنجف وميسان ونينوى وصلاح الدين.
يتم تنفيذ حزمة استجابة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق لجائحة كورونا تحت مظلة برنامج تحقيق الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.