إعادة بناء الحياة وتقوية المجتمعات: تمكين الشباب العراقي من خلال خدمات الصحة النفسية وتنمية المهارات

19 نوفمبر 2023

تتلقى السيدة أم عمر الدعم النفسي والإجتماعي من أحد مستشاري الشريك المنفذ. وبفضل دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تمكنت من العودة إلى منزلها مع عائلته.

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق 2023

مع نهاية النزاع في العراق، عادت عدد من الأمهات الشابات الأرامل إلى ديارهن. وفي الوقت الذي يجب ان تكون العودة إلى الوطن مبهجة لكن بالنسبة للكثيرين لم يكن الوطن مرحاباً كما كانوا يأملون.

 

استعادة الأمل بعد الخسارة- قصة ام عمر

ام عمر، إمرأة تبلغ من العمر 28 عاماً وأم لثلاثة أطفال، عادت من مخيم الهول في عام 2020 بعد وفاة زوجها وأحد أولادها. 

تقول ام عمر: "واجهت الرفض والتهميش أنا وعائلتي من الجميع حتى من أقاربي، وقد ساعدني تلقي الدعم النفسي والإجتماعي على التعامل مع الضغط، وفهم نفسي، والبدء في حل مشاكلي واحدة تلو الأخرى."

قصة أم عمر ليست فريدة من نوعها. تعاني العديد من الأرامل الشابات والعائلات من الوصم والتمييز عندما يُنظر إليهم على أنهم كانوا تابعين لتنظيم داعش بحكم الزواج أو الصلة بالمقاتلين المزعومين. يشكل هذا الإعتقاد عقبة مؤلمة لأولئك الذين يرغبون ليس فقط في العودة إلى وطنهم ولكن أيضاً في إعادة الاندماج في مجتمعاتهم المحلية.

يخلق الرفض الذي يتعرضون له على أيدي الأشخاص الذين يعرفونهم ويحبونهم القلق والتوتر العاطفي، وهو عبء إضافي على حياة هي بالاصل صعبة عليهم. ساعد دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعائدين في العراق، والذي يشمل خدمات الدعم النفسي والإجتماعي أم عمر و 300 فرد آخر خلال هذه المحنة العاطفية.

يتم ادراج  البرنامج الإنمائي للدعم النفسي والإجتماعي ضمن برامج السلام والتماسك المجتمعي كوسيلة لتعزيز قدرة العائدين وأسرهم على الصمود، مما يمكّنهم من الاندماج بشكل أفضل داخل مجتمعاتهم وتعزيز الشعور بالوحدة الإجتماعية التي كانت موجودة قبل الصراع ضد داعش. 

لدورة تدريبية في مواضيع الدعم النفسي والإجتماعي لمجموعة من النساء في محافظة الانبار.

الصورة: منظمة الرؤية العالمية 2023

تلقي المساعدة التي لم يعرفوا أنهم بحاجة إليها

الدعم النفسي والإجتماعي ليس شيئاً متاحاً أو معروفاً بشكل عام في العراق أو المنطقة ككل. في بعض أجزاء البلاد، لا تزال هناك وصمة عار مرتبطة بالبحث عن الدعم للصحة النفسية.

في العراق، تضمن جهود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن المجتمعات على دراية بوجود خدمات الدعم النفسي والإجتماعي وكذلك فوائد الخضوع لمثل هذا الدعم والتدريب.

تتحمل النساء في المجتمع العراقي أكثر من الرجال عبء الضغط العاطفي الناجم عن التحديات والصراعات اليومية التي يواجهنها كمعيلات لأسرهن. إن تكون المرأة بمثابة الاب والام في نفس الوقت يعدُ مسؤولية هائلة عاطفياً ومادياً على حد سواء. لقد غيرت خدمات الدعم النفسي والإجتماعي المقدمة من خلال دعم برنامج الأمم المتحدة حياة هؤلاء النساء إلى الأفضل حيث يتم تدريبهن على مهارات الحياة والتثقيف النفسي والعاطفي من خلال الجلسات الفردية والجماعية - والتي ساعدتهن على فهم أنهن لسن وحدهن، وأن لديهن الدعم الذي يحتاجونه للتغلب على الصدمة التي تعرضن لها.

بالإضافة إلى الدعم النفسي والإجتماعي يقدم البرنامج لأسر العائدين تدريباً مهنياً لتمكينهم من اكتساب المعرفة والمهارات التي يمكنهم استخدامها لإعالة أسرهم.

وقالت أم عمر: "أنا الآن قوية بما يكفي لمواجهة تحدياتي، وبفضل التدريب على الزراعة المستدامة، سأتمكن من إعالة أسرتي والشعور بأنني عضو فاعل في مجتمعي مرة أخرى".

الأمل بعد النزوح - قصة سعد

أثرت العودة والاستقرار مجدداً في المنزل بعد سنوات من النزوح الداخلي على العديد من الشباب الآخرين. بالنسبة للشاب سعد من بيجي في صلاح الدين، فقد أثرت فترة الخمس سنوات من العيش كنازح في كركوك على صحته النفسية. وقد أدت خسارة العائلة والممتلكات الشخصية خلال الصراع إلى تدهور صحته النفسية بشكل أكبر. 

وقال الشاب البالغ من العمر 24 عاماً: "كنت متردداً في البداية في المشاركة في المشروع، فكل شيء بدا مظلماً، ولم يكن لدي أي رغبة في المشاركة في الحياة خارج منزلي".

وبعد بعض الإقناع إنضم سعد أخيراً إلى جلسات الاستشارة. وقد ساعدته الجلسات الأولى على فهم ما كان يحدث بداخله ووضع خطة علاج بالاشتراك مع الطبيب المختص.

ويذكر سعد بسعادة: "لقد أعادت خطة العلاج حياتي. لقد تعلمت أن أحب الحياة مرة أخرى".

دورة التربية النفسية والإجتماعية للرجال في الموصل. تساعد هذه الدورات الرجال على فهم ما يدور في أذهانهم وتوفر منصة لمناقشة كيفية التغلب على صدماتهم.

الصورة: منظمة الرؤية العالمية 2023

كان سعد أيضا أحد الذين تم تدريبهم على الزراعة المستدامة - وهو أحد أنشطة التدريب المهني المقدمة جنباً إلى جنب مع دعم الصحة العقلية والدعم النفسي الإجتماعي.

"لقد ساعدني التدريب الزراعي على مواصلة المسيرة.إنها وسيلة للتعامل مع التوتر والعناية بنفسي وعائلتي"، واضاف سعد بأنها مكنته أيضاً من بناء صداقات جديدة في المجتمع.

واختتم قائلاً: "أشعر الآن بالاستقرار النفسي، ومع مهاراتي الجديدة، آمل أن أبدأ مشروعاً قريباً".

إن الدعم الذي يقدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لهذه المجتمعات يمس حياة الناس ويعيد الأمل. تم تزويد ما مجموعه 1,580 فرداً بدعم الصحة العقلية والدعم النفسي الإجتماعي والتدريب المهني من خلال الاجتماعي والاقتصادي والمرونة المجتمعية لمنع التطرف العنيف.الإجتماعي.

كما يقدم المشروع، الذي يتم تنفيذه في قضاء القائم وناحية الرمانة في الأنبار، وقضاء الموصل في نينوى، وقضاء بيجي في صلاح الدين، الدعم من خلال النقد مقابل العمل، وتنمية مهارات الأعمال، ومنح الأعمال الصغيرة، وتوفير فرص العمل المستدامة. وهو يدعم الفئات الأكثر ضعفاً بما في ذلك العائدين والنازحين داخلياً وأفراد المجتمع المضيف.

انتهى.

يعد مشروع الصمود الإجتماعي والاقتصادي والمجتمعي لمنع التطرف العنيف التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي جزءاً من جهوده الرامية إلى بناء مجتمع عراقي سلمي ومتماسك اجتماعياً. وقد تم تنفيذ المشروع بفضل المساهمات السخية التي قدمتها حكومة اليابان.