الاحتفال بالدعم الذي يقدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق لتحقيق المصالحة وإعادة الإدماج في العراق
متحدين للحد من العنف ضد النساء والفتيات اللاتي تعرضن للتهجير
5 ديسمبر 2023
بمناسبة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات وتحت شعار “متحدون من أجل إنهاء العنف ضـد المـرأة ”- فأننا نسلط الضوء اليوم على جهودنا المتميزة نحو عودة وإعادة إدماج النساء والفتيات العراقيات.
أثار ظهور داعش في عام 2014، موجة من العنف والنزوح في العراق. أدى هذا الصراع إلى نزوح حوالي 3.3 مليون شخص من ديارهم. وكان من ضمن النازحين عدد من النساء والأطفال الذين عانوا من التحديات الصعبة خلال النزوح، خاصة في مخيم الهول للاجئين والمناطق الأخرى.
خلال وقت عودة العديد من الأشخاص إلى ديارهم، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من مليون عراقي لا يزالون نازحين داخل البلاد وخارجها. ودعت حكومة العراق إلى عودة مواطنيها النازحين والمقيمين في مخيم الهول للاجئين في شمال شرق سوريا وغيرها من الأماكن خارج، الى ديارهم.
استجابة لهذه الدعوة، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق دعماً حاسماً لأولئك الذين عادوا إلى ديارهم في جميع أنحاء البلاد.
رحلة العودة
بالنسبة للنساء والأطفال الذين يعتبرون من أكثر الفئات ضعفاً في النازحين فإن العودة إلى الوطن لا تقتصر فقط على العودة الجسدية. إنها رحلة نحو الأمن والأمل لمستقبلا أكثر إشراقاً بانتظارهم وإمكانية بناء ما فُقده تحت الرُكام. كانت المحنة التي عانت منها مجتمعات بأكملها مليئة بالعنف والمشقة والتي لا تزال آثارها لا تمحى على أرواحهم. إن الضرر الذي يلحق بالصحة العقلية بسبب هذا النوع من الصدمات يؤثر على الروح البشرية. يجب أن يرافق التعافي الجسدي الشفاء العقلي والعاطفي، من أجل الوصول الى المعافاة التامة.
لا يقتصر دور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على دعم العودة الجسدية للأشخاص الاكثر عرضة للخطر، بل يعمل أيضاً على معالجة احتياجاتهم العاطفية والأساسية. لن يعود أحد إلى مكان لا يمكن فيه بناء مستقبل جديد ؛ ولهذا السبب يجب أن تحتوي المناطق التي تعود إليها هذه المجتمعات على مقومات الحياة الضرورية - مثل الطاقة والمياه النظيفة وتوفر الرعاية الصحية والتعليم، بالإضافة إلى فرص لكسب العيش. تسنح مقومات الحياة الضرورية للأشخاص العائدين، بالشعور بالرضا عن العودة - مما يمنحهم الإحساس بأنهم قادرون على إعادة البناء وربما استعادة ما فقدوه خلال سنواتهم المظلمة بعيداً عن ديارهم.
ومن اجل ضمان التماسك المجتمعي داخل المجتمع -والذي يعني ببساطة الشعور بالانتماء والعلاقات المتناغمة بين مكونات المجتمع نفسه، فأن إعادة بناء الروابط المشتركة التي كانت تربط المجتمعات معاً في السابق هي من الأولويات المهمة. وذلك لأن التقريب بين المجتمعات هو الطريق إلى السلام، ولا توجد تنمية بدون سلام، ولا سلام بدون تنمية.
دعم الصحة العقلية: علاج الجروح الدفينة
غالباً ما يبدأ الدعم الذي يقدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعلاج الحالة النفسية التي غالباً ما تكون غير مرئية للعيان والتي عانت منها النساء النازحات. من خلال برامجنا، نقدم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي التي تساعد النساء على التخلص من ثقل الصدمة الناتجة عن التجارب التي تعرضن لها لسنوات عديدة.
تمت استفادة ما يقارب 5,482 شخص حتى الآن بتوفير خدمات الصحة النفسية للعائدين والنازحين وأفراد المجتمع المستضيف مثل الاستشارة الفردية والتدخلات العلاجية الجماعية. يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي توفير مساحات آمنة للنساء والأطفال لمعالجة تجاربهم - وتعزيز التعافي والقدرة على الصمود.
التدريب المهني: بناء المستقبل وكسر القيود
يؤدي الوئام بين المجتمعات وتمكينها إلى تحقيق السلام الداخلي وأيضاً على مستوى المجتمع وغالباً ما يسبق الاستقلال الاقتصادي. يزرع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأمل، فرص كسب العيش من خلال تقديم التدريب المهني وتسليح النساء بالمهارات والمعرفة اللازمة لفتح افق جديد لهن. لا يفتح هذا التدريب الأبواب أمام الفرص الاقتصادية فحسب، بل يكسر أيضا القيود التي تُفرض عليهن بسبب الظروف القاسية. وتلقت أكثر من 3,000 امرأة التدريب في مجالات الزراعة والتطريز والتصوير الفوتوغرافي إضافة الى مهارات أخرى. ان العديد من هؤلاء النساء هن أرامل ومقدمات للرعاية الأولية لأطفالهن ويتحملن كامل العبء المالي لدعم اسرهن . فأصبحن المعيلات الرئيسيات بعد أن رحل أزواجهن أو آباؤهن أو إخوتهن، وتُركن بمفردهن. إن المهارات المقدمة في التدريبات سهلة التطبيق أثناء تواجدهن في المنزل، مما يسمح لهن برعاية أطفالهن في نفس الوقت.
دعم التماسك المجتمعي: تعزيز المصالحة والقبول المجتمعي
ان القادة المحليون هم حراس الدار الموثوق بهم في مجتمعاتهم، ويقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دعماً للتماسك المجتمعي لمختلف القادة بما في ذلك الزعماء الدينيين والسلطات المحلية ومجموعات السلام المحلية والميسرين المجتمعيين لتعزيز التماسك المجتمعي. تعتبر هذه المحادثات ضرورية لتعافي مجتمعات بأكملها بعد سنوات من الصدمة وعدم الاطمئنان الناجم عن الصراع.
استضاف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العديد من الحوارات المجتمعية، والمجالس البلدية، والدورات التدريبية في مناطق نينوى والأنبار وديالى وصلاح الدين وكركوك لتوفير منصات للتفاعل حول أهمية دعم أولئك الذين عادوا لمنازلهم وتحديد الخدمات الاجتماعية الضرورية من أجل صمود المجتمع. إحدى النتائج الأكثر تأثيراً التي حققها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في هذا المجال هي تدريب أكثر من 800 شخص من الزعماء الدينيين من مختلف الأديان شكلوا شبكة تعمل معاً لنشر رسائل السلام والتماسك في مجتمعاتهم.
دعوة للعمل: الاحتفال بـ 16 يوماً من النشاط
بدءاً من فرص كسب العيش ومبادرات بناء المجتمع، نعمل بلا كلل لدعم الجهود لإعادة بناء حياة أولئك الذين عانوا من العنف الناجم عن الصراع، والتأكد من أننا جزء من الحل في توفير سبل العيش والوسائل لمساعدتهم على التعافي من الصدمات. ودعم العودة الكريمة من خلال ضمان توفر الخدمات الأساسية للعائدين في تلك المواقع.
إن أمامنا طريقاً طويلا نحو التنمية، والسلام هو الوسيلة التي ستأخذنا إلى هناك. ونشكر جميع الذين عملوا معنا بما في ذلك حكومة العراق وإقليم كردستان وكذلك شركائنا في التمويل، الذين مكَن دعمهم، عملنا من الاستمرار. والأهم من ذلك أننا ممتنون لشبكتنا من الميسرين المجتمعيين، ومجموعات السلام المحلية، ومجموعات الشباب والنساء التي تقوم بالعمل الفعلي لبناء الروابط المكسورة.
إن الاستثمارات ليست مالية فحسب، بل إن الوقت والجهود المبذولة هي استثمارات فعلية. يعد دعم عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أمراً أساسياً لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات. معاً، دعونا نواصل الوقوف ضد العنف والعمل من أجل مستقبل يُمكِن كل امرأة وفتاة وطفل، بغض النظر عن ماضيهم، أن يزدهروا وأن يكونوا مساهمين نشطين في تشكيل السلام والتنمية في العراق في المستقبل.
-النهاية-