شكّل تأكيد أول حالة إصابة بفيروس كورونا مختبريًا في اليمن علامة فارقة جديدة في الأزمة المستمرة، وفي حال تُركت بدون الإجراءات المناسبة، ستؤدي إلى تفاقم أسوأ أزمة إنسانية وتنموية في العالم. يرجع ضعف البلاد الجليّ أمام الفيروس إلى أكثر من خمس سنوات من الصراع نتج عنها نظام صحي متهالك بالفعل.
في بلد يزيد عدد سكانه عن 30 مليون نسمة، يوجد ثلاثة أطباء وسبعة أسرّة مستشفيات لكل 10 الاف شخص، 51٪ فقط من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها وثلثي اليمنيين لا يحصلون على الرعاية الصحية الأساسية. مع قدرة تشخيص محدودة، بما في ذلك ثلاثة مواقع اختبار فقط في صنعاء وعدن والمكلا، فإن انتشار فيروس كورونا سيجلب معاناة إنسانية لا حدّ لها وسيقضي على نظام الرعاية الصحية في اليمن.
يواجه العديد من اليمنيين ظروفًا غير مُعلنة أو لم يتم التطرق لها تتسبب في تعريضهم لخطر أكبر وتقوّض الاستعداد والاستجابة للوباء. بعض هذه الظروف تشمل نقص الغذاء والخدمات الصحية والبُنية التحتية على النحو المبين في دراسات تأثير الحرب في اليمن لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. حتى الشيء الذي يبدو بسيطًا مثل غسل اليدين قد يُعتبر رفاهية في اليمن حيث يفتقر نصف السكان إلى الوصول إلى مياه آمنة وأنظمة صرف صحي وكذلك النظافة الصحية. ويبدو مستحيلاً تحقيق التباعد الاجتماعي بين للأُسر الفقيرة بينما يعيش 3.6 مليون نازح في مناطق مكتظة.
لذلك يجب ألّا تأتي جهود مواجهة فيروس كورونا على حساب المساعدات الإنسانية الحيوية التي ستسهم بشكل كبير في الجهود المبذولة. ستجبر الاستجابة الإنسانية غير الكافية السكان اليمنيين الأكثر ضعفاً على تبني استراتيجيات تكيّف سلبية للبقاء على قيد الحياة وستزيد من خطر المجاعة في بلد لا يعرف فيه بالفعل أكثر من 10 ملايين شخص من أين ستأتي وجبتهم التالية.
ببساطة، ستكون النتائج كارثية في حال استمرار نقص التمويل لمواجهة جائحة كورونا مع عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية. بالفعل، سيضطر 31 من 41 برنامج تابع للأمم المتحدة يعمل في اليمن إما إلى تخفيض مساعدتها أو الاغلاق التامّ إذا لم يتوفر التمويل اللازم.
تعمل الأمم المتحدة وشركاؤها الدوليون والمحليون على إيجاد استجابة صحية فعالة وسريعة من شأنها أن تساعد في كبح موجة الانتشار، السيطرة على منحنى الحالات المصابة وبالمقابل إنقاذ أعداد لا تحصى من الأرواح. كما يجب علينا ألّا ننسى أن أحد الأسباب الخفية والتي تساهم في انتشار الفيروس هي عدم المساواة الجليّ وكذلك الفقر المدقع.
وما لم تحتوي هذه الاستجابة على عناصر الحماية الاجتماعية القوية وعناصر الانتعاش الاقتصادي، فإن الوباء سوف يدمر أفقر البلدان وأكثرها عدم مساواةً في العالم. يحتاج اليمنيون إلى الحصول المستمر على الاحتياجات الأساسية مثل الرعاية الصحية والغذاء والدخل للمساعدة في الاستعداد للفيروس ومكافحته وللسماح لأي استجابة صحية أن تكون فعالة. هناك حاجة ماسة إلى أموال إضافية لزيادة توسيع برامج الحماية الاجتماعية وحماية الاقتصاد الهش في اليمن.
لضمان تسوية منحنى انتشار فيروس كورونا، يجب اتخاذ خطوات جريئة في جميع أنحاء اليمن لتمكين استجابة صحية فعّالة.
• يجب تمكين السلطات المحلية العاملة في الخطوط الأمامية لمجابهة الوباء و تفويضها بالكامل للتغلب على التقسيم الحالي في السلطة والموارد للسماح بالتخطيط والتنفيذ الناجحين.
• يجب على الأطراف المتحاربة وضع الاختلافات جانباً والموافقة على استئناف دفع الرواتب ومعاشات التقاعد في جميع أنحاء البلاد، والتي لم يتم دفع بعضها منذ عام 2016.
• يجب أن يعمل التحالف بقيادة السعودية والأحزاب معًا لضمان استمرار تدفق التحويلات بشكل مضطرد إلى البلاد، حيث من المتوقع أن تنخفض التحويلات بنسبة تصل إلى 70 في المائة، وهي ضربة مدمرة للملايين الذين يعتمدون على 3.5 مليار دولار أمريكي سنويًا من التحويلات، بما في ذلك 2 مليار دولار أمريكي من أولئك المغتربين في المملكة العربية السعودية.
• يجب زيادة التحويلات النقدية المباشرة وبرامج النقد مقابل العمل للمساعدة في ضمان حماية اليمنيين من خلال توفير الرعاية المناسبة للعائلات خلال فترات طويلة من الإغلاق والتباعد الاجتماعي حيث لا يمكنهم تحمل البقاء في المنزل.
الآن وأكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة للعمل الجريء والتضامن والتعاون لرؤية هذه الأزمة تبتعد بعيداً. يجب أن نعمل معًا لضمان حصول الشعب اليمني على ما يستحقه - حياة بلا خوف من الصراع والأمراض، وحياة بكرامة وأمل في مستقبل أفضل.
اليمن لا يمكنه الانتظار.