حوارات لتمهيد الطريق نحو التعافي

تعزيز قبول العائدين وإعادة دمجهم واستقرارهم من خلال جلسات حوارية في المجتمعات المحلية

14 مايو 2024

صورة للمشاركين خلال الاجتماعات المحلية في بعقوبة، محافظة ديالى.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2024

يعيش ما يقارب المليون عراقي وعراقية حياة النزوح خارج العراق عقب احتلال داعش. ويعتقد الكثير منهم ان رحلة العودة الى الوطن يشوبها الكثير من التعقيد خصوصاً ممن يُعتَقد بإنتمائهم لتنظيم داعش.

 وبالرغم من التحديات المعقدة فأن حكومة العراق لم تتدخر أي جهد لتضمن عودة كل العراقيين لموطنهم. فقد رحبت الحكومة بالعديد من النازحين القادمين من مخيم الجدعة-1 التأهيلي، والذي يعمل على تهيئتهم لرحلة العودة لمنازلهم.

وبالرغم من الجهود المبذولة فأن المسار نحو دمج العائدين مع سكان مناطقهم مازال يشهد بعض التوتر. حيث تستمر المجتمعات التي عانت من الصدمات في الماضي مترددة في الترحيب بالعائدين في مناطقهم. إدراكاً لهذا الوضع، يتعاون برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع حكومة العراق لتعزيز تقبّل المجتمعات المحلية للعائدين في مناطق العودة.

يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الحكومة العراقية على تسهيل حوارات مهمة في مناطق العودة بمحافظات الأنبار وكركوك وديالى، وذلك من خلال سلسلة من الاجتماعات العامة المفتوحة. وقد أصبحت هذه الاجتماعات منصة موحدة تجمع وجهات النظر المختلفة لمناقشة أهم احتياجات المجتمعات، وتعزيز التماسك المجتمعي والاستقرار في الوقت نفسه.

 

منصة لمناقشة الحلول لتحديات تقديم الخدمات الاجتماعية: الشيخ حميد في الفلوجة

الشيخ حميد هادي العرسان عضو لجنة السلام المركزية في الأنبار ومشارك في الاجتماع العام في الفلوجة.

وخلال الاجتماع الأول الذي تم عقده في الفلوجة في محافظة الانبار،  أشار الشيخ حميد هادي العرسان أحد الأعضاء الرئيسين في لجنة السلام المركزية في محافظة الانبار الى وجود تردد من قبل المجتمع المحلي لأحتضان العائدين في بادئ الامر.

وقال الشيخ حميد: " كان هنالك رفض واسع من قبل المجتمع الانباري لعودة النازحين خاصة أولئك اللذين يشتبه بإنتمائهم لتنظيم داعش بسبب ظلوعهم بمقتل العديد من العوائل في الانبار. ويضيف الشيخ حميد انه بمجرد معرفتنا بهذا الرفض بادرت لجنة السلام المركزية في الانبار مع شيوخ العشائر بوضع وثيقة عهد الانبار- وهي عبارة عن خارطة طريق ساعدت على عودة الكثير من النازحين بدعم من الحكومة العراقية وبالاتفاق مع المجتمعات المحلية خصوصاً عائلات الضحايا." 

توحيد وجهات النظر المختلفة – جمال من عنه،  محافظة الانبار.

جمال ناصر طه الذي يبلغ من العمر 36 عاماً هو أحد أهالي قضاء عنه والذي يعمل أيضاً كرئيس لمجموعة نبض الأمل التطوعية. تدعم المجموعة التطوعية مختلف جهود إعادة الإدماج المجتمعي - مما يساعد العائدين وأفراد المجتمع الآخرين على الوصول إلى برامج سبل العيش والدعم النفسي والاجتماعي التي يقدمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهات الفاعلة الأخرى. كمتطوع، قال جمال أن إحدى العوائق الرئيسية التي يواجهها تأتي من رفض العائلات لفكرة وجود العائدين.

يقول جمال: "تعد الاجتماعات العامة منصات مهمة لجمع وتقريب وجهات النظر المختلفة معاً وفي مكان واحد، مما يمنح أفراد المجتمع فرصة اللقاء لمناقشة وجهات النظر المختلفة في اَن واحد"، مضيفاً أنه يأمل أن يتم توسيع نطاقها لتعم فائدتها الأفراد والمجتمعات كافة.

 

نمذجة التعايش والوحدة – هدى من كركوك

هدى محمد السابل، رئيسة دائرة التربية والتعليم والمتطوعين في محافظة كركوك تشارك هنا تجاربها خلال الاجتماع العام.

وترى هدى محمد السابل، رئيسة قسم التعليم والتطوع في حكومة كركوك المحلية، أن هذه التجمعات مهمة جداً لتقليص الفجوة بين العائلات العائدة وأفراد المجتمع الآخرين. "ولو القيت نظرة على قاعة الاجتماع، فسترى مختلف النساء وأفراد المجتمع يجسلون سوية.  تعتبر هذه الاجتماعات نموذجاً للتعايش وامتداداً للعمل الذي نقوم به لتعزيز إعادة الإدماج والتماسك.

وفي إطار عملها في دائرتها، تتلقى الأسر العائدة دعماً شاملاً، بما في ذلك التدريب المهني لتزويدهم بمهارات جديدةأوأساسية للحصول على فرص عمل وإعالة أسرهم. تقدم هذه البرامج أكثر من مجرد تنمية المهارات، فهي فرص للتفاعل مع الآخرين في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، يقوم فريقها بإجراء حملات توعية حول التماسك المجتمعي في المدارس والتجمعات المختلفة، لتعزيز الشعور بالوحدة والتفاهم.

 

منصة للتواصل – ميرفت، ديالى.

ميرفت حازم محمد (في الوسط)، أحدى الشابات اللواتي حضرن الاجتماعات العامة في ديالى.

وتظل البطالة أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على الشباب في مناطق العودة. ولذلك فإن الاجتماعات العامة هي مكان للتواصل والالتقاء بأشخاص مختلفين يمكنهم توفير روابط لفرص العمل.

وقالت ميرفت حازم محمد، شابة في العشرينيات من عمرها، ”شخصياً، ساعدتني ورش العمل على التواصل مع الأشخاص المؤثرين، مما مكنني من العثور على عمل والانخراط في العمل التطوعي“. وأوضحت أن اللقاءات وسعت آفاقها الثقافية وعززت تطورها الشخصي.

 

تمهيد الطريق نحو السلام والتنمية المستدامين

 

قال محمد كوبورلو ، رئيس منظمة كردستان لحقوق الإنسان الذي أدار الاجتماع العام في محافظة كركوك.

"من المهم جداً أن نجعل المجتمعات تتحدث، حيث عانى الكثير منهم من فقدان أحبائهم وممتلكاتهم. وبينما يتوق الكثيرون إلى استئناف حياتهم، فإنهم يخشون أيضاً من عملية العودة هذه. ستكون هذه العملية طويلة الأمد، لذا فإن تسهيل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لهذه المحادثات أمر حيوي" 

يتم تنظيم هذه الاجتماعات بالشراكة مع الشركاء المحليين مثل جمعية التحرير للتنمية، حيث يحضر هذه الاجتماعات ممثلو الحكومة  المحلية ولجان السلام وزعماء القبائل ورجال الدين والمجموعات الشبابية والنسائية ومسؤولي الأمن والعائدين واطراف مختلفةفي المجتمعات. وتعتبر هذه الاجتماعات بمثابة منصات لمناقشات من شأنها تداوي الجروح وتطيب الخواطر، وترفع مستوى الوعي حول عملية العودة، وتعزز الدعم المجتمعي للعائدين، وهو أمر ضروري لإعادة إدماجهم بنجاح. خلال الاجتماعات، يقترح المشاركون أيضاً أفكاراً لمبادرات يقودها المجتمع المحلي يمكنهم تحسينها وتنفيذها لاحقاً بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتعزيز قبول المجتمع وتماسكه.

وإجمالاً، اجتذبت الاجتماعات 340 عضواً من المجتمع المحلي عبر المحافظات الأربع، منهم 114 امرأة. وتوجه التوصيات الصادرة عن الاجتماعات كلاً من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والحكومة في معالجة احتياجات المجتمعات الأكثر إلحاحاً مع تقدم العراق نحو التنمية المستدامة.

وضمن برنامج التماسك المجتمعي، يستخدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نهجاً متكاملاً من خلال الاجتماعات المفتوحة وبرامج سبل العيش لتعزيز العودة وإعادة الإدماج والتماسك المجتمعي والاستقرار في مناطق العودة.

 

النهاية .

يدعم برنامج التماسك المجتمعي المتكامل والتابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الجهود الرامية إلى بناء مجتمعات مسالمة وأكثر تماسكاً في العراق. وقد تحقق هذا البرنامج بكافة نشاطاته بفضل المساهمات السخية المقدمة من مختلف الجهات المانحة من خلال نوافذ التمويل التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.