أسميتها سولاف !

عندما يكون حب الحياة والأمل أقوى من أي شيء آخر.

3 يونيو 2024

 

يبدأ عبد الكريم صالح قصته بالقول: "أسميتها سولاف [1]، وهو اسم كردي يعني الشلال، حيث يرمز إلى تيار الماء القوي والسريع". ومن خلال اختيار هذا الاسم لابنته، أراد عبد الكريم أن يعبر عن عودة الحياة القوية والسريعة إلى منزله، إلى جانب الوحدة والصمود في المنطقة. وُلدت سولاف في الوقت الذي عاد فيه عبد الكريم إلى منزله، الذي دُمر أثناء الصراع  مع داعش. ومثل ملايين العراقيين الآخرين، اضطرت عائلته إلى الفرار، تاركين وراءهم كل شيء.


[1] "سولاف" اسم كردي يعني شلال الماء، حيث يرمز إلى مجرى مائي قوي وسريع الحركة.

 

 

عبد الكريم، البالغ من العمر 35 عاماً، هو أب لثلاثة أطفال، سولاف الصغرى بينهم، تبلغ اليوم من العمر عشرة أشهر. عاد عبد الكريم إلى منطقتة في الشرقاط  التابعة لمحافظة صلاح الدين وإلى منزله بعد أن قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإعادة تأهيله بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتمكن من استئناف عمله كعامل بأجر يومي. يقول عبد الكريم: " أعرف أن عملي بسيط، ولكن رغم بساطته، أعتقد أنه سيساعد بشكل أو بآخر في إعادة النشاط إلى المنطقة وعودة الحياة إليها، نريد أن نحيا حياة كريمة وطبيعية، حياة نستحقها".

 

Story with Two Photos
Photo 1 Photo 2

 

بعيداً عن البيت.

يتذكر عبد الكريم اللحظات الصعبة التي عاشها هو وعائلته أثناء فرارهم من داعش: "أجبرتنا الحرب على الفرار. هربت مع عائلتي إلى عدة أماكن، واضطررنا إلى الاختباء حيثما أمكننا ذلك. في بعض الأحيان، لم تكن المناطق التي بحثنا فيها عن الأمان مناسبة للعيش فيها، ولكننا كنا بحاجة إلى البقاء على قيد الحياة. كانت هناك أوقات ننام فيها في الخارج في العراء، دون سقف ولا جدران لحمايتنا. كنت أخشى أن يتعرض أطفالي الى لدغات الحشرات والعقارب، وعندما حدث ذلك استخدمت مراهم لتخفيف آلام لدغاتهم. لقد كانت فترة صعبة وعانينا كثيراً".

 

 

النهوض من الرماد: إعادة بناء حياتهم بعد الدمار

بعد تحرير الشرقاط، بدأ عبد الكريم العمل على إعادة بناء منزله. في البداية، ساعدته عائلته في وضع حجر الأساس وبناء غرفة واحدة. لاحقاً، تمكن من بناء غرفتين إضافيتين، إلى جانب حمام من خلال مشروع الإسكان في إطار برنامج اعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. حيث تمكن البرنامج والممول من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من أعادة تأهيل 1,317 منزلاً في محافظات مختلفة، بما في ذلك الأنبار، صلاح الدين، نينوى، كركوك، مما سمح لأكثر من 7262 شخصاً بالعودة إلى مناطقهم بأمان وكرامة.

 

 

واجه عبد الكريم، مثل العديد من العائلات الأخرى التي فرت من داعش، ظروفاً صعبة، واضطر إلى الانتقال من مكان إلى آخر من أجل البقاء على قيد الحياة. "للمرة الأولى، عرفت ما هو شعور العطش حقاً، حيث أن المياه كانت محدودة. كنا نعيش أحياناً في العراء، محاطين بالظلام لعدم توفر الكهرباء. وأضاف: "كدت ان أتوقف عن الأمل في مستقبل أفضل بسبب قلة فرص العمل".

أحياناً في العراء، محاطين بالظلام لعدم توفر الكهرباء. وأضاف: "كدت ان أتوقف عن الأمل في مستقبل أفضل بسبب قلة فرص العمل".

يقول عبد الكريم: “أعدنا بناء حياتنا من الصفر. لم يكن لدينا أي شيء على الإطلاق، ولكن للمرة الأولى منذ فترة طويلة، كان لدي أمل!"

 

 

البيت السعيد.

اليوم، أصبح عبد الكريم شخصاً جديداً، مفعماً بالأمل في المستقبل. وهو يشعر بالامتنان لإعادة بناء منزله، مما سمح لعائلته بالعودة إلى منزلهم بأمان.

"أتمنى لو تستطيع ان تعرف مدى شعوري بالامتنان. فبدون هذا الدعم، لم أكن لأتمكن من العودة إلى منزلي. والآن بعد أن عدت، أصبحت عائلتي معي مرة أخرى، وبدئنا فعلياً في العودة إلى حياتنا الطبيعية. أتمتع بظروف معيشية لائقة وقد أصبحت اليوم جزءاً نشطاً من المجتمع مرة أخرى مع عائلتي".

خلال الصراع ضد داعش، أُجبر الملايين على الفرار، تاركين منازلهم وحياتهم وراءهم. ونتيجة لذلك، فقد تعرضوا لدمار واسع النطاق وسنوات من عدم الاستقرار. أعطى هذا البرنامج الأولوية لبناء المنازل للأسر الأكثر ضعفاً. وشملت جهود إعادة التأهيل إعادة بناء الجدران وترميمها، واستبدال النوافذ والأبواب، وصيانة أنظمة الكهرباء والصرف الصحي. تم اختيار المناطق المستهدفة بناءً على المشاورات مع الحكومة المحلية، مع الأخذ في الاعتبار عدد العائدين ومدى الأضرار التي لحقت بالمنازل.

اليوم، يتعافى العراق تدريجياً، ويعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بشكل وثيق مع الحكومة العراقية والمجتمع الدولي لإعادة بناء المدن التي دمرها تنظيم داعش وضمان عودة آمنة وكريمة للنازحين إلى ديارهم مرة أخرى.

 

حول البرنامج.

تم تنفيذ المشروع من قبل برنامج اعادة الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وذلك لضمان عودة آمنة وكريمة للنازحين بعد تحرير مناطقهم، وكذلك لمساعدتهم على التغلب على الصعوبات للعودة إلى الحياة مرة أخرى ومواصلة حياتهم و العمل بشكل طبيعي.