في عام ٢٠١٥م، تسببت الأزمة الإنسانية الناجمة عن النزاع المسلح المستمر في اليمن بضعف اجتماعي-اقتصادي غير مسبوق. أصبح انعدام الغذاء والماء، انعدام مصادر الطاقة، النزوح، وسوء التغذية، من المصاعب اليومية لسكان اليمن، الذين يندرج 62% منهم تحت خط الفقر.
وقد كُلف فكري المعافا، المنسق المحلي لبرنامج الحماية الاجتماعية للمرونة المجتمعية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، بالاستجابة لاحتياجات اليمن الاجتماعية-الاقتصادية وتوفير مصادر الموارد الطبيعية الأكثر إلحاحاً خلال هذه الأزمة. ولتعلم كيفية القياس الشامل لأوجه الحرمان التي يواجهها اليمنيون، التحق فكري في الدورة التدريبية "تصميم مؤشر الفقر متعدد الأبعاد" ضمن برامج التدريب الشاملة المتاحة على الأنترنت (MOOC)، الذي يقدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع مبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية (OPHI).
"أنا ممتن جداً لتضميني في هذا التدريب المهني الممنهج. تعلمت كيفية البدء في إعداد مؤشرات متعددة الأبعاد للفقر وكيفية الوصول إلى هدفي في هذه العملية. كانت دراسات الحالة عملية للغاية وعززت معرفتي بكيفية تطبيق هذه المؤشرات في بلدي في مرحلة ما بعد الصراع".
وقدمت الدورة رؤية مبنية على آراء الخبراء حول الخطوات التي ينطوي عليها تحديد مؤشر شامل ومتعدد الأبعاد للفقر والذي يعكس الجوانب غير النقدية للفقر في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والصرف الصحي والعمالة والأمن الغذائي والبيئة وغيرها من المعايير المعيشية. وبهدف استعادة سبل عيش الفئات الضعيفة من السكان من خلال تحسين فرص الحصول على الموارد الطبيعية والمالية، أدرك فكري أن استخدام إحصاءات الفقر فقط من شأنه ترك الملايين من الناس دون أي خدمات. وأصبحت طريقة ألكير فوستر للقياس متعدد الأبعاد للفقر التي تم دراستها خلال الدورة حلاً جاء في الوقت المناسب ومن شأنه أن يسمح لفريقه برؤية صورة مغربلة للفقر في المجتمعات التي يخدمها برنامج الحماية الاجتماعية للمرونة المجتمعية.
وعلى مدار هذه التجربة التعليمية، اكتسب فكري مهارات عملية يمكن أن يطبقها هو وفريقه من أجل تحسين نهجهم في تحديد الفئات الضعيفة واستخدام التدخلات المناسبة. فعلى سبيل المثال، أستفاد فكري المعافا من دراسات الحالة للبلدان التي نجحت في استخدام المؤشرات الوطنية متعددة الأبعاد للفقر في خلق رؤية للخطوات الأولية الواقعية لتنفيذ التدابير غير النقدية في مرحلة ما بعد الصراع في اليمن للتعجيل بتدابير الحد من الفقر.
وكان الوصف التدريجي للعملية التقنية لتصميم مؤشرات الفقر الوطنية متعددة الأبعاد هو الأكثر مطابقة لأهداف فكري. كما أن وصف المسار من تعريف وحدة التحليل إلى اختيار أدوات وقف الفقر زاد من ترسيخ فهمه للحاجة إلى نهج متعدد الأبعاد لقياس الفقر. وأصبح من الواضح أن المقاييس المتعلقة بالدخل فقط لن تعكس حالة الفقر الحقيقية للأفراد والأسر اليمنية، وبالتالي فإن التدخلات في مجال السياسة العامة لن تلبي احتياجات الفقراء على النحو المراد.
والتزاماً بتقديم الدعم في المجالات التي تشتد فيها الحاجة، أصبح فكري مهتماً اهتماماً خاصاً باستخدام مقياس الفقر المتعدد الأبعاد في استهداف الفئات الأكثر احتياجاً. وفي سياق برنامج الحماية الاجتماعية، سيتيح التقييم السليم لمستويات الحرمان وتحسين نُهج الاستهداف متعدد الأبعاد للفقراء ليس فقط للحصول على فرص النقد مقابل العمل، أو الرعاية الصحية، أو التعليم، أو المياه فحسب، بل سيحصلون على كل أوجه الدعم اللازمة إذا ما اعتبروا محرومين منها.
"بعد الدورة التدريبية، أدركت أنه ينبغي تطبيق كل هذه المهارات منذ بداية أي مشروع إنمائي. والآن سيقوم فريقي بمواءمة عملنا مع نهج قياس مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد من أجل تصميم التدخلات المناسبة لاستهداف الأشخاص الأكثر احتياجاً. ويعرّف قياس مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد الاحتياجات للفئات الضعيفة كحزمة كاملة ولا يمكن معالجتها بنوع أو نوعين من الخدمات فقط".
ومع استمرار برنامج الحماية الاجتماعية في دعم ملايين اليمنيين من خلال توفير إمكانية الوصول الى المياه والتعليم وتحسين الطرق، وتزويد المجتمعات المحلية بالطاقة الشمسية، وخلق أو تحسين حالة الأراضي الزراعية، لا يمكن التقليل من أهمية تدريب الخبراء الذين يشاركون بكامل جهدهم في تدخلات الحد من الفقر. بعد اكتساب المهارات اللازمة لتطوير أداة شاملة لقياس الفقر، يخطط فكري المعافا لتحسين الطريقة التي يتعامل بها مع هذه المهمة الصعبة التي تم توكيله فيها. ولديه الآن رؤية واضحة لإعادة النظر في الاستراتيجية الحالية لاستهداف الفئات الضعيفة، فضلاً عن آليات التنفيذ ذات الصلة. وأصبح فكري مستعد لاتخاذ الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الهدف من خلال تحليل البيانات المتاحة وبناء القدرات للمعنيّ من العاملين في مجال التنمية، حتى يتمكنوا من اتباع نهج منسق من أجل وضع آليات أكثر تبسيطاً وفعالية للحد من الفقر.
"يجب استخدام هذه الدورة لتدريب العاملين في مجال التنمية على تحسين أوجه تحديد واستهداف الفئات الأكثر احتياجا. وترقى هذه الدورة إلى مستوى الحدث من خلال تسليط الضوء على نهج شامل جديد يلهم الناس ليكونوا صناع التغيير في مجتمعاتهم".
ويعتزم فكري المساهمة في دعم حكومة ما بعد النزاع في اعتماد آلية قياس متعدد الأبعاد للفقر لتخدم استراتيجيات الحد من الفقر. وتبدأ الخطوة الأولى لوضع هذا الإطار في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن من خلال برنامج الحماية الاجتماعية. وتنطوي الرؤية الطويلة الأجل على تعاون بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن والحكومة في إدماج تدابير الفقر المتعددة الأبعاد في النظام الوطني من أجل ضمان رعاية المحتاجين عبر محافظات اليمن.
"أوصي بأن جميع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، ولا سيما تلك العاملة في مجال التنمية، لا تأخذ هذه الدورة فحسب، بل أن تشجع أيضاً الاستخدام أدوات القياس المتعددة الأبعاد للفقر ليكون لها تأثير أكبر على قدرة المجتمعات المحلية على الصمود. وأعتقد أن أداة مقياس الفقر متعدد الأبعاد ينبغي أن تكون أداة التغيير في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن وفي جميع أنحاء العالم".
ويوصي فكري بالدورة ليس فقط للزملاء من الوكالات الحكومية الدولية والحكومات الوطنية، ولكن أيضا للشركاء المحليين الذين غالباً ما ينفذون تدابير الحد من الفقر استناداً إلى بيانات الدخل فقط. ويضيف بأن تصميم آليات وطنية للقياس المتعدد الأبعاد للفقر المنفذة في جميع أنحاء العالم لن تؤدي فقط بالدفع نحو تحقيق الهدف الأول للتنمية المستدامة للأمم المتحدة المتمثل في القضاء على الفقر، ولكن أيضاً نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠م لتحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
إذا كنت مهتماً بمعرفة المزيد عن النهج متعدد الأبعاد للقضاء على الفقر وتصميم نموذج وطني لها، فسجل في وحدة "تصميم مؤشر الفقر متعدد الأبعاد" الذي سيصبح متاحاً هنا في ١١ مايو ٢٠٢٠م.
نتطلع للتعلم معكم!