حساسية النزاع وتمكين التماسك المجتمعي
17 أكتوبر 2024
يواصل العراق انتقاله إلى كونه بلد أكثر استقرارا وأماناً وتماسكاً. ومع ذلك، فإن تقدم البلاد يعوقه عدة عوامل، بما في ذلك التأثيرات الخطيرة للحرب ضد داعش - وأبرزها العودة الدائمة للنازحين داخلياً. إن الوضع السياسي والأمني المتغير بسرعة في العراق، إلى جانب الموارد المحدودة، يجعل من الصعب على المنظمات غير الحكومية والشركاء المحليين في العراق اتخاذ قرارات برمجية تفاعلية متوافقة مع السياق العام، وهنا يأتي دور النهج الحساس للنزاع.
تتضمن حساسية النزاع فهم وتحليل كيفية تفاعل التدخلات التنموية أو الإنسانية أو بناء السلام مع متغيرات النزاع في سياق معين. الهدف هو تقليل الآثار السلبية غير المقصودة وزيادة المساهمات الإيجابية للأنشطة في الحفاظ على السلام. هذا النهج يرتبط بجميع أنواع التدخلات، ليس فقط في حالات النزاع النشط، ولكن أيضاً في سياقات العنف الكامن والنزاعات المطولة.
من خلال برنامج التماسك المجتمعي، يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ببناء قدرات تشكيلات فرق السلام المجتمعية القائمة، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والمسؤولين المحليين، عبر محافظات العراق لدمج النهج الحساس للنزاع في برمجة التماسك المجتمعي. شمل هذا المشروع ثلاث مجموعات من التدريبات في الأنبار وديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك، وتم تمويله من قبل حكومة الدنمارك.
نور الدين الحمداني هو منسق المتطوعين لمجموعات الشباب والنساء للسلام التي أنشأها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2020. بناءً على هذه التجربة، أسس نور الدين منظمة غير حكومية محلية في الأنبار تحت اسم منظمة السلام للتعايش السلمي. كانت المنظمة واحدة من 26 منظمة شاركت في تدريب حساسية النزاع.
"كان هذا التدريب مهماً لي كمنسق لمجموعتين من المتطوعين ومؤسس لإحدى المنظمات غير الحكومية المحلية في الأنبار. قبل هذا التدريب، كنت أعمل على تحليل النزاع بطريقة تقليدية، لكن الأدوات الجديدة المقدمة في هذا التدريب جعلتني أعيد النظر وستساعدني في التخطيط بشكل أفضل لكيفية تصميم وتطوير مبادرات التماسك المجتمعي في المستقبل."
قدمت سلسلة الورش للمشاركين معرفة بمبادئ نهج "عدم الإضرار"، والعوامل البناءة والمدمرة، وأنماط التأثير، والتحليل الدقيق، تلاها عمل جماعي، وعروض تقديمية، وتطوير توصيات وخطوات مستقبلية من قبل المشاركين.
وفقًا للدكتورة بثينة محمود، المديرة التنفيذية لمنظمة حواء للإغاثة والتنمية، ومقرها محافظة ديالى، فإن التدريب سيؤثر إيجاباً على المشاريع المستقبلية التي تصممها وتنفذها منظمتها.
"في هذا التدريب، تم تقديم وشرح مبادئ عدم الإضرار من خلال أمثلة عملية تتعلق بسياقنا، خاصة وأن منطقتنا مرت بسلسلة من النزاعات التي أثرت على حياة أفراد المجتمع. كمنظمة مجتمع مدني، فإن فهمنا لمفهوم حساسية النزاع ودمجه في مشاريعنا أثناء تحليل العوامل البناءة والمدمرة سيجعل تأثير مشاريعنا أكثر تأثيراً في المجتمع."
طلال مراد، المدير التنفيذي لمنظمة جيلان للرعاية والتأهيل في نينوى، يعمل حالياً على مشروع يعزز السلام والمرونة في نينوى، وتحدث عن كيفية استفادته من هذا التدريب:
“كانت هناك عدة جوانب تتعلق بالبرمجة لم نكن نأخذها في الاعتبار قبل حضور هذا التدريب. كان موضوع حساسية النزاع جديداً على منظمتنا، ولكن الآن بعد هذا التدريب لدينا توجيهات واضحة حول كيفية العمل على تعزيز العوامل البناءة، وتحليلها ودمجها في برامجنا.”
بشكل عام، حضر الورش الثلاث 80 مشاركاً من 26 منظمة غير حكومية، و5 حكومات محلية، و5 لجان منع التطرف العنيف، و10 مجموعات تطوعية. بعد الورش، يشارك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دليلاً مرجعياً لدعم المشاركين المدربين في تنفيذ ما تعلموه. تشكل الورش جزءاً لا يتجزأ من عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتمكين المجتمع المدني المحلي وتطوير التعاون الوظيفي بين المجتمع المدني والحكومات المحلية. تشمل أعمال تعزيز المجتمع المدني والبرمجة الحساسة للنزاع شراكة مع جامعة الموصل لإجراء تحليل متعمق للنزاع وأعمال قادمة لدعم قيادة النساء لتنفيذ خطة العمل الوطنية بشأن قرار مجلس الأمن 1325 .