بناء الأمل: رحلة سليمة وصالحة من الخسارة إلى القوة

14 مارس 2025
Two women in black hijabs talking inside a small grocery store.

الأخوات يتحدثن في متجرهن الذي يدعمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي وشركاؤه.

سليمة أحمد عدوان وشقيقتها الكبرى صالحة، أصلهما من البغدادي في الأنبار. ، عاشتا حياة بسيطة مليئة بالقناعة لسنوات عديدة  حيث انهم يمتلكون أواصر مجتمعية قوية. لطالما حلمت سليمة بإدارة متجرها الخاص - مساحة صغيرة ولكنها نابضة بالحياة حيث يمكن للجيران التجمع وتبادل القصص وشراء الأشياء الصغيرة التي تجعل من المنزل موطناً لساكنيه. وخلال فترة وجيزة  حققت ذلك الحلم  بنته بعناية، بجوار منزلها مباشرة، وملأت الرفوف بالبضائع والهواء بالدفء.

 

إرهاب داعش

في عام 2014، أجبرهم تنظيم داعش على الفرار، وانتزع منهم الحياة التي بنوها. لقد تركوا كل شيء خلفهم - تذكارات العائلة، والشوارع المألوفة، ودفء الجيران الذين شعروا وكأنهم جزء لا يتجزأ من عائلتهم. ما حدث بعد ذلك كان مزيجًا من النزوح ومحاولات للصمود.

كانت محطتهم الأولى مخيم الهول، وهو المكان الذي يصفونه الآن بالكابوس. فلم يكن هناك ما يكفي قط ــ لم يكن هناك ما يكفي من المال، ولم يكن هناك ما يكفي من الطعام، ولم يكن هناك ما يكفي من الدفء في برد الشتاء القارس، أو الظل من حرارة الصيف التي لا ترحم. كانت الليالي ممتدة بلا نوم يذكر، وكان ثقل عدم اليقين يضغط على صدورهم. وكان الأمان دائماً علامة استفهام. فمن الذي يمكنهم أن يثقوا فيه؟ هل سيتمكنون من اجتياز يوم آخر؟

ثم جاءت الفرصة للانتقال إلى مركز الأمل، وهو المكان الذي قدم لهم للمرة الأولى منذ سنوات بريقاً من الاستقرار. لم يكن المكان بمثابة منزلهم بعد، ولكن الحياة كانت أسهل قليلاً. كان هناك المزيد من الدعم، والشعور بالنظام، وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، تمكنوا من التنفس.

لم يعد الأمر يتعلق بالبقاء على قيد الحياة فحسب، بل يتعلق بإيجاد طريق العودة إلى شيء يشبه "العيش".

 

Two women in black attire sitting at a table, engaged in conversation.

يتذكرون ما مروا به خلال تلك الأوقات المظلمة مع داعش.

البدء من جديد

اليوم، يديران متجرًا صغيرًا مرة أخرى، هذه المرة بمساعدة ابن سليمة وشقيقها. ويتولى الرجال العديد من المسؤوليات - إدارة المتجر في المساء، والسفر لشراء البضائع، والتدخل عندما تحتاج سليمة وصالحة إلى الراحة. تعاني صالحة، التي تبلغ من العمر الآن 58 عامًا، من مشاكل صحية تجعل من الصعب عليها التحرك، لذا تتحمل سليمة، التي تبلغ من العمر 42 عامًا، معظم العمل اليومي.

إنه ليس المتجر الذي كانا يمتلكانه ذات يوم، ولكنه متجرهما. بداية جديدة، مبنية على الصمود والعزيمة الهادئة لاستعادة ما سُلب منهما منذ وقت ليس ببعيد.

A small convenience store with a Pepsi fridge, shelves of snacks, and a cluttered interior.

متجرهم في حيهم في الأنبار، والذي يرتاده أفراد المجتمع المحلي.

بالنسبة لسليمة وصالحة، لم يكن إعادة البناء مجرد فتح متجر، بل كان بمثابة العثور على أنفسهم مرة أخرى.

 

التمكين بعد العاصفة

من خلال التدريب على الأعمال التجارية، لم يتعلموا فقط كيفية بيع السلع. بل اكتشفوا كيفية فهم عملائهم، وكيفية تخزين ما يحتاجه المجتمع، وكيفية تسويق منتجاتهم. ولم تساعدهم هذه المهارات في أعمالهم فحسب؛ بل أعطتهم شيئًا أكثر قيمة ــ الأمل.

ولكن الرحلة لم تقتصر على تعلم كيفية إدارة متجر. فقد ظل ألم الماضي يخيم على حياتهم، ثقيلاً وغير مسموع. وكانت ذكريات الخسارة، وكل ما سلب منهم، تبدو أحياناً وكأنها ثقل يصعب حمله.

وهنا كان الدعم النفسي هو الذي أحدث الفارق. فقد ساعدهم على مواجهة حزنهم ومخاوفهم ولحظات الحزن الهادئة التي كانت تبدو ساحقة في السابق. ومع مرور الوقت والرعاية، تغير شيء ما. فقد شعروا بتخفيف الوطأة، وبدأوا في الانفتاح ــ ليس فقط على بعضهم البعض، بل وعلى الأشخاص من حولهم.

وللمرة الأولى منذ سنوات، لم يعد الألم شيئًا يتعين عليهم إخفاؤه. بل أصبح شيئًا يمكنهم مشاركته، شيئًا يمكنهم الشفاء منه معًا.

 

ملاحظة المحرر

مشروع RISE هو مشروع مشترك ممول من الاتحاد الأوروبي بمبلغ 5 ملايين يورو وينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسف. ويهدف إلى معالجة احتياجات إعادة الإدماج للأطفال والشباب والبالغين المستضعفين وغيرهم من الفئات التي تعاني من وصمة العار مثل الأسر التي يُنظر إليها على أنها تنتمي إلى تنظيم داعش والتي تعود إلى العراق من شمال شرق سوريا، وكذلك أفراد المجتمع المضيف المتضررين من النزاع. ومن خلال التدريب التجاري المستهدف والدعم المالي وخدمات الصحة الذهنية التي نفذها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع منظمة Welthungerhilfe (WHH)، يساعد مشروع RISE الأفراد مثل سليمة وصالحة على استعادة استقلاليتهم وإعادة بناء حياتهم بكرامة.

 

-نهاية-