
في قلب محافظة صلاح الدين، ووسط أنقاض الحرب ومأسي النزوح، تقف خولة صالح، وهي امرأة تبلغ من العمر 35 عاماً، خاضت رحلة مروعة من الخسارة إلى الأمل.
الفرار إلى بر الأمان
لم يكن أمامها خيار حين اضطرت إلى الفرار من بيجي مع زوجها، الذي كان أحد أعضاء تنظيم داعش، وأطفالهما، تاركة وراءها كل ما عرفته. ومع احتدام المعارك وتكثيف الغارات الجوية، وجدت نفسها في مدينة القائم، حيث باعت كل ذهبها لدفع أموال للمهربين مقابل المرور إلى مخيم الهول في سوريا عام 2016، على أمل البقاء على قيد الحياة. داخل حدود المخيم، أنجبت ثلاثة أطفال، نشأوا دون أي وثائق رسمية تثبت هويتهم. ثم في عام 2021، تغيرت حياتها بوفاة زوجها، فانكسرت أخيرًا السلاسل التي قيدتها لسنوات.

رحلتها الصعبة للعودة إلى المنزل
في عام 2022، عادت خولة إلى وطنها. لكن منزلها لم يعد كما تركته. فقد تحول إلى جدران سوداء وسقف مفقود، ولم يوفر لها أي حماية من برد الشتاء القارس أو حرارة الصيف الحارقة. وأشارت إلى غرفة ضيقة بالكاد يمكن العيش فيها، وقالت: "هنا، تحملنا أصعب الأيام. الجوع والبرد والخوف... كل ما كان لدينا هو الصبر".
وفي خضم هذه المعاناة، ظهر الأمل حيث تم ترميم منزلها بفضل الدعم الذي قدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومن خلال مشروع "الطريق إلى الوطن: المصالحة المجتمعية وإعادة دمج العراقيين العائدين من مخيم الهول في سوريا" والذي ينفذ ضمن إطار مشروع التماسك المجتمعي. تقف خولة اليوم في منزلها الذي أعيد بناؤه، مبتسمة لأول مرة منذ سنوات: "أنا ممتنة لكل من ساعدني. الآن، يذهب أطفالي إلى المدرسة، ولدينا سقف فوق رؤوسنا، وحتى والدي، الذين فقدوا منزلهم، يعيشون معي".

الحلم والعمل من أجل حياة أفضل
لكن طموحاتها لا تتوقف عند هذا الحد. فعلى الرغم من تحسن ظروفها، فإنها تواصل البحث عن وسيلة لدعم أسرتها. وتقول بإصرار وصمود: "أريد أن أبدأ عملي الخاص. لا أريد الاعتماد على المساعدة التي أتلقاها من الجيران ــ أريد أن أكون مكتفية ذاتياً".
عندما غادرنا منزل خولة، لم يعد مجرد منزل تم ترميمه، بل حياة أعيد بناؤها. تحولت الجدران التي كانت سوداء اللون إلى اللون الأبيض النقي، وأصبح المكان البارد دافئاً، يعكس ضوءاً جديداً لمستقبلها ومستقبل أطفالها. وعلى الرغم من كل ذلك، ظلت ابتسامتها شهادة حية على الصمود والحقيقة أن العودة إلى المنزل ليست مجرد خطوة، بل بداية حياة جديدة.
