لسنوات، واجه سكان الأكاحل في مديرية المقاطرة، محافظة لحج معاناة مستمرة في الحصول على مياه نظيفة. كان نظام المياه القديم، الذي تجاوز أربعين عامًا، يعاني من تسريبات متكررة، مما جعله غير فعال وغير موثوق. بالإضافة إلى ذلك، كانت التكاليف المرتفعة لوقود الديزل تعيق تشغيل المضخات بانتظام، مما زاد من صعوبة وصول المياه إلى الأهالي. أمام هذا الوضع، لم يكن أمام العائلات سوى شراء المياه بأسعار باهظة أو قطع مسافات طويلة للحصول على مياه صالحة للشرب.

أحمد وعيسى يجريان فحوصات دورية لضمان تشغيل فعال ومستدام لإمدادات المياه التي تخدم 5,827 شخصًا. مديرية المقاطرة، محافظة لحج.
ومع ذلك، فإن المياه التي يمكن الاعتماد عليها متوفرة في الأكاحل اليوم، بدعم من البرنامج المشترك الثالث للتدريب من أجل التنمية من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشركاء، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد. يوفر نظام وأنابيب مياه جديد يعمل بالطاقة الشمسية الآن مياه نظيفة وبأسعار معقولة وموثوقة لـ 5,827شخصًا.
الحصول على المياه كان معاناة يومية
يعمل أحمد كمسؤول تشغيل وصيانة لمشروع المياه الجديد، ولا يزال يتذكر مدى صعوبة الحياة قبل تنفيذ النظام الجديد.
يقول أحمد: "كان خط الأنابيب القديم في حالة انهيار، وكانت التسريبات المتكررة تؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من المياه قبل أن تصل إلى الأهالي. لم يكن أمام الناس خيار سوى شراء مياه باهظة الثمن أو قطع مسافات طويلة لإحضارها من مناطق أخرى. كان الأمر مرهقًا للغاية."
لم يكن نقص المياه مجرد تحدٍ عابر، بل كان مشكلة متكررة، خاصة خلال مواسم الجفاف. يضيف أحمد: "كانت العائلات تنتظر أيامًا حتى يتم ضخ المياه، وفي بعض الأحيان، لم نتمكن حتى من تشغيل المضخات بسبب ارتفاع تكلفة الديزل."
بالنسبة للعديد من الأسر، كان الوصول إلى المياه النظيفة جزءًا من المعاناة اليومية. يتذكر عيسى عبد القاسم، وهو عامل صيانة وعضو في المجتمع، كيف كانت الحياة قبل المشروع.
يقول عيسى: "كنت أضطر إلى السفر لمسافات طويلة فقط لغسل ملابسي، لأن المياه النظيفة لم تكن متوفرة في المنزل. مياه الشرب كانت تمثل مشكلة كبيرة أيضًا، وكنا نشعر بقلق دائم على صحتنا لأن المياه لم تكن نظيفة."
اليوم، لم يعد الماء رفاهية أو عبئًا إضافيًا على السكان، بل أصبح حقًا أساسيًا متاحًا للجميع بفضل هذا التدخل التنموي المستدام.

أحمد يضمن التشغيل السلس للنظام الشمسي، مما يؤمن إمدادًا مستمرًا بالمياه دون انقطاع، مديرية المقاطرة، محافظة لحج.
الطاقة الشمسية توفر مياهًا مستدامة
ساهم البرنامج المشترك للصمود الريفي 3 في تحسين الوصول إلى المياه من خلال نظام متكامل يعمل بالطاقة الشمسية، والذي شمل:
- استبدال شبكة الأنابيب القديمة التي كانت تعاني من تسريبات متكررة.
- تشغيل المضخات بالطاقة الشمسية بدلًا من الاعتماد على وقود الديزل المكلف وغير المستدام.
بفضل الطاقة الشمسية، أصبح النظام يعمل على مدار الساعة دون الحاجة إلى الوقود الباهظ، مما أدى إلى ضخ المياه بشكل أسرع، ووصولها إلى عدد أكبر من السكان في وقت أقل. كما ساهم ذلك في تقليل تكاليف التشغيل بشكل كبير، مما جعل المياه النظيفة أكثر توفرًا وبأسعار معقولة للعائلات.
يقول أحمد: "مع نظام الطاقة الشمسية، أصبح كل شيء أسهل. تعمل المضخات بكفاءة، والتكاليف أقل، وأخيرًا يحصل الناس على مياه نظيفة بسهولة."
ويضيف عيسى: "في السابق، لم نكن نستطيع حتى شرب الماء. الآن، أصبح نقيًا، نظيفًا، ومتوفرًا متى احتجنا إليه. هذا المشروع لم يوفر لنا الماء فحسب، بل غير حياتنا بالكامل."
مستقبل أكثر إشراقًا في الأكاحل
مع حصول 1,500 أسرة الآن على مياه نظيفة بشكل منتظم، بات تأثير المشروع واضحًا في حياة السكان اليومية. أصبحت العائلات قادرة على الشرب، الطهي، والغسيل بمياه آمنة وموثوقة، مما خفف الأعباء المالية، حيث لم يعد الأهالي مضطرين لشراء المياه بأسعار مرتفعة. كما ساهم المشروع في تحسين الظروف الصحية، وجعل الحياة أسهل وأكثر استقرارًا للجميع.
يقول أحمد: "أهم ما يميز هذا النظام هو استدامته. لم نعد نبحث عن حلول مؤقتة، بل نبني مستقبلاً تظل فيه المياه النظيفة متاحة للجميع."
ويتفق معه عيسى قائلًا: "أشعر بفخر كبير لكوني جزءًا من هذا المشروع. كنا نعاني كثيرًا في الماضي، ولكن الآن، بفضل الطاقة الشمسية، أصبح لدينا حل مستدام سيخدم الأجيال القادمة. هذا ليس مجرد مشروع مائي، بل هو أمل جديد لمجتمعنا."

ضمان تدفق مستمر للمياه – أحمد يتفقد نظام خطوط الأنابيب الجديد، لضمان وصول المياه النظيفة إلى المجتمع بكفاءة، مديرية المقاطرة، محافظة لحج
نموذج للصمود والاستدامة
يمثل مشروع مياه العكاهل نموذجًا حيًا لكيفية استثمار الطاقة المتجددة في تحسين حياة المجتمعات. فمن خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض تكاليف التشغيل، أصبح بإمكان آلاف السكان الحصول على مياه نظيفة بشكل دائم، مما عزز استقرارهم المعيشي والصحي.
يؤكد أحمد: "هذا المشروع لا يتعلق بالمياه فقط، بل يرتبط بكرامة الإنسان وصحته وحقه في العيش الكريم. بفضل دعم الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، أصبح الماء متاحًا للجميع، ولم يعد الحصول عليه يمثل معاناة يومية."
يواصل البرنامج المشترك للصمود الريفي 3 جهوده لدعم المجتمعات المحلية، سعيًا إلى توفير المياه النظيفة والطاقة المتجددة كحلول مستدامة لجميع المناطق الريفية في اليمن.

تسخير الطاقة الشمسية لتوفير مياه نظيفة، وتقليل الاعتماد على الوقود، وضمان استدامة الإمدادات المائية، مديرية المقاطرة، محافظة لحج.
***
يمهد البرنامج المشترك لدعم سبل العيش القادرة على الصمود، والأمن الغذائي، والتكيف مع المناخ في اليمن (الصمود الريفي 3) الطريق نحو نهج أكثر استدامة ومرونة في مواجهة التحديات. ينفَّذ هذا البرنامج من قِبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، ومنظمة العمل الدولية (ILO)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، بتمويل سخي من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد.
يعزز البرنامج قدرة السكان في أكثر المحافظات اليمنية ضعفًا على الصمود، من خلال خلق فرص مستدامة لكسب العيش. كما يعمل على تعزيز الأمن الغذائي، وتوفير فرص العمل، واستعادة الأصول المجتمعية، وتحسين الخدمات الاجتماعية، وتطوير سلاسل القيمة الزراعية، وتمكين المرأة اقتصاديًا، وتوسيع نطاق الوصول إلى الطاقة المتجددة—وهي جميعها عوامل أساسية لتحقيق التنمية والاستقرار على المدى الطويل.