هل تعلم، انه على الرغم من مرور عقود من الانجازات المحرزة في سد فجوة المساواة بين الجنسين, فأنه لايزال هناك ما يقارب 90 بالمئة من النساء والرجال لديهم نوع من التحيز ضد النساء؟
تم الكشف عن هذا الامر في مؤشر المعايير الاجتماعية للنوع الاجتماعي الصادر مؤخراً عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يقيس كيف تعرقل المعتقدات الاجتماعية المساواة بين الجنسين في مجالات مثل السياسة والعمل والتعليم في 75 دولة، يقدم هذا التحليل أدلة جديدة على الحواجز غير المرئية التي تواجهها المرأة في تحقيق المساواة، وتحطيمها السقف الزجاجي.
في العراق، حيث يرتبط معدل البطالة المرتفع (58٪) وانخفاض مشاركة المرأة في القوى العاملة (12.6٪) في الغالب بالمعايير الاجتماعية والثقافية المستمرة – سواء عن طريق الحد من نوع العمل الذي تستطيع المرأة القيام به بأمان، أو من خلال محو الأمية الاقتصادية والمالية المحدودة للمرأة – اجتمع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأصحاب المصلحة الرئيسيين لمناقشة ذلك في تموز.
بالتعاون مع إدارة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء والشبكة العراقية لقرار مجلس الأمن رقم 1325، عقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جلستين للمناقشة المفتوحة في الفترة 8-9 تموز. انضم 184 من المدافعين عن حقوق الإنسان والمدافعين عن المساواة بين الجنسين عن طريق الانترنت لمناقشة المعايير الاجتماعية وتزايد حالات العنف ضد المرأة التي شوهدت منذ فرض قيود الحظر التام نتيجة تفشي فيروس كورونا في منتصف اذار. أثار المشاركون في المناقشة مخاوف التأثير الاقتصادي والاجتماعي الكبير للوباء الذي تعاني منه النساء والفتيات، وتهديده بعدم الإنجاز أو إضعاف الإنجازات التي تحققت بالفعل في العراق - مثل سن قانون حماية الأسرة.
تطرح هذه الأزمة تهديداً إضافياً لمشاركة المرأة في الاقتصاد مدفوع الاجر من خلال تفاقم المعايير الاجتماعية الموجودة مسبقاً والمقيدة التي تحدد أدوارًاً محددة للنساء والرجال. وسلطت الضوء أيضاً على كيفية استمرار الأطر القانونية التمييزية في تقييد الوصول المتساوي للمرأة الى الفرص الاقتصادية.
قالت المديرة العامة لقسم تمكين المرأة، الدكتورة ابتسام عزيز. “ان إجراءات الاستجابة للتعامل مع الأزمات مثل الحظر التام، تعكس بوضوح قوة الأعراف الاجتماعية التي بنيت على الأنظمة التي يسيطر عليها الذكور، وتقلل من معاقبة الجناة بسبب التحيزات اللاواعية والواعية في بعض الأحيان. وبناء على ذلك، تم حل معظم حالات العنف ضد المرأة بشكل قبلي، على الرغم من أنها وصلت إلى نقطة القتل". فيما تقول دعاء علي، طالبة في كلية القانون أن: "على النقيض من ذلك، فإن إجراءات الحجر الصحي أعطت الشابات العراقيات فرصة للشروع في تصميم العديد من الحلول المبتكرة لتحفيز أدوارهن الاجتماعية والاقتصادية".
واختتمت الجلسات بالإعلان عن تشكيل غرفة أزمات تهدف إلى توثيق ورسم خرائط الاتجاهات الصاعدة للعنف وتحليلها، وكذلك اقتراح حلول مبتكرة ومستدامة ومراجعة البروتوكولات القائمة وإجراءات التشغيل الموحدة لتعكس الظروف المتغيرة في ظل تفشي فيروس كورونا. بالإضافة إلى ذلك، تعتزم هذه الغرفة تمهيد الطريق لمنهاج جديد للمشاركة الاستراتيجية للشركاء ومنظور جديد لمعالجة تأثير المعايير الاجتماعية والتحيز الجنساني في إعاقة المساواة بين الجنسين أثناء الأزمات. والأهم من ذلك، ستضمن غرفة الأزمات هذه أيضاً أن جميع تدخلات الاستجابة لفيروس كورونا حتى لو لم تتناول العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل صريح فإنها ستساعد في منع العنف المبني على النوع الاجتماعي وحماية الناجين.
في لحظة حاسمة لتحقيق المساواة بين الجنسين – يحتفل العالم بالسنة الرابعة والستين للجنة المعنية بوضع المرأة (بكين +25)، الذكرى العشرون لاعتماد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 والذكرى الخامسة لإعلان خطة التنمية المستدامة لعام 2030 – ان الزيادة الحادة في معدل العنف ضد النساء والفتيات في العراق، يتم طرحها في طليعة الاستجابة لازمة فيروس كورونا.
إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يدعم الحكومة لإعادة تقييم المسار الوطني للمساواة وكيف يمكننا سد فجوة المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال تعزيز آليات الحماية مالياً وبموارد بشرية كثيرة، وتيسير وصول المرأة إلى العدالة.
يقول السيد خالد محمد، محامٍ ومشارك في المناقشة: "نتيجة صعوبة مراقبة وقياس المعايير والمواقف الاجتماعية، غالباً ما يتم تجاهل القوة المؤثرة للعادات. وهذا يؤدي إلى عدم فهم التغيير الاجتماعي واستمرار عدم المساواة بين الجنسين. إن الوقاية من العنف المبني على النوع االجتماعي هي إستراتيجية يمكن أن تعزز التقدم عبر أهداف التنمية المستدامة المتعددة ، ليس فقط لأنه مدمج في معظم الأهداف ولكن أيضًا لأنه يحسن النتائج ويعمق الأثر الإيجابي. هذا ما يؤكد الفرص المتاحة لدمج برامج الوقاية من خلال استجابة ازمة فيروس كورونا ومبادرات التعافي في جميع المواقع، ولا سيما سيادة القانون والعدالة والأمن وحقوق الإنسان".