قصص من مستقبل المناخ في العراق
15 يناير 2023
سكنت عناصرُ الطبيعة للحظة وتخيلت مستقبل ألأرض التي تقع بين النهرين في غرب قارة آسيا (العراق). بدأ النهران برواية قصة القادم من الأيام، "نحن، نهري دجلة والفرات، سنتدفق بروح الحياة، الماء، وبعناصر النمو الأساسية لهذه الحضارة". هنا تدخلت الشمس واقترحت بداية أخرى للقصة، "في المستقبل سأدعى "الشمس الحمراء"، وسأتحكم بكل أيامنا وليالينا ولن يتمكن الناس من الاستمتاع بنسيم آذار العليل. وأن مصدر فخر هذه البلاد -أشجار النخيل- ستختفي من الوجود ولن يوفر ظلها ملاذاً آمناً من حرارتي، وستجف الأراضي الخصبة"، وهنا، قاطعت العلوم التطبيقية خيال المستقبل -الذي تم عرضه- واقترحت الالتزام بالانضباط لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، "بإمكاننا الاستفادة من الطاقة الشمسية لتخفيف تحديات تغير المناخ التي تحدث الآن". هنا، تختلف البشرية مع كل القصص التي تم عرضها ولديها قصة تحول روحي للمستقبل "لدي إيمان راسخ بنا، نحن قادرون على التغيير، قادرون على إماطة اللثام عن قدراتنا والكشف عن مستقبل ازدهار أراضينا، وأنهارنا، ونخيلنا، بل وحتى الشمس".
هذه القصص هي تحليل لصور فنية قام بتقديمها جيل العراق الحالي لطرح رؤاهم المتنوعة لمستقبل المناخ في العراق. حث مختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق الجيل الحالي للنظر الى الإشارات الحالية حول تغير المناخ وصياغة رؤى للمستقبل من خلال التفكير في واقع حياتهم، وتأثير تغير المناخ عليهم وعلى مستقبل بلدهم. الهدف من تحليل الصور المستقبلية هو زيادة الاستشعار والاستكشاف لدعم رحلة التعلم وألأجابة على السؤال: "لماذا لا يعطي المجتمع العراقي الأولوية للعمل المناخي؟" ولكن هذه المرة من منظور مستقبلي.
المعرض الأول لمستقبل المناخ في العراق
بصفتي كرئيس للأستكشاف في مختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، قمت برحلة مبتكرة لاستشعار واستكشاف كيفية تفاعل الناس مع مشاكل التغيرات المناخية الانية، وإدراك الإشارات الضعيفة التي تزيد أو تفاقم المشكلة، وأيضا العواقب الوشيكة الناشئة عن الإجراءات والسلوكيات الحالية في العراق. احتاجت رحلة الاستكشاف،التي كانت في هذه المرة خيالية، وسطاً مرئياً وطريقة تشاركية للتعبير عن رؤية الناس للمستقبل وتعزيز معرفتهم بالمناخ . وهل هنالك طريقة افضل من الفن المرئي للتعبير عن ذلك ؟
لذلك، أطلق مختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق بالتعاون مع مؤسسة المحطة لريادة الأعمال في بغداد، المعرض الأول لمستقبل المناخ في العراق. يهدف المعرض الى حث المجتمع العراقي لعرض أفكاره عن مستقبل المناخ في بلده من خلال الأعمال الفنية. وبتعبير أدق ـ تخيل الصور البديلة للمستقبل الذي يتوقعونه في العراق وتصنيف تحديات تغير المناخ وهي تنمو، تنهار، تتحول، و/أو ببساطة تبقى كما هي. استخدم المعرض أسلوب التفكير المستقبلي القائم على المشاركة للعمل على إشراك الجمهور من خلال ثلاثة فئات للفنون وهي: الفنون الجميلة، وفنون الأطفال، والفنون الرقمية. شمل المعرض مرحلتين: مرحلة تقديم الأعمال ومرحلة المعرض النهائي. استغرقت مرحلة تقديم الأعمال من خلال الإنترنت خمسة أسابيع رافقها ترويج باستخدام دعم أربع مؤثرين على مواقع التواصل الأجتماعي. وشملت المرحلة الثانية اقامة المعرض الاول لمستقبل المناخ في العراق في بغداد وبالتعاون مع مختلف داعمي العمل المناخي من العراقيين. ركزت الأعمال الفنية التي شاركت في المعرض على تصورات التغير المناخي في العراق من منظور مستقبلي.
ماذا علمتنا رحلة المستقبل الخيالية؟
عززت الصور المستقبلية البديلة -عن مستقبل المناخ في العراق- رحلة الأستشعار والأستكشاف لمختبرات التسريع التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقادنتا إلى تصورات مختلفة لمستقبل المناخ في العراق. يمكن الاطلاع على التصورات وأهم الأعمال الفنية في قصة: يعرض العراقيون رؤيتهم لمستقبل المناخ في العراق. ان الأعمال الفنية لصور المستقبل الشاملة والتي تتمحور حول اربع تصنيفات وهي: نمو، إنهيار، تحول، بقاء الحال على ما هو عليه. مثلت فئة النمو 12 % من الأعمال الفنية؛ وهذه هي الأعمال الفنية التي تتوقع مستقبلاً متجدداً للمناخ في العراق. وتناولت 12 % من الأعمال الحاجة إلى الانضباط في عملنا وسلوكياتنا وحماية بيئتنا. بينما تخيلت 16 % من التصورات تحولاً في بيئة العراق. ولكن الأهم من ذلك أن 60 % من الأعمال الفنية تنبأت بانهيار المناخ في العراق ورسمت مستقبلاً يزداد فيه تأثير التغير المناخي سوءاً مما يؤدي إلى زيادة حادة في درجات الحرارة، والتصحر، والتلوث. صور الانهيار حملت الأفراد مسؤولية الأنهيار، وأكدت على أفعالهم وسلوكياتهم التي تؤثر سلباً على البيئة. الاستكشاف باستخدام الصور البديلة للمستقبل سمح لمختبر التسريع -التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق- برؤية مشكلة التغير المناخي من منظور سلوكيات الناس ولهذا ركز البحث على إيجاد ابتكارات محلية لمعالجة هذه المشكلة.
كذلك أدت هذه التصورات البديلة، إلى الإدراك بأن تغير المناخ يتفاقم بشكل غير واضح في العراق، وأن السلوكيات والأفعال الصغيرة تؤثر عليه. وقد عكست اعمال و المشاركين هيمنة بعض المشاكل مثل عدم الاستقرار والمصاعب الاقتصادية والتي صرفت الانتباه عن تحدي التغير المناخي، مما أدى إلى تراكم تدريجي للمشكلة بدلاً من التغير الصارخ والملحوظ للتغير المناخي. التشبيه المستعار الذي يمكن استخدامه لوصف هذه المشكلة هو ظاهرة الضفدع المغلي. وهذا التشبيه مأخوذ من الضفادع التي لا تشعر بالزيادة التدريجية في درجة الحرارة حتى تصبح الحرارة لا تطاق وتنهار الضفادع. تغيرات المناخ لا يتم ملاحظتها عادة، وبالأخص التغيرات الناتجة عن سلوكيات البشر نحو المناخ، إلا بعد فوات الأوان و في ذلك الوقت لا يمكن عكس الضرر، أو يصعب عكسه جداً.
وقد أدت نشاطات الاستشعار والاستكشاف إلى زيادة الوعي بمشاكل المناخ في العراق، خصوصاً بين الأطفال من خلال رسائل الأطفال "المعرض الفني". كما نجحت بإلهام قناة UTV التلفزيونية لبث حلقة كاملة عن تغير المناخ في العراق، مما أدى أيضاً إلى إدراك المجتمع بصورة اكثر لمشكلة تغير المناخ.
من أكثر الرؤى العملية التي نتجت عن المعرض والتي دعمت رحلة التعلم الخاصة بمختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق هي معلومات عن مستوى ونوع الحلول المحلية الأكثر فائدة في العراق. ركزت التصورات البديلة للمستقبل على اهمية وجود سلوكيات فردية مسؤولة ومتماسكة وممنهجة للحد من التغيرات المناخية ستساعد هذه الرؤية في تحديد الحلول المحلية التي تنسجم مع اولويات المجتمع والتي يمكن تجربتها و وضع أسس تعزيز ودعم الحلول المناخية التي تركز على السلوك الفردي سيكون اكثر نفعاً. وسيتيح لنا امكانية استكشاف مدى قبول الحلول المحلية وجدوى تنفيذها واستدامتها في المستقبل.
لكن انتظر! ما سبب الرحلة الخيالية أصلاً؟
استقصت رحلة التعلم عن الوضع الراهن لتغير المناخ في العراق التي أكملها مختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في النصف الأول من عام 2020 المستوى الفردي، واستخدمت بالتحديد لعبة المهمة 1.5 ومنهجية التفكير التصميمي، لاستكشاف أسلوب تفكير المجتمع العراقي بشأن المناخ. كانت نتيجة ذلك رؤى مهمة تتعلق بالحالة الراهنة للتحديات والسلوك الفردي. أشارت هذه الرؤى إلى خصائص تصميم الحلول التي تحفز الأفراد لتوجيه انتباههم نحو تدهور المناخ في العراق ودورهم في تغيير الوضع الراهن. وركزت الحلول المبتكرة بعد استخدام منهجية التفكير التصميمي على الحاضر، إلى حد كبير، ولم تأخذ بعين الاعتبار الحاجة إلى توقع المستقبل للحصول على حلول مستدامة. لكن كيف يمكننا إيجاد حلول مستدامة؟
ارتأت مختبرات التسريع الأنمائية وهي أسرع وأكبر شبكة تعلم في العالم إلى ادخال التفكير المستقبلي ضمن عمل المختبرات. وقد انتهزنا هذه الفرصة لتجربة التفكير المستقبلي في رحلة استشعارنا واستكشافنا. أتاح لنا التفكير المستقبلي اتباع نهج منظم للتعرف على الترابط ضمن النظام، وليس مجرد التركيز على السبب والنتيجة ، ونتج عن ذلك خيارات متعددة لما قد يبدو عليه المستقبل. هذا النهج المنظم سيمكننا من تحديد وتجربة الحلول المحلية المستدامة.
الخلاصة
لقد مكنتا التصورات البديلة لمستقبل المناخ في العراق من استشعار الحاضر والإحساس به وإدراك كل المعلومات، والعلامات، والإشارات الضعيفة، والسلوك البشري، والسياسات، وبناء المدن، وغير ذلك من العوامل الراهنة التي تؤثر على المناخ في هذه الأيام. واخذنا نعرف الآن كيف سيبدو المستقبل إذا استمرت الإجراءات والسلوكيات الحالية تجاه المناخ. وسيبدأ مختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق بعد ذلك العمل من أجل إيجاد حلول محلية من شأنها معالجة ظهور الرؤى المنهارة المستقبلية، مع تركيز خاص على الحلول المحلية التي تعمل على تغيير سلوك الأفراد.