الاستثمار في النساء يسرع التقدم
بيان المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المكتب الإقليمي للدول العربية بمناسبة يوم المرأة العالمي
8 مارس 2024
يأتي اليوم العالمي للمرأة هذا العام في وقت مؤلم للمنطقة العربية، فلا تزال الصراعات العنيفة مستعرة في العديد من البلدان، وتؤدي تصعيداتها الجديدة إلى المزيد من العنف والدمار.
وتتحمل النساء في المنطقة العبء الأكبر لهذه الصراعات
ففي غزة، تعيش النساء في ظل ظروف كارثية منذ خمسة أشهر بسبب الحرب. وتشير التقديرات إلى مقتل 9000 امرأة وجرح عشرات الآلاف، فضلا عن أن العديد من النساء قد ترملن، أو قتل أو تيتم أطفالهن. كما اضطرت حوالي ثلاثة أرباع النساء إلى النزوح الذي تكررعدة مرات في كثير من الأحيان. واليوم تفتقر النساء في غزة إلى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمياه والصرف الصحي ومرافق الرعاية الصحية. وعلى نحو متزايد، أصبحن غير قادرات على إيجاد وسائل لتأمين الطعام لأنفسهن أو لإطعام أطفالهن الجائعين، مع تزايد الأمراض.
كذلك أدت الحرب إلى نزوح عشرات الآلاف من النساء في جنوب لبنان.
وفي السودان، تعاني النساء خسائر فادحة في الأرواح وبسبب النزوح القسري، إذ قتلت الحرب 13900 شخص وشردت 8.1 مليون شخص حتى الآن. كما تقوم النساء على رعاية 3 ملايين طفل نازح، وهو أعلى رقم في العالم. كذلك تعاني النساء في السودان من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية وخدمات المياه والرعاية الصحية وعدم كفاية المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى أن العديد منهن يواجهن مخاطر التعرض للاغتصاب والعنف الجنسي.
ولا تزال النساء في العراق وليبيا والصومال وسوريا واليمن يتحملن عواقب سنوات ممتدة من الصراعات.
ومع ذلك، لاتزال المرأة العربية تقدم مثالا" في تعزيز قدرات مجتمعاتهن على الصمود. وعلى الرغم من الصعاب، فقد حققت المرأة إنجازات مهمة على مر السنين تستحق الحماية والتقدم. إذ نجحت النساء تقريبًا في سد الفجوة في التحصيل العلمي، وصرن يشكلن 48.1% من مجموع خريجي تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما إقتحمن قطاعات جديدة، وانخرطن في أنشطة ريادة الأعمال وفي بدء أعمالهن الخاصة. كما شهدت العقود الماضية أيضًا تقدمًا في الإصلاح القانوني، فاكتسبت المرأة المزيد من الحقوق في الاستحقاقات القانونية وقوانين العمل وغيرها من المجالات.
ومع ذلك، مازال أمامنا شوط طويل لنقطعه، فعلى سبيل المثال، لا تزال نسبة النساء الناشطات في الاقتصاد في المنطقة هي الأدنى في العالم ولا تتجاوز 20%. وتعاني النساء أيضًا من ارتفاع معدلات البطالة، وخاصة الشابات، ومن انخراطهن بكثافة في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر. كما أن الحماية الاجتماعية للمرأة في المنطقة منخفضة أيضًا. إذ تتمتع 8.6% فقط من النساء في سن العمل بتغطية قانونية من خلال أنظمة الضمان الاجتماعي الشاملة. ولا تزال المشاركة السياسية للمرأة أقل من المتوسط العالمي. كما وتعاني المرأة في المنطقة من عدم المساواة في حقوق المواطنة والأحوال الشخصية وعدم كفاية فرص الحصول على الخدمات والعدالة. ان مواجهة تلك الفجوات يتطلب المزيد من العمل الجاد.
ولا يمكن تحقيق تقدم منهجي في النهوض بالمرأة وإعمال حقوقها الأساسية وحقها في التنمية دون وضع حد للصراعات العنيفة ودون تحقيق سلام دائم.
إذ تؤدي العسكرة وانتشار الأسلحة وغياب نظم المساءلة وسيادة القانون إلى زيادة جميع أشكال العنف والاستغلال وتعميق المخاطر ونقاط الهشاشة التي تتعرض لها المرأة.
لكن المرأة عنصر حاسم في تغيير واقعها. ولا يمكن التقليل من دورها في المنطقة العربية. فقد كانت جزءاً لا يتجزأ من حركات التحرر في العقود الماضية، وكانت في طليعة الانتفاضات العربية المطالبة بالتغيير والعدالة الاجتماعية. وتظل مساهمات المرأة أمر بالغ الأهمية لاستدامة المجتمعات والمجتمعات المحلية. ويجب الاستماع إلى أصوات النساء، بما في ذلك لإيجاد حلول للصراعات المعقدة ولتحقيق العدالة والتنمية والسلام.
يساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الحكومات في إطلاق العنان للتمويل من أجل التنمية وتحقيق المساواة بين الجنسين، وفي توسيع الحيز المالي للنفقات الاجتماعية، ويعمل مع المؤسسات العامة لتقديم خدمات أفضل لتحقيق المساواة بين الجنسين. إن الاستثمار في التنمية أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام.
وان الاستثمار في المرأة ضرورة للتنمية ولإنهاء النزاعات ولمنع الصراعات. الاستثمار في المرأة في المنطقة أصبح الآن أولوية