الأمطار والسيول لم تعد تُخيفنا: العمل نحو ريٍّ مقاوم لتغيُّر المناخ في اليمن
20 نوفمبر 2024
دعم صمود المزارعين في وجه تغيّر المناخ وتعزيز الأمن الغذائي
أدت سنوات الصراع في اليمن إلى تدهور اقتصادي وتراجع في القطاع الزراعي، مما فاقم من انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.
ويزيد تغيُّر المناخ من حدة هذه التحديات، لا سيما في المناطق الريفية والزراعية. حيث يشهد اليمن فترات طويلة من الجفاف الشديد، إلى جانب فيضانات غزيرة ناجمة عن الأمطار تدمر البنية التحتية الزراعية وتؤدي إلى تآكل التربة وتعيق الأنشطة الزراعية. وقد أدى ذلك إلى اتساع فجوة انعدام الأمن الغذائي في اليمن بشكل كبير.
استجابةً لهذا التهديد، يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بتمويل من البنك الدولي، بتنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن. ويهدف هذا المشروع، بالتعاون مع مشروع الأشغال العامة والصندوق الاجتماعي للتنمية، إلى تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في المناطق الأكثر ضعفًا في اليمن. ولتحسين الأمن الغذائي ومساعدة المجتمعات على الحفاظ على إنتاج الغذاء، يُركز المشروع على إعادة تأهيل وحماية البنية التحتية الزراعية، مع تعزيز ممارسات الزراعة المقاومة لتغيُّر المناخ. ومن أهم تدخلاته إعادة تأهيل قناة الإحسان في وادي تُبن، محافظة لحج.
إحياء منطقة "الإحسان"
تُوفر قناة الإحسان المياه للمزارعين في المنطقة - ولكن مع الفيضانات الأخيرة، كانت جدران القناة تُجرف باستمرار، ومعها، المياه اللازمة للريّ. وقد تم ترميم القناة من قبل مشروع الأشغال العامة من خلال آلية التعاقد المجتمعي، والتي لم تُوفر للعمال دخلاً لدعم أسرهم فحسب، بل ساعدتهم أيضاً على اكتساب مهارات جديدة.
يؤكد المهندس أوسان ثابت، وهو استشاري في مشروع الأشغال العامة في محافظتي لحج والضالع، على التأثير الكبير لتغيُّر المناخ على الأراضي الزراعية:
"تسبب تغيُّر المناخ في حدوث فيضانات غزيرة أدت إلى تآكل وجرف التربة في قاع الوادي، مما أدى إلى انخفاض منسوب المياه ومنع وصولها إلى قنوات الري، وبالتالي إلى المزارع. وقد تسبب ذلك في توقف الكثير من الناس عن الزراعة والبحث عن عمل بديل."
ساعد المشروع في الاستفادة الفعّالة من مياه الفيضانات من خلال رفع منسوب المياه في الوادي وتوجيهها إلى قنوات الري، والتي تصل بعد ذلك إلى الأراضي الزراعية بشكل سليم. وخلال فترة البناء، ساهم هذا التدخل في تعزيز الأمن الغذائي من خلال توفير 111 فرصة عمل لأفراد المجتمع المحلي.
يؤكد أوسان على أهمية المشروع في تأمين المياه، واستعادة الأراضي الزراعية، وتمكين المزارعين من مواصلة العمل، وتحسين سبل عيشهم، وتعزيز الأمن الغذائي.
توفير فرص العمل
ساعدت إعادة تأهيل قناة الإحسان المزارعين على استعادة وتحسين أراضيهم وسبل عيشهم، مع توفير فرص عمل للعديد من العمال الزراعيين.
يشرح فضل، رئيس اللجنة المجتمعية للمشروع:
"قبل التدخل، كان الوضع صعبًا للغاية. كانت قناة الري مصنوعة من حواجز ترابية كانت تُجرف باستمرار بسبب الفيضانات، وكان إعادة بنائها مُكلف للمزارعين. وقد وسّع هذا المشروع المساحة الزراعية وزاد من إنتاج المحاصيل. ويستفيد من المشروع بشكل رئيسي المزارعون المحليون، لكن سكان القرى المجاورة يستفيدون أيضاً. حيث يعمل حوالي 200 شخص من القرى المجاورة في هذه المزارع، ويكسبون أجوراً يومية تُشكل مصدر دخلهم الرئيسي."
استعادة الأراضي الزراعية
يقول عبد الله، وهو مزارع استعادت أرضه حيويتها بعد مشروع قناة الإحسان: "قبل المشروع، كانت الأراضي عرضة للتآكل بسبب مياه الفيضانات التي تتدفق عبر الوادي، مما تسبب في أضرار كبيرة للأراضي والمحاصيل، دون أن نتمكن من استخدام المياه في الريّ. وقد وفّرت إعادة تأهيل قناة الري المياه ووجّهتها عبر القنوات إلى الأراضي الزراعية. ساعدني المشروع في استعادة الأرض، وزيادة إنتاج المحاصيل، وتحسين وضعي المعيشي والمالي. وأنا واثق من أن الموسم القادم سيكون أفضل، حيث أنني الآن مستعد للعمل وزيادة إنتاجي." ويأمل عبد الله في الحصول على نظام ريّ بالتقطير لخفض تكاليف الزراعة بشكل أكبر.
تعزيز الأمن الغذائي
كانت إعادة تأهيل قنوات الري، إلى جانب بناء جدران الحماية، أمراً بالغ الأهمية لتحسين الزراعة المطرية في المنطقة، مما يُعزز الأمن الغذائي ويُعزز قدرة المزارعين على الصمود في وجه تغيّر المناخ.
يشرح دُنواه، وهو مزارع محلي وأب لثلاثة أطفال: "لقد حسّنت إعادة تأهيل القناة الريّ بشكل كبير وسمحت لنا بالاستفادة من مياه الأمطار التي كانت تجرُف التُربة وتُسبب أضراراً للمَزارع والمحاصيل."
يضيف دُنواه: "لم تعد الأمطار والفيضانات تُخيفنا. نشعر الآن بالأمان بعد إعادة تأهيل القناة... كنا ننفق الكثير من المال على الديزل للريّ بالمياه الجوفية، لكن التكاليف انخفضت الآن، وانخفضت أسعار هذا الموسم الزراعي."
***
بتمويل ودعم من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن (FSRRP) من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي. ويعمل الجزء الخاص ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تحسين البنية التحتية للإنتاج الزراعي وتعزيز القدرة على التكيّف مع تغيّرات المناخ بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة.