وفقًا للتقارير المتعلقة بتقييم حالة المناخ، يعيش ما يقرب من 3.3 إلى 3.6 مليون شخص في مناطق شديدة التأثر بتغير المناخ. ومع ذلك، فإنّ البلدان النامية والمتأثرة بالأزمات، كاليمن، هي أكثر عرضة لتغيرات المناخ. حيث أدى الصراع الذي طال أمده في اليمن إلى حالة من عدم الاستقرار تسببت في ظهور أنماط تنمية غير مستدامة تزيد من مخاطر المناخ، خاصة في المجتمعات الريفية التي تعتمد بشكل مباشر على النظم البيئية لتلبية الاحتياجات الأساسية.
يؤثر تغير المناخ على الجميع، ولكنه غالباً ما يعمّق عدم المساواة بين الجنسين، لا سيما في المناطق الريفية حيث تكون المرأة مسؤولة بشكل أساسي عن توفير احتياجات الأسرة من المياه ووقود الطهي والطاقة، وفي الغالب لا تملك النساء في الريف القدرة على التعبير عن آرائهن أو التحدث عن احتياجاتهن من الموارد أو الخدمات التي تساعدهن على التكيف مع تغير المناخ.
لكنّ نموذج الأعمال القائم على النوع الاجتماعي الذي طبقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كجزء من أنشطة مكون الطاقة الشمسية للبرنامج المشترك لتعزيز سبل العيش والأمن الغذائي في اليمن ساعد في إزالة الحواجز الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعيق مشاركة المرأة في تدخلات التكيف مع تغير المناخ.
من أحد المناطق الريفية على خطوط النزاع في أحد مديريات محافظة حجة الأكثر ضعفا، تمكنت ايمان هادي من كسر القيود المجتمعية وإدارة مشروعها الصغير في مجال الطاقة الشمسية. كونها امرأة تعيش في ريف منطقة عبس، لم يكن من السهل عليها إدارة مشروعها الخاص، سيما وأن والدها وإخوانها وبعض أفراد المجتمع كانوا معارضين وبشدة فكرة تشغيل إيمان لمحطة طاقة شمسية.
أدركت إيمان منذ البداية أن حياتها المهنية ستواجهها العديد من التحديات، وعلى رأسها القيود الاجتماعية التي شكلت عائق حقيقي امام كثيرمن رائدات الأعمال في اليمن، كما حدث معها تماما. ومع ذلك، تغلبت ايمان بعزيمتها واصرارها على هذه الصعوبات، ونجحت في إحداث تغيير جذري في مفاهيم مجتمعها الريفي المحافظ حول المرأة، حقوقها، امكاناتها، والدور الهام الذي تلعبة في أوقات النزاعات و الأزمات. أثبتت ايمان من خلال نجاحها في مشروعها الصغير بأنه يمكن وينبغي النظر الى النساء على أنهنّ عوامل فاعلة وداعمة للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.
لم تنجح إيمان في توفير طاقة نظيفة منخفضة التأثير للسكان في عبس بمحافظة حجة فحسب، بل تم الإعلان عنها مؤخرًا ضمن قائمة أكثر 100 امرأة مؤثرةً في العالم لعام 2020، والتي تنشرها قناة بي بي سي البريطانية كل عام، لقيادة التغيير الإيجابي وإحداث فرق خلال أوقات عصيبة تمر بها اليمن.
منذ أن بدأت مشروعها قبل ثلاث سنوات بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي، زاد عدد العملاء من 25 إلى 48 عميلًا وبلغ صافي الربح 2،210،000 ريال يمني (حوالي 3،684 دولارًا أمريكيًا) )، والذي يُعد مبلغاً كبيراً في الريف اليمني.
أظهر نجاح إيمان في إدارة وتنمية مشروعها الصغير في مجال الطاقة الشمسية أهمية إشراك النساء في الأنشطة المتعلقة بالمناخ لضمان استدامة النتائج، وبالتالي التخفيف من الآثار الناجمة عن تغير المناخ.
إيمان امرأة ملهمة ومؤثرة، كان نجاحها بمثابة الشرارة الأولى لتنفيذ 163 مشروعاً لشبكات الطاقة الشمسية الصغيرة في المناطق الريفية باليمن، مما ساعد أفراد المجتمعات المتضررة من الأزمة على إعالة انفسهم والنجاة من الأزمة من خلال خلق الدخل وتوليد الطاقة. تساهم شبكة صغيرة للطاقة الشمسية في تقليل 53,236 كيلوغراماً من انبعاثات الغازات الدفيئة (GHGs) على مدى السنوات الأربع الماضية، وتساهم الشبكات الصغيرة البالغ عددها 163 بشكل كبير في خفض ما يصل وزنه الى 2.17 كيلو طن من انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن إمدادات الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري لمدة عام .
لطالما شعرت إيمان بإحساس بالمسؤولية تجاه مجتمعها، ولهذا السبب تسعى جاهدة لرفع الوعي بأهمية الطاقة الخضراء لتعزيز مرونة المجتمعات الضعيفة في مواجهة الأزمات وتغير المناخ. بفضل إيمان، ستُتاح لنساء أُخريات الفرصة داخل اليمن وخارجه لإنشاء مشاريع طاقة شمسية مماثلة من شأنها تعزيز استخدام الطاقة الخضراء كمصدر بديل فعال للطاقة.
طموح إيمان الآن أقوى مما كان على الرغم من التحديات التي واجهتها، كما تغيرت المفاهيم لديها كرائدة أعمال، حيث تخطط لتوسيع محطة الطاقة الشمسية عبر مستثمرين محتملين أبدوا استعدادهم لتوفير التمويل اللازم من اجل التوسع. تحولت إيمان من متلقية للمساعدات الإنسانية من متلقية للمساعدات الإنسانية إلى رائدة أعمال ناجحة ومؤثرة مجتمعية.
تبقي رسالة إيمان إلى نساء اليمن دائماً: "لا تقفن حيث تفشلن، كافحن بعزم وثقة وستتحقق أحلامكن".
إجمالاً، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه، مؤسسة التنمية المستدامة، ومؤسسة كير، ومؤسسة للجميع بتركيب 13 شبكة صغيرة للطاقة الشمسية في أربع محافظات متضررة وهي حجة، والحديدة، وأبين ولحج، يستفيد منها أكثر من 44 ألف شخص. كما تم تدريب 713 فرداً على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية وصيانتها وإدارة الأعمال للمساعدة في إنشاء مشاريع صغيرة محلية للطاقة الشمسية وضمان استدامة أنظمة الطاقة المتجددة في اليمن.
***
تم تنفيذ هذه الأنشطة كجزء من البرنامج المشترك لتعزيز سبل العيش والأمن الغذائي في اليمن (ERRYJP II) بتمويل مشترك من قبل الاتحاد الأوروبي والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي.