تقول إيمان، مديرة محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في عبس، اليمن: "كوني كنت ضمن قائمة بي بي سي لأكثر 100 امرأة تأثيراً في العالم لعام 2020 يُعد مصدر فخر كبير لي ولشركائي في العمل ولليمن ككل".
إيمان هادي، وهي رائدة أعمال من المناطق الريفية في شمال اليمن، ليست بغريبة عن الفقر والبؤس الشديدين اللذين تعاني منهما الكثير من القرى النائية في البلاد حيث الخدمات الأساسية شبه معدومة. لكن إيمان تولِّد لديها شعور بالمسؤولية وقررت أن تفعل شيئاً حيال ذلك. تقول إيمان: "أدركت إلى أي مدى يعاني الناس في منطقتي، ولا سيما النساء، ولذا قررت تجاوز الحواجز الاجتماعية والثقافية والتصرف".
تقود إيمان مجموعة من 10 نساء قمن بتركيب محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لتوفير طاقة نظيفة ومنخفضة الأثر للسكان في عبس بمحافظة حجة. تقول إيمان: "حرم ارتفاع تكلفة الطاقة المولدة بالديزل الكثير من الأسر الفقيرة من الحصول على الكهرباء. لكن الآن، توفر محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية طاقة ميسورة التكلفة تستفيد منها 43 أسرة ... حتى الآن". تضيف إيمان: "أستطيع أن أقول بكل ثقة أنه يمكننا تخفيف معاناة السكان الضعفاء وتخفيف العبء الاقتصادي عن كاهلهم".
مؤخراً، تم الإعلان عن إيمان كواحدة من أكثر النساء تأثيراً في العالم لقيادة التغيير الإيجابي وإحداث فرق في أوقات تمر فيها اليمن بظروف عصيبة.
تفاجأت إيمان وأصابتها الدهشة عندما سمعت الخبر لأول مرة. تقول إيمان: "كنت في صنعاء برفقة أختي في المستشفى لعلاجها من السرطان. تلقيت مكالمة من أحد مهندسي الطاقة الشمسية الذي أبلغتي بالخبر السار. كنت متفاجئة جداً! استغرق الأمر مني بعض الوقت لأدرك العمل الرائع الذي قمت به ". تقول إيمان: "بعد أربعة أيام، عدت إلى المنزل مع أختي واستقبلتني أسرتي بحفاوة بالغة، على الرغم من حزنها الشديد على أختي. أعدت أسرتي كعكة للاحتفال وقامت بتهنئتي. حتى إخوتي – الذين كانوا معارضين بشدة لفكرة أن أقوم بتشغيل محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية – عانقوني بشدة".
كان والد إيمان أيضاً يعارض عملها في البداية، ولكن من خلال النقاش وزيادة إدراكهم لأهمية عملها، تمكنت من إقناع أسرتها بمنحها الفرصة لإدارة عملها الخاص. تقول إيمان بفخر: "كانت هذه بداية رحلة تغيير حقيقي في قناعات المجتمع فيما يتعلق بالمرأة ودورها وحقوقها وأهمية منحها الفرصة لإثبات نفسها".
منذ أن بدأت عملها قبل عامين، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي، ارتفع عدد العملاء من 25 إلى 43 وبلغ صافي الربح 1,200,000 ريال يمني (حوالي 2,070 دولار أمريكي) – وهو مبلغ كبير في المناطق الريفية في اليمن.
تقول إيمان: "قمنا بشراء خمس بطاريات إضافية لتلبية الطلب المتزايد؛ ونعمل حالياً على توسيع المحطة لتوظيف المزيد من النساء وتوفير الكهرباء لمزيد من الأسر". تتحدث إيمان قائلة بثقة: "في المستقبل القريب، أخطط لإنشاء محطة أخرى لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في إحدى المناطق المجاورة توجد فيها 47 أسرة بحاجة إلى الكهرباء. على المدى البعيد، فإنني أحلم بإطلاق محطة كبيرة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لتوسيع نطاق خدمات الطاقة الشمسية لتستفيد منها جميع الأسر في منطقة الغادي البالغ عددها 3,060 أسرة".
تدرك إيمان أيضاً أن الوضع الحالي صعب بالنسبة للكثير من اليمنيين. فقد واحد من كل أربعة يمنيين وظائفهم وأصبح الكثيرين يعانون من البطالة الجزئية – بالكاد يستطيعون تلبية احتياجاتهم. في سبيل مساعدة مجتمعها وتسخير حظها الجيد، لدى إيمان فكرة مبتكرة لصالح اليمنيين. تقول إيمان: "أخطط لتقديم قروض ميسرة من صافي أرباح محطة الطاقة الشمسية لتمكين شركائي في العمل من فتح مشاريع صغيرة مثل محلات البقالة والمخابز ومحلات بيع الملابس. سيؤدي ذلك إلى خلق فرص عمل وزيادة عدد الخدمات المتاحة للمجتمع".
ذاع صيت عمل إيمان في جميع أنحاء مجتمعها، مما أدى إلى إلهام جيرانها وأصدقائها ومنحهم الأمل. فالحة محمد، من سكان منطقة الغادي وتعيش مع والديها المسنين في كوخ. تعتمد الأسرة بشكل أساسي على ابنها الذي يقوم ببيع الماء البارد للحصول على دخل. لكن إمدادات الطاقة الموثوقة التي توفرها محطة إيمان للطاقة الشمسية شجعتها على شراء ماكينة خياطة وبيع ملابس النساء. نتيجة لذلك، ومع زيادة دخل الأسرة، تمكنت الأسرة من بناء منزل جديد مبني من الطوب وغرفة كبيرة.
إبراهيم علي، وهو أب لسبعة أطفال ويعمل بأجر يومي، أراد أيضاً تحسين الظروف المعيشية لأسرته. تواصل إبراهيم مع إيمان ليسألها عما إذا كان من الممكن شراء مسدس لحام وتشغيله بالطاقة الشمسية. أدركت إيمان ميزة فكرته وشجعته بسرعة على جعلها حقيقة واقعة. الآن، يقوم إبراهيم بلحام ما بين اثنين إلى ثلاثة خزانات مياه يومياً، وقد زاد دخله اليومي من 3,000 ريال يمني إلى 8,000 ريال يمني (من 5 دولار أمريكي إلى 14 دولار أمريكي).
تقول إيمان: "جاءني رجال ونساء من قريتي وطلبوا النصيحة حول كيفية تحسين ظروفهم المعيشية. هذا يعكس كيف تغيرت وجهات نظرهم حول المرأة العاملة". وتضيف: "على سبيل المثال، زارتني زهرة مؤخراً وهي أم لأربعة أطفال وفقدت زوجها في بداية الحرب".
منذ أن فقدت زوجها، عانت زهرة من مصاعب كبيرة – فهي امرأة وحيدة في بلد يعاني من ويلات الحرب. أجبرت الظروف الصعبة ابنها الأكبر – البالغ من العمر 15 عاماً فقط - على العمل كعامل باليومية مقابل أجر زهيد. لكن للأسف، تباطأت الأعمال وتوقفت الآن تمامًا بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). أدى ذلك إلى زيادة معاناة الأسرة التي تكافح من أجل توفير الغذاء والدواء.
تروي إيمان قائلة: "ذات مساء، بدأت زهرة تشكو من صعوبة الحياة التي تعيشها مع أطفالها. اقترحت عليها أن تفكر في توصيل الكهرباء إلى منزلها وشراء خلاط كهربائي، وصنع البخور الذي يمكنها بيعه مقابل الربح. أعجبت زهرة بالفكرة وسرعان ما أخذت قرارها. بدأت الآن تمارس عملها الخاص وأصبحت امرأة منتجة تتمتع بمصدر دخل مستدام لها ولأسرتها".
في الثامن من مارس، اليوم العالمي للمرأة، سألنا إيمان عن ما تود أن تقوله لنساء اليمن. كانت لديها ثلاث رسائل لنقلها.
- "الرسالة الأولى لجميع النساء اليمنيات العظيمات: لا تقفن في المكان الذي تفشلن فيه. كافحن بعزم وثقة وستتحقق أحلامكن".
- "الرسالة الثانية للمجتمع: النساء لسن ربات بيوت فقط، نحن نمثل نصف المجتمع؛ لدينا الحق في تكافؤ الفرص في جميع جوانب الحياة".
- "ثالثاً وأخيراً، أود أن أشكر جميع الرجال في قريتي الذين كانوا يوماً ما يعارضون عمل النساء خارج المنزل، لكنهم اليوم يقدمون الدعم والتشجيع".
إجمالاً، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشريكه مؤسسة التنمية المستدامة بتركيب نظامين لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في اثنين من المجتمعات. تم تدريب 20 فرد على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية وصيانتها وإدارة الأعمال للمساعدة في إنشاء مؤسسات محلية لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وضمان استدامة أنظمة الطاقة المتجددة في اليمن.
***
تم تنفيذ هذه الأنشطة في إطار البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي في اليمن (الصمود الريفي 2) بالشراكة مع مؤسسة التنمية المستدامة وبتمويل ودعم سخي من الاتحاد الأوروبي.