كيف يقوم مركز التدريب المهني في الرمادي بتدريب رواد الأعمال للمستقبل
مهارات المستقبل
13 سبتمبر 2022
عادت زمن عواد فرحان البالغة من العمر 30 عاماً إلى الرمادي في عام 2017 بعد تحرير المدينة من سيطرة تنظيم داعش. لكن بعد عودتها مع زوجها وأطفالها الثلاثة فوجئت بواقع حزين ومؤلم. "لقد تعرض منزلنا لأضرار قوية جراء هجوم بقذائف الهاون، كنت أدير متجراً للمواد الغذائية والبقالة وفقدت كل شيء، بعد أن استنفدت كل مدخراتي المالية للاعتناء بأسرتي أثناء النزاع، لم أتمكن من إعادة فتح المتجر، وقد أجبرني ذلك على ان ابحث عن وظائف أخرى وقد تكون متعبة لتغطية نفقاتهم".
بحثاً عن مصدر دخل ثابت عثرت زمن على فرصة تدريب مهني لمدة شهر ونصف لتصفيف الشعر في مركز التدريب المهني في الرمادي. "رأيت الدعوة للمتقدمين على وسائل التواصل الاجتماعي وقدمت على الفور"، وهي الآن تسعى لتحقيق حلمها بافتتاح صالونها.
أعيد افتتاح المركز في كانون الأول 2019 بعد أن دمره تنظيم داعش، تم إعادة تأهيل وتجهيز المبنى الرئيسي بالأضافة الى 14 ورشة عمل من خلال برنامج إعادة الاستقرار في العراق، بقيادة محافظة الأنبار والمجلس البلدي والمحلي في الرمادي، منذ إعادة افتتاحه، تم تدريب أكثر من 2000 مواطناً عراقياً مثل زمن من خلال المركز، مع ملاحظة زيادة الأعداد كل عام.
نظراً لتوفر الأموال للدورات التدريبية فقد تمكن أكثر من 130 ألف باحث عن عمل مسجلين في مديرية العمل والشؤون الاجتماعية في الأنبار الوصول إلى المركز لاكتساب المهارات في إصلاح الأجهزة المنزلية وتصفيف الشعر والسباكة والخياطة والنجارة والأعمال الكهربائية وميكانيكا السيارات.
أحمد محمد زكي الذي يبلغ من العمر 44 عاماً، يدير مركزاً للتدريب المهني حيث يقول: "لقد قطعنا شوطاً طويلاً منذ التحرير. ويسعدني أن أرى سكان الرمادي يستفيدون من التدريبات المتنوعة التي يتم إجراؤها هنا، لقد أصبح هذا المركز مركزاً ليس فقط للدورات التدريبية وورش العمل، ولكن أيضاً للاجتماعات والمناقشات الخاصة بأنشطة التماسك الاجتماعي"، ويؤكد أحمد أن المركز مجهز بشكل جيد وكذلك تتم صيانته وإدارته بكفاءة.
"المهارات المهنية عادة ما ينظر إليها بازدراء في العراق. نحن بحاجة إلى تغيير طريقة تفكير الناس وجعلهم يرون في ذلك فرصة لتأسيس أعمالهم الخاصة" يلعب أحمد دوراً مهماً في نشر الوعي حول الدورات المختلفة المتاحة في المجتمعات التي يصعب الوصول إليها في الأنبار، مما يوفر للفئات الأكثر ضعفاً فرصاً للوصول إلى عمل مستقر طويل الأجل.
"لقد لعب إعادة تأهيل المركز دوراً كبيراً في خلق فرص اقتصادية وفرص عمل للعائدين إلى الرمادي وإيجاد سبل لإعادة بناء حياتهم. قال الدكتور إبراهيم خليل عوسج، رئيس بلدية الرمادي: "لقد قمنا بصيانة المنشأة وكفلنا تنظيم الدورات بانتظام"، تلعب البلدية المحلية دوراً رئيسيًاً في ضمان وصول المعلومات حول الدورات والفرص التي يقدمها المركز إلى المجتمعات في جميع أنحاء الرمادي.
تمكنت فاتن عدنان عادل البالغة من العمر 27 عاماً من إقناع عائلتها بأنها تستطيع كسب الدخل والمساعدة في إعالة اسرتها"، لم يكن من السهل إقناع عائلتي أيضاً، اذ كنت سأعمل وأبدأ مشروعاً تجارياً. كنت أرغب في ان اخطو خطوة الى الامام واكتساب مهارة غير تقليدية".
وجدت في مركز التدريب المهني في الرمادي الفرصة لاكتساب المهارات التي تحتاجها لتصبح كهربائياً، "في البداية كان المشاركون الذكور الآخرون مترددين قليلاً في التعامل معي. وفي النهاية، أخذوني على محمل الجد. ظللت أركز على تعلم وصقل مهاراتي، تعلمت تركيب الأنظمة الكهربائية وإصلاحها وصيانتها."
لم تقدم هذه التجربة لفاتن مهارات جديدة فحسب، بل عززت أيضاً تقديرها لذاتها. كانت تحصل على راتب يومي 15 دولاراً، "لقد ادخرت معظم راتبي لشراء مجموعة أدوات لبدء عملي"، ستصبح فاتن قريباً معيلة لأسرتها وتكسر الحواجز في مجال يهيمن عليه الرجال تقليدياً.
ساعدت الدورات التدريبية الخاصة باستخدام المكائن والمعدات إياد نافح حسين الذي يبلغ من العمر 37 عاماً على بدء عمله، "المهارات التي تعلمتها ستبقى معي طوال حياتي. والأهم من ذلك، أن ورشة العمل مجهزة جيداً وتمت صيانتها بشكل جيد. لقد تمكنت من اكتساب خبرة عملية وتطبيقية." نزح أياد خلال النزاع وعاد إلى الرمادي في 2018 وواجه صعوبة في تغطية نفقاته. "لدي أمل الآن. أريد أن أبدأ في قول إنني جاهز ومستعد للعمل."
بعد أكثر من خمس سنوات على التحرر من داعش، يواجه العراق مشاكل جديدة لعدم الاستقرار بسبب نقص فرص كسب العيش والاضطراب الاقتصادي. يمكن لمراكز التدريب مثل هذه أن تكون مفيدة في توفير المهارات التقنية للأشخاص العاطلين عن العمل، أو الذين يتطلعون إلى إنشاء أعمال تجارية أو غير قادرين على الوصول إلى التعليم العالي.
يضيف الدكتور إبراهيم، رئيس بلدية الرمادي، "لدي أحلام كبيرة لأهل الرمادي، آمل أن نتمكن من الاستمرار في خدمة الناس وضمان استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني. إن ضمان التشغيل السهل للمنشآت مثل مركز التدريب المهني سيسهم في استقرار الرمادي ونموه الاقتصادي. آمل أن نستمر في إشراك الشباب في الأنشطة الإنتاجية والاقتصادية حتى يتمكنوا من الابتعاد عن التطرف والمساهمة في مستقبل العراق ".
اليوم، مع أكثر من أربعة عشر دورة تعقد ثلاثة أيام في الأسبوع، فإن مركز التدريب المهني في الرمادي ينبض بالحياة والامل.
تم تنفيذ إعادة تأهيل وتجهيز مركز التدريب المهني في الرمادي بواسطة برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة بتمويل من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. في حين تم دعم توريد معدات وأثاث تكنولوجيا المعلومات من قبل جمهورية ألمانيا الاتحادية، من خلال بنك التنمية. تم توفير التجهيزات الاخرى لمعدات محددة لورش العمل من قبل فنلندا والنرويج وإيطاليا والدنمارك والسويد والاتحاد الأوروبي.