معالجة شحة المياه والتصحر من أجل محاصيل اكثر استدامة
مجابهة آثار تغيُّر المناخ بهدف تعزيز الأمن الغذائي في اليمن
29 سبتمبر 2024
في اليمن، أثرت أسعار الوقود المرتفعة والعديد من العوامل الأخرى المتأثرة بالصراع الذي طال أمده على القطاعات الإنتاجية، وكان قطاع الزراعة الأكثر تضرراً. وقد أدت آثار تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه، إلى تفاقم الوضع، مما جعل آلاف الأسر الريفية عرضة لانعدام الأمن الغذائي.
يلعب توافر المياه دورًا حاسمًا في الزراعة والأمن الغذائي: فهو ضروري لزراعة المحاصيل وتربية الماشية والحفاظ على التربة. كما يسمح للمزارعين المكافحون بتوسيع رقعة الأراضي الصالحة للزراعة وإنتاج المزيد. وهذا بدوره يسمح لهم بإطعام أسرهم وكذلك بيع المنتجات الإضافية لكسب الدخل.
وقد أعاقت التحديات التي تفرضها ندرة المياه وتغيُّر أنماط الطقس في اليمن الجهود المبذولة لضمان الأمن الغذائي. تتأثر العديد من الأراضي الزراعية في اليمن بالفيضانات والأمطار الغزيرة وكذلك التصحر الناجم عن الجفاف، مما يجعل من الصعب وبشكل متزايد الحفاظ على الإنتاج الزراعي.
استجابة لتحديات الأمن الغذائي في اليمن، دخل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في شراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية لتنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي. يُعالج المشروع، المُموّل من البنك الدولي، هذه القضايا من خلال بناء خزانات حصاد مياه الأمطار، ومنع تآكل التربة، والحفاظ على الأراضي الزراعية، وكل ذلك مع خلق فرص عمل للمجتمعات المحلية وتسهيل وصولهم إلى المياه من أجل الري وتنمية الثروة الحيوانية، مما يوفر نهجًا شاملًا لمعالجة انعدام الأمن الغذائي.
توفير المياه لمواسم زراعية مثمرة
اليوم، يزرع سليمان، وهو مزارع يبلغ من العمر 42 عامًا، مجموعة متنوعة من المحاصيل على أرضه. حتى وقت قريب، كان يقتصر على زراعة نوع أو نوعين فقط من الخضروات حيث كان يكافح ندرة المياه التي تؤثر على قريته شريج الأشراف في أسلم، وهي عُزلة بمحافظة حجة في شمال اليمن.
يوضح قائلاً: "يعتمد المزارعون بشكل كبير على مياه الأمطار والآبار للري، مما كان يحد في السابق من الموسم الزراعي على بعض محاصيل الخضروات مثل الطماطم والكوسا والبامية والموز والفلفل."
يقول سليمان: "مع بناء خزانات ري تكميلية في القرية، تحسن الوضع بشكل كبير هذا العام. حتى أن توافر المياه جعل من الممكن زراعة الأراضي القاحلة بالقرب من الخزان. هذه الأراضي أصبحت الآن مروية وخضراء وتنتج مجموعة من المحاصيل المختلفة."
تمكين المجتمعات المحلية
نظرًا لأن مياه الري عنصر بالغ الأهمية في بناء الأمن الغذائي، فقد قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ببناء ثلاثة خزانات لحصاد مياه الأمطار تتراوح سعتها بين 250 و350 مترًا مكعبًا في عُزلة أسلم بمحافظة حجة، حيث يزرع سليمان محاصيله.
وقد زودت خزانات مياه الأمطار هذه المزارعين بمصدر مستدام للري، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في الإنتاجية الزراعية وتحسين الظروف المعيشية العامة للعديد من الأسر الزراعية.
يوضح سليمان: "لم توفر خزانات الري التكميلية حلاً لنقص المياه فحسب، بل وفرت علينا أيضًا قدرًا كبيرًا من المال والجهد من خلال منع فشل الحصاد."
تسمح خزانات الري التكميلية للمجتمعات المحلية في اليمن بجمع مياه الأمطار لاستخدامها في المستقبل في الري، مما يعالج التحدي المستمر المتمثل في ندرة المياه في بلد تعتبر فيه الزراعة المطرية- خاصة في المناطق النائية والمعزولة- المصدر الرئيسي لكسب العيش للكثيرين.
يقول سليمان: "نقص المياه يعني الموت للأراضي والزراعة معاً. كنت أخشى أن تفشل محاصيل الطماطم أو الكوسة إذا تعطلت الأمطار أو لم يكن هناك ما يكفي من الأمطار قبل الحصاد. ولكن الآن، أعلم أن هناك مصدر ري مُتاح ومُستدام، وأعلم أن المياه المخزّنة ستغطي احتياجات أرضي ومحاصيلي خلال موسم الجفاف."
الحفاظ على الأراضي يحسن الإنتاج
أدى تنفيذ تدخلات الحفاظ على الأراضي الزراعية، بما في ذلك بناء مناسح وقنوات الري، إلى إحداث تحسينات كبيرة في استخدام مياه الأمطار، وتوسيع الأراضي المروية، والحفاظ على الأراضي الزراعية من تآكل التربة الناجم عن هطول الأمطار الغزيرة.
قبل هذه التدخلات، كان المزارعون في عبس، بمحافظة حجة، يواجهون خسائر سنوية كبيرة، حيث كانت مزارعهم تتعرض للانجراف بسبب الأمطار الغزيرة بشكل متكرر.
لم يُؤد البناء الناجح لمناسح الري في إطار المشروع إلى حماية الأراضي الزراعية من التآكل وحسب، بل أدى أيضًا إلى تحسين حياة أولئك الذين يعملون في الأرض.
يقول محمد، وهو مزارع يبلغ من العمر 35 عامًا من قرية القفرة القريبة: "لقد لاحظ جميع المزارعين الآثار الإيجابية لمناسح الري المشيدة حديثًا." وأضاف: "كانت أراضينا عرضة للتآكل بسبب التغيرات غير المتوقعة في موسم الأمطار، وكان لهذا تأثير كبير على الإنتاجية الزراعية."
كان على محمد في السابق أن يدفع لاستئجار جرار لإصلاح مزرعته ومحاولة ومنع انجراف تربتها. ومع ذلك، فإن تنفيذ تدخُّل مناسح الري يعني أن أرضه أصبحت محمية الآن- وهو أمر يقول محمد إنه يُشعِرُه بفرحة حقيقية.
ويوضح محمد قائلاً: "نحن نأكل جزءًا مما نزرعه في المنزل ونبيع الفائض في السوق." "هذا الدخل الإضافي يساعدني في شراء المستلزمات الزراعية وكذلك الضروريات لعائلتي،" مضيفًا أن "الصراع كان له تأثير عميق على المزارعين. لقد ارتفعت أسعار المبيدات والأسمدة والوقود بشكل كبير، مما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية المتدهورة بالفعل."
وتعني زيادة المحصول، زيادة الكمية المخصصة للبيع في السوق- مما يسمح لمحمد بالاستمرار في توفير احتياجات اسرته.
البنية التحتية الزراعية وفرص العمل
من خلال تدخلات الحفاظ على الأراضي، يتم دعم القطاع الزراعي في اليمن ليزدهر ويُوفر مصدر دخل حيوي للعديد من المزارعين وأسرهم.
ولا تساهم هذه المشاريع في تحسين الإنتاجية الزراعية فحسب، بل تساهم أيضًا في تطوير البنية التحتية للمجتمع مع خلق فرص عمل لائقة للسكان.
يقول عبد الإله، استشاري الصندوق الاجتماعي للتنمية لبناء مناسح الري في الوسط، إحدى عُزل مديرية عبس: "استهدف هذا المشروع أكثر من 200 أسرة."
يوضح عبدالإله قائلاً: "تلعب مناسح الري دورًا حاسمًا في تنظيم عملية الري الفيضي بين الأراضي، مما يعزز احتباس الماء والحفاظ على مستوى المواد العضوية في التربة. وهذا يساهم في نهاية المطاف في تحسين الإنتاجية العامة للأراضي الزراعية في المنطقة."