يصادف اليوم مرور عام على إعلان منظمة الصحة العالمية كوفيد-19 جائحة عالمية في 11 آذار (مارس) 2020. لنلق اليوم نظرة على استجابة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الفورية في تلبية احتياجات العراق الصحية الحرجة التي كشف عنها الضغط الهائل على النظام الصحي في البلاد.
لمواجهة كوفيد-19، شرعت حكومة العراق باتخاذ تدابير معينة في شباط (فبراير) 2020 وسط تحديات سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية شملت احتواء الفيروس ومنعه من الانتشار، وتعزيز النظام الصحي، وإشراك السكان، ومراجعة قواعد السفر.
وفي وقت لا يزال فيه العراق يترنح ويعيد الإعمار إثر الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية، أضافت جائحة كورونا مزيداً من الضغط على أنظمة الرعاية الصحية. وبفعل التعامل مع أزمات عديدة في وقت واحد، تزايدت الحاجة إلى توفير أجنحة للعزل ومعدات طبية للعناية بالمصابين ورعاية المرضى وتخفيف الضغط على المرافق الصحية وإنقاذ حياة الناس.
يقول الدكتور حيدر المقدمي، مدير مستشفى بعقوبة العام في ديالى منذ عام 2015: "شكل هذا الفيروس ضغطا على جميع الأقسام ضمن المرفق الصحي نفسه، حيث تنصب الجهود على علاج مرضى كوفيد-19 ولكن هناك أيضاً مرضى آخرون، يعاني بعضهم من حالات حرجة ويحتاجون الرعاية أيضاً". ويضيف: "للأسف، يأتي بعض المرضى إلى المستشفى بعد وقت طويل من إصابتهم بالفيروس، وهذا يلحق الضرر بجهازهم التنفسي ويعقد شفاءهم".
وقد استفاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق من الآليات الموجودة والموارد الداخلية للاستجابة السريعة وضمان التنفيذ الجيد في ظرف متغير وسريع ومعقد. فمن خلال مشروع إعادة الاستقرار، جمع البرنامج 40 مليون دولار لمواجهة كوفيد-19 من مساهمات جديدة أو إعادة توجيه تمويل سابق بموافقة المانحين. ومما ساعد البرنامج على التحرك بسرعة الفريق المتفاني الذي استمر في عمله على الأرض في ظل ظروف صعبة للغاية، إلى جانب جهاز تشغيل قوي.
منذ انطلاقه في عام 2015، بقي مشروع إعادة الاستقرار يركز على إعادة تأهيل البنى التحتية الحيوية ودعم استعادة الخدمات الأساسية في المحافظات الخمس التي تحررت من تنظيم الدولة الإسلامية. ونسق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عملياته بسرعة من خلال إنشاء "مركز خدمات" يضمن سرعة العمل والقدرة على التكيف والمرونة في التنفيذ.
تقول السيدة زينة علي أحمد، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق: "في الأيام الأولى للجائحة، كنا نتمتع بسرعة في العمل، كافية لاكتشاف ثغرات النظام الصحي فوراً. وبصفتنا شريك التنمية الأول في العراق، أثبتنا قدرتنا على الاستجابة واستكمال العمل بسرعة وكفاءة. لم يكن هذا ممكناً لولا الفريق المتفاني على الأرض الذي عمل بسرعة وكفاءة في ظروف صعبة للغاية، ولولا شركاؤنا ومانحونا الذين قدموا موارد كنا بأمس الحاجة إليها".
وباستخدام أساليب مجربة جرى اختبارها، تشمل خطة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمواجهة كوفيد-19 تشييد وإعادة تأهيل 16 جناح عزل في شتى أنحاء العراق. وبناء على المناقشات مع وزارة الصحة، وبتنسيق كامل مع منظمة الصحة العالمية، استهدف البرنامج تسعة مواقع، لكنه وسع عملياته لتشمل بناء 16 جناحاً في 15 موقعاً في العمارة، وبعقوبة، والبصرة، والديوانية، ودهوك، وأربيل، والفلوجة، والحلة، وكربلاء، وكركوك، والموصل، والنجف، والناصرية، والرمادي، وتكريت، والسماوة.
يقول الدكتور علي الياسري، مدير المشاريع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق الذي قاد تخطيط عمليات الاستجابة: "تم دمج خطتنا في المواجهة مع استجابة الأمم المتحدة الشاملة والمتوافقة مع خطة تأهب منظمة الصحة العالمية. ولكون عزل الحالات الإيجابية ومعالجتها بسرعة خطوة حيوية للحد من انتشار العدوى، فقد ركز البرنامج على بناء أو إعادة تشييد غرف عزل منقولة جواً وتجهيزها لتوفير العناية اللازمة. وقد عملنا في كل خطانا بالتنسيق مع شركائنا لضمان التعاون والتنسيق، لا سيما بين وكالات الأمم المتحدة ووزارة الصحة".
بدأ تشييد أجنحة العزل بتقييم أولي لثغرات البنى التحتية، تلاه تقييم للمواقع المحددة، وأخيراً اختيار المقاول المنفذ من خلال مناقصة مفتوحة تنافسية يقودها مركز الخدمات القائم.
في الظروف الهشة، عندما تكون الجداول الزمنية والكفاءة ضرورية، تتحدث كارينا شيجبالوفا، وهي مهندسة ومديرة مشاريع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق عن أسلوب العمل في بناء الأجنحة، تقول: "كان لدينا مهندسون جاهزون على الأرض، فتمكنا بذلك من إعادة التخطيط استراتيجياً والتركيز على أجنحة العزل. وقد اضطرنا التوسع إلى مناطق أخرى من العراق إلى التفكير بطريقة إبداعية في تصميم الأجنحة، والاستفادة من مواهب فريق المهندسين الذين سبق لنا العمل معهم. هناك الكثير من المهندسين في العراق وهذا يسهل عملنا أكثر بحيث يمكننا الاعتماد على كوادرنا ميدانياً. وقد اتخذنا تدابير إضافية لضمان سلامة وتحرك كافة الفرق المشاركة".
في بعض الحالات، مثل أجنحة العزل في مستشفى تكريت التعليمي في صلاح الدين، أعيد تأهيل البنى التحتية التي تضررت أثناء الصراع. وفي حالات أخرى، كأجنحة العزل في النجف، أعيد تشييد المرافق من الصفر.
كان سَجّاد، 24 عاماً، عاملاً في مطعم لكنه أصبح الآن عامل بناء يساعد في تشييد 20 وحدة عزل في مستشفى الحسين في كربلاء، وهو يعلم جيداً مسؤولية دعم المواجهة الوطنية لكوفيد-19. "ينتابني الشعور بأهمية إنجاز العمل عندما أكون مثابراً في عملي وأؤديه بشكل جيد وأكمل عملاً رفيع المستوى. آمل، عندما تنجلي هذه الغمة، أن نصبح أقوى ونتغلب على مصاعب أكبر وأن نصبح مجتمعاً أكثر قدرة على مواجهة المصاعب".
تم حتى الآن تشييد 238 غرفة عزل محمولة جواً في 16 موقعاً. كما تم تسليم 180 جهاز تنفس وجهاز مراقبة مرضى، وعشرة أجهزة لتنظيم ضربات القلب، و180 جهاز شفط إلى ثمانية مرافق صحية. في المقابل، قدم للمرافق الصحية 8,160 جهاز تنفس N95 في ثمان محافظات. ويجري العمل الآن على توفير معدات طبية ومعدات حماية شخصية للمواقع المتبقية.
لقد كانت استجابة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة شعب العراق سريعة بفضل الدعم السخي والفوري من بلجيكا، وكندا، والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، وهولندا، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية.