صناعة الأمل وبناء المجتمع بعد النزوح

31 أكتوبر 2024
a person standing on top of a wooden fence


في قضاء القائم، حيث تغرب الشمس على أراضٍ صامدة تبدأ قصة نسيم - قصة مليئة بالصمود والأمل والتجديد. كان نسيم في سن الثالثة والخمسين عندما تحدته الظروف وبدأ يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك النزوح من منزله وفقدان وظيفته بسبب الاضطرابات في بلده. عاش نسيم  وعائلته لمدة أربع سنوات في مخيم الهول، يتنقلون بين ظروف قاسية وحالة من عدم الاستقرار قبل أن يعودوا أخيراً إلى ديارهم في عام 2022. لكن العودة لم تكن سهلة، فقد واجهوا رفض المجتمع وإنعدام سبل العيش.

بدأت حياة نسيم تتغير عندما تم قبوله في برنامج دعم الأعمال الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الرؤية العالمية بدعم سخي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. لم تكن هذه المبادرة مجرد مساعدة مالية، بل كانت شريان حياة، وجاءت المنحة لتناسب شغفه في الحدادة.
 

a man holding a baseball bat


يقول نسيم، وعيناه متوهجتين بالأمل: "هذه المنحة لم تكن مجرد مال؛ كانت أملاً جديداً. كانت فرصة لإعادة بناء حياتي من الصفر" بفضل هذا الدعم الذي تلقاه  يخطط نسيم لإنشاء ورشة صغيرة، يحول مهاراته إلى مصدر دخل مستدام له ولعائلته. ستمكنه المنحة من شراء أدوات ومواد متطورة، مما يوسع عمله ويحسن جودة انتاجه.

لم يكن تأثير البرنامج مقتصراً على الاستقرار المالي فحسب، فمن خلاله تلقى نسيم تدريب مكثف على إدارة الأعمال، تعلم منها مهارات أساسية  في مجالات التخطيط المالي و التسويق، وإدارة المشروع، مما ساعده على إيجاد سبل عيش مستدامة. يوضح نسيم: "زودني هذا التدريب بالمعرفة لتحويل أحلامي إلى حقيقة"، مشدداً على أهمية القيادة والتواصل الفعال في إدارة الأعمال الناجحة.

building,outdoor,man,holding,banana,wooden,board,standing,brick,hat,table,cutting,street


رحلة نسيم لم تكن مجرد تعافٍ اقتصادي؛ بل كانت تسلط الضوء على الجهد الجماعي لإعادة الادماج والدور الكبير الذي يلعبه في تعزيز التماسك المجتمعي. سمحت له مشاركته النشطة في البرنامج بالتواصل مع مختلف شرائح المجتمع، مما رأب الفجوة بين العائدين والسكان المحليين. من خلال أعماله وجهوده الشخصية، أصبح نسيم جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، يقدم خدمات وفرصاً تفيد مجتمعه.

بحسب نسيم: "كوني جزءاً من هذه المجموعة أعطاني شعوراً بالانتماء. لقد بنيت علاقات تمكنني من مواجهة التحديات المستقبلية." لم يساعده التفاعل مع أعضاء المجتمع الآخرين على التغلب على الخوف من العزلة فحسب، بل عزز أيضاً دوره في إعادة بناء الروابط المجتمعية.

وقد عززت جلسات الدعم النفسي المنتظمة من صموده، مما ساعده على إدارة التوتر وإعادة بناء صحته النفسية. ويقول نسيم: "الدعم النفسي خفف الكثير من القلق الذي كنت أشعر به. أشعر بأنني أكثر استعداداً للتعامل مع ما قد تأتي به الايام."
 

a man sitting on a wooden bench


بينما يستعد نسيم لإطلاق عمله يجتاحه شعور عارم بالتفاؤل لمستقبل زاهر. لا يتطلع نسيم الى توفير  لقمة العيش لعائلته فقط بل أيضاً توفير فرص عمل للآخرين في مجتمعه. ويضيف نسيم مدفوعاً برغبة في المساهمة في الاقتصاد المحلي وتعزيز الوحدة بين أولئك الذين شاركوا تجارب مماثلة: "بتمكيني لنفسي، آمل أن أمكن الآخرين."

بالنسبة لنسيم، تمثل هذه المنحة لحظة محورية - جسراً من ماضٍ مؤلم إلى مستقبل مليء بالأمل. تبين رحلته مرحلة التأثير التحويلي للدعم المستهدف، وتطوير المهارات، والمشاركة المجتمعية. مع هدف متجدد، يقف نسيم مستعداً لاحتضان الفرص المقبلة، ملتزماً ببناء حياة مستقرة ومرضية لعائلته والمساهمة في مستقبل أكثر إشراقاً لمجتمعه.

أنهى نسيم كلامه بالقول: "معاً، يمكننا التغلب على تحديات النزوح. معاً، يمكننا بناء مستقبل أكثر إشراقاً."

بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تؤكد هذه المبادرة على الجهد التعاوني لدعم الأفراد مثل نسيم في رحلتهم نحو إعادة الاندماج وبناء المجتمع.