بيان حول التطورات في سوريا

12 ديسمبر 2024

تقف سوريا اليوم على أعتاب لحظة تاريخية قد تؤذن بنهاية 14 عاماً من فقدان الأرواح والمعاناة والقمع للشعب السوري، ومن الدمار الهائل لاقتصاد البلاد، وبنيتها التحتية، ورأس مالها البشري. خلال تلك الفترة، حُرم السوريون من أية آفاق حقيقية للتنمية.

ووسط شكوك ومخاوف عديدة قد ترافق نهاية نظام الأسد الذي حكم البلاد لأكثر من خمسة عقود، توفر اللحظة الحالية فرصة فريدة للسوريين لاستعادة مستقبل من الاستقرار والسلام والأمل لإعادة البناء قدماٍ.

المجتمع الدولي لديه اليوم فرصة حقيقية لدعم سوريا من خلال تسهيل المساعدات الإنسانية على الفور، وتعزيز الاستقرار، والمساعدة في إعادة بناء مؤسسات البلاد لتعكس تطلعات مواطنيها.

فلقد خلف أكثر من عقد من الصراع إلى جانب سوء الإدارة، والعقوبات الدولية، ومؤخراً الأزمات الإقليمية والعالمية، أزمة حادة للاقتصاد السوري ستتطلب تخطيطاً وعملاً دقيقين لوقف الانهيار الاقتصادي. إذ يبلغ الناتج المحلي الإجمالي السنوي اليوم حوالي 15% من قيمته قبل 14 عاماً—بالقيمة الحالية للدولار، مما يعني أنه فقد 54 بالمئة من قيمته الحقيقية بالعملة المحلية، إذ تضاعفت قيمة الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية 300 مرة خلال الفترة نفسها.

وبين عامي 2010 و2022، شهدت سوريا انخفاضًا بنسبة 16 بالمئة في قيمة مؤشر التنمية البشرية، أي ما يعادل خسارة 35 عامًا من التنمية، مع انخفاض ترتيبها العالمي من 117 في عام 2010 إلى 157 في عام 2022. واليوم، تكافح معظم الأسر السورية من أجل الحفاظ على سبل العيش الأساسية، وشراء الوقود اللازم للتدفئة، وإطعام أطفالهم، والحفاظ على صحتهم وإبقائهم في المدارس لمواصلة تعليمهم.

ومن شأن انتقال سياسي منظم وسلمي أن يتيح فرصة كبيرة لإعادة بناء المؤسسات الوطنية الأساسية التي تم إضعافها، واستعادة معايير العدالة والمساءلة وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي لدعم المصالحة الوطنية ومساعدة المجتمعات المحلية على تجاوز جراحها والتعافي.

لقد رافق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الشعب السوري على طريق التنمية البشرية المستدامة لأكثر من 60 عامًا. إذ حافظ البرنامج دائمًا على حضور قوي على الأرض، بدعم من سبعة مكاتب ميدانية تغطي جميع محافظات سوريا الأربع عشرة، حيث ينتهج عملنا نهج "سوريا واحدة على كامل الأرض السورية". وفي حين تظل الظروف الحالية متقلبة والمستقبل واعدًا، وإن كان محفوفاً بالمخاطر، فإننا سنواصل العمل مع الشركاء الإنسانيين لمعالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة واحتياجات النازحين.

واليوم إذ تتواصل التطورات على الأرص، نقف على استعداد أكثر من أي وقت مضى لمساعدة كافة السوريين على الانتقال إلى مستقبل يوفر لهم الفرص والازدهار، ولعيش حياتهم بكرامة وتحقيق طموحاتهم، من خلال توسيع نهج تنمية المناطق المحلية لدعم نظم تقديم الخدمات الأساسية لتضطلع بعملها بشكل فعال ومنصف؛ ومساعدة المجتمعات المحلية على تعزيز التماسك والسلام الاجتماعي لتجاوز الاستقطاب والانقسامات التي خلفتها الأزمة المطولة؛ وتعزيز فرص التعافي الاقتصادي؛ وتدعيم نظم مسؤولة وفعالة للحكم المحلي، تحفظ الحقوق وتحارب الفساد وتضمن العدالة للجميع.