نيويورك – توجيه التدابير المعنية بتوفير الدخل الأساسي المؤقت خصيصاً إلى مئات الملايين من النساء في البلدان النامية في العالم المقدم من شأنه أن يحول دون زيادة الفقر واتساع نطاق عدم المساواة بين الجنسين أثناء جائحة كوفيد-19، وفقاً لتقرير جديد أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذا الأسبوع مواكبة للاحتفال بيوم المرأة العالمي الذي يُحتفل به اليوم تحت عنوان "النساء ودورهن القيادي: تحقيق مستقبل متساوٍ في عالم تسوده جائحة كوفيد-19"
تبين نتائج التقرير أن الوباء أضر بالنساء أكثر من الرجال، حيث تسبب في خسارتهن لمصادر الدخل وخروجهن من سوق العمل بمعدل أعلى وتحملهن للعبء الأكبر من أعمال الرعاية. لذلك، فإن توفير الدخل الأساسي المؤقت يحقق لهن استقراراً مالياً على المدى القصير مما يمهد الطريق لاستثمارات مستقبلية تعالج بشكل منهجي أوجه عدم المساواة بين الجنسين.
يُظهر مقترح توفير الدخل الأساسي المؤقت على نطاق واسع والذي يقترحه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن استثماراً شهرياً بنسبة 0.07 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان النامية، أو ما يعادل 51 مليار دولار (مقوماً حسب تكافؤ القوة الشرائية) من شأنه أن يوفر استقراراً مالياً موثوقاً لحوالي 613 مليون امرأة في سن العمل يعيشن تحت خط الفقر، إذ يوفر لهن الدخل الضروري ويخفف من الضغوط الاقتصادية التي يواجهنها كل يوم.
كذلك فإن توجيه مخصصات الميزانية الإسمية خلا ل الأشهر الستة القادمة لمساعدة النساء اللاتي يعانين أوضاعاً بائسة من شأنه أن يسهم أيضاً في منحهن القدرة على التحكم في زمام أمور حياتهن مالياً.
وقال آخيم شتاينر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "يمكن للحكومات أن تتخذ إجراءات ذات أثر مباشر في التو والحال من خلال إعادة توجيه 0.07 في المئة فقط من ناتجها المحلي الإجمالي كل شهر مباشرة إلى النساء اللاتي يعانين من ضغوط اجتماعية واقتصادية شديدة، لأن مثل هذا الدخل الأساسي الشهري من شأنه أن يضمن البقاء على قيد الحياة في هذه الأوقات غير المسبوقة." وأضاف: "هذا الاستثمار الجيد الذي يستهدف النساء وعائلاتهن لن يساعد على امتصاص الصدمة التي سببتها الجائحة فحسب، بل إنه سيمكّن النساء من اتخاذ قرارات مستقلة بشأن المال وسبل العيش وخيارات الحياة".
ولكا لا يجب النظر إلى مقترح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتوفير الدخل الأساسي المؤقت كإجراء طارئ بوصفه إجراء موحد ومقيد يصلح في كافة الحالات، بل هو مقترح مرن يسمح بالتعديل والتدرج والتوسع في شبكة الأمان لتغطي فئات أكبر من المستحقين. فعلى سبيل المثال، عند رفع عتبة الإعانة لتشمل خطوط الهشاشة، يمكن للمقترح أن يصل إلى 1.32 مليار امرأة بتكلفة 134 مليار دولار (مقوماً حسب تكافؤ القوة الشرائية)، أو 0.18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي حالة توسيع نطاقه ليشمل جميع النساء البالغ عددهن ملياري امرأة في جميع أنحاء العالم النامي، سيتكلف المقترح 231 مليار دولار (مقوماً حسب تكافؤ القوة الشرائية) أو 0.31 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويؤكد محررو التقرير إن هناك حاجة ضرورية للعمل فوراً لضمان وصول النساء إلى أنظمة الحماية الاجتماعية، حيث أثرت الأزمة على النساء بشكل مختلف عن تأثيرها على الرجال.
فالوظائف التي تقوم بها النساء في جميع أنحاء العالم عادة من تكوم منخفضة الأجر، هذا إن كانت مدفوعة الأجر من الأساس، وغالباً ما تفتقر النساء إلى تدابير الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان، بالإضافة إلى أن النسبة منهن يعملن في القطاعات التي تضررت بشدة جراء عمليات الإغلاق التي تم اتخاذها عالمياً بسبب الجائحة، مثل أعمال الرعاية والضيافة.
كذلك تحملت النساء الحصة الأكبر من الأعمال غير مدفوعة الأجر، كما تم إخراجهن بشكل متزايد من القوى العاملة، وواجهن موجة متزايدة من العنف المنزلي في ظروف الإغلاق التي أجبرتهن على البقاء في منازل صارت غير آمنة لهن.
وفضلاً عن دعم النساء بإتاحة وصولهن إلى احتياجاتهن اليومية، يعتقد محررون التقرير بأن توفير الدخل الأساسي المؤقت للنساء على وجه التحديد قد يضيق الفجوة بين الرجال والنساء الذين يعيشون في ظروف الفقر من خلال منح النساء الاستقلال الاقتصادي وتحقيق التوازن في السيطرة على الموارد الاقتصادية داخل الأسرة.
وقالت راكيل لاغوناس، مديرة فريق المساواة بين الجنسين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "أوجه عدم المساواة بين الجنسين تتكرس في ظل غياب التكافؤ في الدخل وتقسيم العمل، وعلى الرغم من أن الدخل الأساسي المؤقت ليس حلاً لإصلاح كل شيء، إلا أنه يوسع من خيارات النساء خلال هذه الأزمة الحالية" وأضافت " هذا الدخل يوفر مهلة من الاستقرار الاقتصادي حتى تتمكن المرأة من تنظيم حياتها بما يناسب مصالحها واحتياجاتها الخاصة وتستطيع المشاركة بشكل كامل في المجتمع."
تعمل ملايين النساء في القطاع غير الرسمي أو في أعمال غير مدفوعة الأجر، وغالبا ما يضطلعن بمهام تقديم الرعاية الأساسية للأطفال وكبار السن. وحتى في حال وجود أنظمة للحماية الاجتماعية في بلدانهم فقد يسقطن من بين ثغراتها التي قد لا تعتبرهن من المستحقات للحماية".
ويقول المحررون أن توفير الدخل الأساسي المؤقت للنساء لا يعد حلا سحريا بحد ذاته. إذ يؤكد كبير الاقتصاديين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على أن مثل هذه الإجراءات المؤقتة لا تغني عن إحداث تغيرات تحولية على المستوى المؤسسي لتعزيز الحماية.
ويبين جورج جراي مولينا كبير الاقتصاديين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس فريق العمل المعني بالتنسيق الاستراتيجي للسياسات المتعلقة بالمشاركة: "معظم البلدان التي تناولها تقريرنا ليس لديها شبكات مناسبة للأمان الاجتماعي أو نظم تأمين ضد البطالة أو تدابير خاصة للتحويلات النقدية الموجهة للنساء المحتاجات، لذلك لا تقتصر تحليلاتنا في التقرير على الإجراءات المؤقت لحماية النساء أثناء الجائحة، بل نحن نعمل مع الحكومات لتأطير استثماراتها طويلة الأجل في مجال الحماية الاجتماعية بما يتجاوز حالة التوظيف".
لا يجب النظر إلى مقترح توفير الدخل الأساسي المؤقت كبديل للسياسات العالمية المعمول بها، بل هو مكمل لمثل تلك السياسات، إذ يجب أن تصاحبه إجراءات طويلة الأجل تستهدف التغيير الهيكلي المطلوب لمعالجة التشريعات والأعراف الاجتماعية التمييزية.
ويقود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جهود منظومة الأمم المتحدة المعنية بالتعافي الاجتماعي والاقتصادي إثر جائحة كوفيد-19، إذ يضطلع بتنفيذ استراتيجيات التعافي الاجتماعي والاقتصادي في البلدان في جميع أنحاء العالم. ويشمل ذلك عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الداعم للبلدان لتبني تدابير مستحدثة لتوفير الدخل الأساسي المؤقت أو توسيع نطاق مثل تلك التدابير وغيرها من خطط الحماية الاجتماعية القائمة. ونعمل في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع شركائنا لضمان أن تكون المساواة بين الجنسين جزء لا يتجزأ من جهود مجابهة جائح كوفيد -19.
للمزيد من المعلومات، رجاء التواصل مع:
في نيويورك | ليزلي رايت | lesley.wright@undp.org
في عمان | نعمان الصياد | noeman.alsayyad@undp.org