تعرفوا على روضة: قائدة مجتمعية ملهمة من ريف اليمن
15 أكتوبر 2024
روضة، امرأة من مديرية المعافر بمحافظة تعز، تُعد رائدة محلية في حل النزاعات وتنمية المجتمع. بدعم من برنامج الصمود الريفي 3 المشترك، تسعى روضة لتحسين الظروف المعيشية لأفراد مجتمعها، مع التركيز على إعادة بناء البنية التحتية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، وضمان توزيع الموارد بعدالة للنازحين.
في البداية، لم تكن روضة جزءًا من أي لجان رسمية، لكنها انتُخبت كمنسقة لمبادرات اللجان المجتمعية، حيث أشرفت على تنفيذ مشاريع التنمية في 40 قرية ضمن مديرية المعافر، وذلك كجزء من برنامج الصمود الريفي 3، الذي ينفذه كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، ومنظمة العمل الدولية (ILO)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP).
يمتد دور روضة إلى ما هو أبعد من القيادة التقليدية، إذ لعبت دورًا بارزًا في قيادة الجهود لوضع خطط لتعزيز مرونة المجتمع، وحل النزاعات، وتنفيذ مختلف المبادرات. وتعبر روضة عن تجربتها بقولها: "عندما تم انتخابي، كان هدفي واضحًا؛ وهو تعزيز الانسجام الاجتماعي وضمان استفادة الجميع. لم يكن الأمر سهلًا، لكنني كنت واثقة أنه إذا توحدنا، يمكننا مواجهة أي تحديات."
أحد أبرز إنجازات روضة كان مساهمتها في إعادة تأهيل طريق السوق في المديرية، وذلك بدعم من مكون الحكم المحلي والتماسك الاجتماعي التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، وبالتعاون مع الشريك المحلي، الصندوق الاجتماعي للتنمية. وقد أصبح هذا الطريق الحيوي، لكل من البائعين والمشاة، غير سالكة بسبب الفيضانات المتكررة خلال موسم الأمطار. "كانت مياه الأمطار تتجمع وتجذب الحشرات وتجعل المنطقة لا تطاق"، تقول روضة. لم يتمكن الناس، وخاصة كبار السن، من الوصول إلى السوق، مما تسبب في صعوبات خطيرة لكل من المتسوقين وأصحاب المتاجر".
من خلال جهودها الدؤوبة، نجحت روضة في حشد أفراد المجتمع وعملت بشكل وثيق مع السلطات المحلية لمعالجة هذه المشكلة. تقول روضة: "استقبل المجتمع المشروع بأذرع مفتوحة. أدركوا أهمية تنظيف الشوارع وتحسين إمكانية الوصول. اجتمع الجميع بشكل لم أره من قبل، وكان من المثير رؤية كيف وحدنا هذا المشروع"
رغم الانتكاسات التي واجهتها، بما في ذلك تعطل خلاطة الأسمنت في اليوم الأخير من مشروع إعادة تأهيل الطريق، إلا أن روضة بقيت مصممة على إتمام المشروع. تقول: "اضطررت للخروج وإحضار المزيد من الأسمنت، ولكن عندما عدت، توقفت الخلاطة عن العمل. كنت متوترة جدًا، وراودتني أفكار مثل هل سنتمكن من إنهاء هذا في الوقت المناسب؟ ولكن شباب المجتمع تدخلوا، وعملنا حتى وقت متأخر من الليل. كنت أبكي، ولكن ليست دموع اليأس، بل الفرح، لأننا رغم كل الصعوبات، نجحنا".
لم يقتصر تأثير قيادة روضة على تحسين البنية التحتية الحيوية فقط، بل ساهمت أيضًا في تهدئة التوترات التي كانت موجودة داخل المجتمع. تقول: "كانت هناك خلافات كثيرة بسبب الازدحام ونقص البنية التحتية المناسبة. ولكن الآن، أصبح لكل شخص مساحته، ويعمل السوق بسلاسة. لقد ساهم المشروع بشكل كبير في تعزيز التماسك الاجتماعي".
لم تقتصر جهود روضة على مشاريع الطرق، بل لعبت دورًا محوريًا خلال أزمة نقص الغاز الأخيرة، حيث قامت بتجميع الإمدادات وتوزيعها على النازحين. وتقول: "خلال نقص الغاز، جمعت الإمدادات للنازحين وفتحت منزلي لمساعدة المحتاجين. كان الوضع صعبًا، لكن كان لا بد من القيام بذلك".
أكسبت مثابرة روضة وتفانيها في خدمة مجتمعها ثقتهم وإعجابهم العميق. تقول روضة: "لقد نلت ثقة الناس واحترامهم، وهذه كانت أكبر مكافأة لي". بفضل مساهماتها، تحسنت البنية التحتية للمجتمع، وتم تحسين الوصول إلى الأسواق، كما تغيرت الديناميكيات الاجتماعية بشكل إيجابي، مما أدى إلى تنشيط السوق المحلية وتعزيز التماسك الاجتماعي.
تضيف روضة: "الآن، السوق يعج بالحياة من جديد، والناس أكثر سعادة. لقد تغلبنا على العديد من التحديات معًا، وهذا ما يجعل هذا المشروع قصة نجاح حقيقية".
تظل روضة متفائلة بالمستقبل وحريصة على مواصلة رسالتها في خدمة مجتمعها. وتقول: "ما يحفزني هو معاناة الناس ورغبتي في التخفيف من تلك المعاناة. سأستمر، إن شاء الله، في هذه المهمة لخدمة مجتمعي". وتؤكد: "المجتمع بحاجة إلى المزيد من المشاريع مثل هذا. لقد أدركنا ما يمكننا تحقيقه عندما تتوفر لنا الموارد والإرادة للعمل معًا".
بينما تتأمل في رحلتها، وجهت روضة رسالة صادقة إلى النساء الريفيات في اليمن وخارجه، تكريمًا لليوم العالمي للمرأة الريفية، قائلة:
"إلى جميع النساء الريفيات، نحن العمود الفقري لمجتمعاتنا. لا تشككن أبدًا في قدرتكن على إحداث التغيير. على الرغم من التحديات، بالمثابرة والوحدة، يمكننا التغلب على أي شيء. ثقن بقوتكن واعملن معًا، وسنتمكن من تحويل قرانا وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة".
إن قصة روضة هي شهادة على قوة العمل الجماعي، والتصميم، وأهمية القيادة المجتمعية في إحداث تغيير حقيقي.