
في اليمن، البلد الذي يواجه واحدة من أشد أزمات المياه حدة في العالم، يتصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) جهود دعم الحلول طويلة الأمد لضمان الوصول إلى مياه آمنة ومستدامة. مع تدهور مصادر المياه الجوفية بشكل حاد وتعرض شبكات المياه الحضرية لضغط شديد، برزت تحلية المياه كوسيلة رئيسية لمعالجة ندرة المياه المزمنة في اليمن.
أزمة المياه في اليمن ملحة ومعقدة. فالمياه الجوفية، المصدر الرئيسي لمياه الشرب، تُستنزف بوتيرة أسرع من قدرتها على التجدد. في محافظة عدن، من المتوقع أن تُستنفد طبقات المياه الجوفية بحلول هذا العام. كما أن البنية التحتية للمياه بحاجة ماسة إلى إعادة التأهيل، حيث فُقد أكثر من 40% من الإمدادات بسبب الشبكات القديمة والمتضررة. في غضون ذلك، وُضعت آخر استراتيجية شاملة للمياه في البلاد عام 2005 وباتت غير متصلة بالواقع.

رجل يجلب الماء من خزان مياه أمطار أنشأه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سقطرى.
على الرغم من هذه التحديات، فإن التحول من الاستجابات الإنسانية قصيرة الأجل إلى تدخلات تنموية طويلة الأجل - وخاصةً في مجال التكيف مع تغير المناخ - قد أتاح فرصًا جديدة. وتُعد تحلية المياه، أو عملية إزالة الأملاح المعدنية الذائبة من المياه، وخاصةً من خلال مصادر الطاقة المتجددة، حلاً مستدامًا وقابلًا للتطبيق بشكل متزايد لضمان الأمن المائي في اليمن مستقبلًا.
دور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تحلية المياه بالطاقة المتجددة
ساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشكل فعّال في تمهيد الطريق لتحلية المياه بالطاقة المتجددة في اليمن من خلال سلسلة من المبادرات الاستراتيجية. ويشمل ذلك وضع خطة شاملة للمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وإدارة النفايات الصلبة لمحافظة عدن، والتي تُشكّل خطةً أساسيةً لتحسين خدمات المياه في المدينة. وبالتوازي مع ذلك، أجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دراساتٍ استطلاعيةً ودراسات جدوى أولية لتقييم إمكانات تحلية المياه البحرية والمياه قليلة الملوحة في عدن، مع تحديد الاعتبارات الفنية والبيئية والاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، أُجري تحليلٌ لمشاركة القطاع الخاص لاستكشاف فرص الاستثمار وفهم التحديات التي تواجه مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ حلول تحلية المياه في المحافظة.

وحدة تحلية المياه داخل محطة الحسوة.
تدعم جهود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي رؤيةً لمواءمة تحلية المياه مع أهداف التنمية الأوسع لليمن، وضمان الاستدامة البيئية، وتعزيز المؤسسات، والمشاركة الفعالة للقطاع الخاص.
فرصٌ في خضم التحديات
في حين لا يزال اليمن يُكافح مشاكلَ نظاميةً مثل قصور أنظمة الفوترة وتضرر البنية التحتية، يُوفر موقعه الجغرافي ميزةً استراتيجية. فمع ساحله الممتد على طول البحر الأحمر وخليج عدن، يتمتع اليمن بإمكانياتٍ كبيرةٍ غير مستغلة لتحلية مياه البحر. كما أن تزايد توفر الطاقة الشمسية - مثل محطتي الطاقة الشمسية الممولتين من الإمارات العربية المتحدة في عدن (120 ميجاوات) - يُعزز جدوى تحلية المياه الصديقة للبيئة.
إن آفاق الاستفادة من الاهتمام الدولي، وبيع المياه المحلاة للصناعات، وإعادة تدوير المحلول الملحي، تفتح الأبواب أمام بيئة استثمارية أوسع في قطاع المياه.

ورشة أقيمت بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عُقدت في عدن لاستكشاف فرص القطاع الخاص وتحدياته لتعزيز جهود تحلية المياه في عدن.
دعم استراتيجي لرؤية طويلة المدى
إلى جانب البنية التحتية والدراسات الفنية، يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن تقديم دعمٍ أساسي للحكومة اليمنية في تحديث الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه وبرنامج الاستثمار، مما سيُوجّه استثمارات قطاع المياه وحوكمته مستقبلاً. ويجري العمل أيضاً على وضع رؤية وطنية لتخصيص المياه لضمان استخدام المياه بكفاءة وعدالة واستدامة في جميع القطاعات.

خبراء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يجتمعون مع محافظ عدن لمناقشة التدخلات المحتملة في مجال تحلية المياه في عدن.
مناصرة اليمن في مؤتمر تحلية المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الأستاذة بوران محمد، أخصائية إدارة الموارد المائية، ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في المؤتمر السادس لتحلية المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي عقد في أبو ظبي
في المؤتمر السادس لتحلية المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي عُقد في أبوظبي يومي 26 و27 فبراير 2025، لعب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن دورًا فاعلًا في صياغة الحوارات الإقليمية حول مستقبل الأمن المائي. وبصفته شريكًا داعمًا، انضم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى قادة القطاع والخبراء وصناع القرار لاستكشاف حلول متطورة في مجال تحلية المياه والتنمية المستدامة.
مثّلت السيدة بوران محمد، أخصائية إدارة موارد المياه في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال الفعالية، حيث قدمت إحاطة وطنية سلطت الضوء على نهج متكامل لمعالجة أزمة المياه في اليمن من خلال تحلية المياه بالطاقة المتجددة وتعزيز المؤسسات.
كما أشركت حلقات النقاش الفنية خبراء عالميين لتبادل الرؤى حول أحدث الابتكارات في مجال تحلية المياه، لا سيما في السياقات الهشة والمعرضة لتغيرات المناخ مثل اليمن.

سلط الدور النشط الذي لعبه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مؤتمر تحلية المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الضوء على تحديات المياه التي تواجه اليمن وأكد على التزامه بالحلول المستدامة وطويلة الأمد
عززت هذه المشاركة رفيعة المستوى صوت اليمن في الحوارات الإقليمية والعالمية حول المياه، مسلطةً الضوء على أهمية تعزيز حلول مستدامة وطويلة الأمد لأحد أكثر بلدان المنطقة شُحًّا في المياه.
من خلال دعم التخطيط الاستراتيجي، والمناصرة، والتنسيق، وريادة تكامل الطاقة المتجددة، يُمكننا تعزيز مستقبل مائي أكثر مرونة في اليمن.