
الاثنين - احتفالاً باليوم العالمي للمسرح، نظّم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع وزارة البيئة وسفارة الجمهورية الإيطالية في لبنان والوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي نزهة مسرحية في محمية مشاع شننعير الطبيعية. وشكّل العرض المسرحي التفاعلي الذي حمل عنوان ”مسرحية ع درب المحمية“، أول إنتاج مسرحي في لبنان يُعرض مباشرة على مسار في الطبيعة.
حوّل هذا العرض المسرحي المسار الذي امتد على مسافة 2 كم داخل محمية مشاع شننعير الطبيعية إلى مسرح حيّ وجذاب وديناميكي، حيث تم عرض الموسيقى الحية والرقصات والعناصر الفنية من خلال المزج الديناميكي بين التنوع البيولوجي والحفاظ على الطبيعة والعلاقة بين الإنسان والطبيعة. وقد قدم أربعون طالبًا من المعهد الأنطوني- بعبدا عروضًا في محطات مختلفة على طول المسار. وعرضوا الإرث البيئي والثقافي للمحمية، بما في ذلك دور الحياة البرية في الحفاظ على التوازن البيئي، والممارسات المستدامة للغابات، والترميم المستمر للمنازل الحجرية التاريخية وأتون الكلس الذي يصور العلاقة العميقة بين حياة القرية والبيئة المحيطة بها.
وقد أظهر هذا الحدث، الذي نظمه مشروع "Step4Nature- تعزيز قدرات المحميات الطبيعية في لبنان" التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، والممول من وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية من خلال الوكالة الإيطالية للتعاون الدولي، والذي تم تنفيذه بالشراكة مع وزارة البيئة، كيف يمكن للمبادرات الإبداعية والفنية أن تعزز السياحة البيئية من خلال دمج الفن والطبيعة والاستدامة داخل المناطق المحمية - مع الحفاظ على سلامتها البيئية. وبالإضافة إلى جذب الزوار، يمكن أن تساعد هذه التجارب أيضًا في توليد الدخل لدعم الإدارة المستدامة للمناطق الطبيعية في لبنان والحفاظ عليها.
حضر هذا العرض معالي وزيرة البيئة، الدكتورة تمارا الزين، التي أكدت أن "المحميات الطبيعية ليست مجرد أماكن محمية، بل هي نظم بيئية حية تحكي قصة أرضنا وشعبنا وتقاليدنا. هذا التنزه المسرحي هو مثال على كيفية التعبير الإبداعي عن أهمية الحفاظ على الطبيعة. من خلال إشراك الناس من خلال الفن، نحن قادرون على غرس تقدير أعمق للتنوع البيولوجي وإلهام جيل جديد لاتخاذ إجراءات هادفة نحو حماية التراث الطبيعي الغني في لبنان." - د. تمارا الزين.
"لطالما دافعت الجمهورية الإيطالية عن التآزر بين التراث الثقافي والحفاظ على البيئة. وتجسد هذه المبادرة هذه الرؤية تمامًا - حيث تستخدم المسرح والموسيقى كجسور بين الطبيعة والمجتمع. نحن نؤمن بأن رفع الوعي من خلال الثقافة لا يقتصر على التوعية فحسب، بل إنه يقوي النسيج الاجتماعي اللازم لدعم التنمية المستدامة أيضاً. نحن فخورون بدعم هذا التعاون الذي يجمع بين التوعية والفن والبيئة بطريقة ديناميكية ومؤثرة." - سعادة السيد فابريزيو مارتشيلي، سفير إيطاليا في لبنان.
تتطلب جهود الحفاظ على البيئة أن تسير جنبًا إلى جنب مع المشاركة المجتمعية والإبداع. من خلال هذا الحدث، أظهرنا كيف يمكن للرسائل البيئية أن تلقى صدى أعمق عندما يتم إيصالها من خلال الفنّ. إن حماية التنوع البيولوجي أمر ضروري - ليس فقط لصحة النظم الإيكولوجية، ولكن لبناء القدرة على التكيّف مع المناخ، ودعم سبل العيش، وتأمين مستقبل مستدام. ويفتخر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشراكته في مبادرات مماثلة تحتفي بالابتكار وتعزز في الوقت نفسه الإشراف البيئي الهادف." - بليرتا أليكو، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
"من الناحية التاريخية، ترتبط البيئة بالثقافة ارتباطاً وثيقاً، فالطبيعة ليست فقط الإطار الجغرافي لأنشطتنا الثقافية، بل هي عنصر أساسي ومحدد لتاريخنا وهويتنا. يهدد كلّ من التوسع الحضري والتدهور البيئي ونقص الأنظمة هذا الترابط، مما يتسبب في انفصال متزايد عن الطبيعة. هذه النزهة المسرحية هي أفضل مثال على الجهود المبذولة للحفاظ على هذا الرابط وتعزيزه." - أليساندرا بيرماتي، مديرة الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي في بيروت.
لمحة عامة عن محمية مشاع شننعير الطبيعية
أنشئت محمية مشاع شننعير الطبيعية بموجب القانون رقم 122 (23 تموز/2010)، وتقع على أراضي المشاع في قرية شننعير (قضاء كسروان)، على ارتفاع يتراوح بين 500 و800 متراً. تمتد هذه المحمية على مساحة 27 هكتارًا وتحدها غزير ودلبتا ومعراب وغوسطا وجونية، وهي تضم مزيجًا غنيًا من غابات البلوط والصنوبر، وتطل على مناظر بانورامية خلابة لخليج جونية.
بالإضافة إلى غنى غاباتها المنخفضة الارتفاع بالتنوع البيولوجي، تعكس محمية مشاع شننعير الطبيعية ممارسات الاستدامة التي كان يعتمدها سكان القرية منذ القدم. تضم المحمية حياة برية متنوعة وغطاءً نباتيًا كثيفًا، إلى جانب معالم ثقافية وتاريخية بارزة، منها أتون الكلس الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، وكان يُستخدم لإنتاج الكلس المستخدم في بناء المنازل الحجرية التقليدية والكنائس. كما تحتوي المحمية على بقايا 22 بيدر فحم قديم، وأقبية عقد تقليدية كانت تُستخدم كمأوى للرعاة وقطعان الماعز – ما يعكس العلاقة المتناغمة بين المجتمع المحلي وبيئته الطبيعية.