70 خطوة نحو نظام تعليمي أكثر مرونة في اليمن
9 يوليو 2024
يمثل الأطفال في سن الدراسة في اليمن ما يقرب من 33% من إجمالي السكان في اليمن ويعيش أكثر من ثلثي هؤلاء الأطفال في مناطق نائية يصعب الوصول أليها، مما يحد من قدرتهم على الوصول إلى المؤسسات التعليمية.
بحسب التقارير التي صدرت مؤخراً، فأن أكثر من 4.5 مليون طفل يمني لم يلتحقوا بالمدارس في العام 2023، بينما تضررت أكثر من 2426 مدرسة وأصبحت غيرة قادرة على استقبال الطلاب بسبب استخدامها كمأوى أو لأغراض أخرى غير تعليمية. كلما طالت فترة انقطاع الطلاب عن التعليم، زادت صعوبة تعويض خسارة التعلم، مع تجارب التأثير عبر المجتمعات.
بعد مرور تسع سنوات على الصراع في اليمن، يظل الأطفال والشباب النازحون من بين أكثر الفئات عرضة للانقطاع عن التعليم، حيث يتلقى حوالي 1.3 مليون طفل تعليمهم في فصولاً دراسية مكتظة وعلى أيادي معلمين مثقلين بالأعباء.
في أوقات الأزمات والنزوح، يلعب التعليم دوراً محورياً في توفير الاستقرار والشعور بالحياة الطبيعية للأطفال والشباب، كما أن ضمان حصولهم على تعليم جيد هو شرط أساسي للتعافي والسلام.
كما يقف المعلمون على خط المواجهة في هذه الأزمة، فالفصول الدراسية المكتظة والوصول المحدود إلى فرص التطوير المهني يعوق قدرتهم على ممارسة مهنتهم وتعليم وإذا استمرت التحديات التي يواجهونها، فإن هناك احتمالية بأن يفقدوا أعمالهم وهو ما سيكون له تأثير مدمر على تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة: التعليم الجيد والشامل للجميع.
إن التعليم حق وشرط حياة بالغ الأهمية لملايين الأشخاص في اليمن ومن الضرورة بمكان أن يتم الاستثمار فيه لضمان التعافي والنمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي والمؤسسات المرنة لأن التعليم الجيد يوفر للمجتمعات سلماً للخروج من الفقر والشعور بالقدرة على التصرف، وكلاهما ضروري بنفس القدر لتعزيز حلول السلام والتنمية.
كيف تواجه السلطات المحلية التحديات المتعلقة بالتعليم
يلعب التعليم دوراً هاماً في تعزيز صمود المجتمعات. لذلك يجب أن يكون التعليم نفسه قادراً على الصمود في وجه التغيير والأزمات من أجل صياغة مستقبل مستدام.
بدعم من مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، الممول من الاتحاد الأوروبي، تعمل السلطات المحلية على استعادة قطاع التعليم في اليمن، والذي تأثر بشدة بالأزمة التي طال أمدها، ويشمل ذلك ترميم الفصول الدراسية ومرافق المياه والصرف الصحي والنظافة وبناء فصول ومرافق جديدة، فضلاً عن إعادة تأهيل وتوفير الأثاث وأنظمة الطاقة الشمسية لأكثر من 70 مؤسسة تعليمية في جميع أنحاء اليمن مع التركيز على المدارس والمنشآت التعليمية المخصصة للبنات، وبالتالي تسهيل الوصول إلى التعليم وتعزيز تجربة التعلم والتدريس لمئات الآلاف من الطلاب والمعلمين.
التعليم الابتدائي والثانوي
تقول الأستاذة هالة، مديرة مدرسة خولة بنت الأزور الابتدائية والثانوية، واحدة من 21 مدرسة تم دعمها بأنظمة الطاقة الشمسية في محافظة حضرموت: "لاحظنا انخفاضًا في معدلات التسرب وزيادة الدافعية والمواقف الإيجابية بين طلابنا منذ تركيب نظام الطاقة الشمسية".
تضم مدرسة خولة بنت الأزور حوالي 1500 طالبة، بما في ذلك عدد من ذوات الإعاقة، وبسبب قلة الفصول الدراسية وقدرتها الاستيعابية، تعمل المدرسة على فترتين، صباحية ومسائية.
تضيف الأستاذة هالة: " أصبحنا قادرين على إطالة فترة بقاء الطلاب والمعلمين في الفصول الدراسية منذ تركيب نظام الطاقة الشمسية، وخاصة خلال الفترة المسائية".
لم يكن أمام إدارة ومعلمي وطلبة مدرسة خولة بنت الأزور، الواقعة في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت على ساحل البحر العربي، من خيار سوى تحمل الوضع مع الفصول الدراسية المكتظة والحارّة والرطبة، خاصة خلال فصل الصيف، مع محدودية الكهرباء أو عدم وجودها على الإطلاق.
تقول المديرة واصفةً الوضع بعد تركيب نظام الطاقة الشمسية: "أصبحت الفصول الدراسية الآن مناسبة بشكل أكبر، وأصبح الطلاب والمعلمون أكثر تركيزًا. بيئات التعلم المناسبة تؤدي إلى نتائج تعليمية أفضل".
"من جهتها، تقول الأستاذة سوسن، معلمة اللغة الانجليزية في المدرسة: "أستطيع الآن استخدام الكمبيوتر في تمارين الفهم والاستماع. لقد ساعدني وجود الكهرباء في المدرسة في تقديم دروسي وضمان حصول طلابي على تعليم بالجودة التي يستحقونها".
إن البنية الأساسية التعليمية الكافية يكون لها مردود جيد على الطلاب ومعلميهم على حداً سواء وقد كشفت البيانات الأخيرة أن الشباب يحجمون عن مهنة التدريس بسبب تدهور ظروف عمل المعلمين، وما لم يتم تحسين ظروف عمل المعلمين، فإن الحصول على تعليم جيد سيظل حلمٌ بعيد المنال بالنسبة لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليه.
"في نفس السياق، تقول الأستاذة فايزة، معلمة الرياضيات والتربية الإسلامية في مدرسة خولة بنت الأزور: "أصبحت الآن أؤدي عملي بشكل أفضل بعد الحصول على بيئة عمل أفضل، وبالمقابل أشعر بتعب أقل، وأتمتع بقدر أكبر من القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات".
التعليم العالي
إن العنصر الأساسي في عمل مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة هو دعم مبادرات السلطات المحلية في تعزيز التعليم العالي.
في هذا السياق، حددت السلطات المحلية في مديرية تريم الحاجة إلى إعادة تأهيل وتجهيز وتأثيث فرع المعهد الصحي في المديرية كأحد الأولويات الملحة ضمن خططها التنموية للعام 2021 بهدف تسهيل وصول الشباب إلى فرص التعليم العالي.
بفضل الدعم الذي قدمه مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، تمكنت السلطات المحلية من ترجمة هدفها إلى واقع ملموس، واليوم، يقدم المجمع التعليمي دورات في الرعاية الصحية مثل التمريض والتوليد لنحو 60 شابة وشابة من مختلف أنحاء المديرية.
تقول عائشة، طالبة التمريض التي تبلغ من العمر 19 عاماً: "لقد شجعني على الدراسة هنا أن المعهد قريب من مقر سكني. في السابق، كان يتعين علينا الذهاب إلى جامعة سيئون للتخصص والحصول على درجة البكالوريوس. الآن أصبح بإمكان المزيد من النساء الحصول على درجات التعليم العالي بفضل هذا الحرم الجامعي".
في نفس السياق، تقول سمية، أخصائية العلاج الطبيعي والمعلمة في المعهد: "أنا من تريم، ولكن كان يتوجب عليّ قبل عدة سنوات، مغادرة المنزل في الساعة السادسة صباحًا للوصول إلى جامعة سيئون ومن ثم العودة في حوالي الساعة الرابعة مساءً، وهو أمر صعب كأم حديثة العهد. كما لم يكن من السهل إقناع عائلتي بالسماح لي بالقيام بهذه الرحلة اليومية" وكل ذلك من أجل الحصول على درجة البكالوريوس في تخصصي".
وتضيف: " على الرغم من أن الرحلة من تريم إلى سيئون لا تستغرق أكثر من أربعين دقيقة بالسيارة، فإن البنية التحتية الرديئة وإغلاق الطرق وقضايا الأمن تجعل التنقل صعباً. إن وجود هذا المعهد هنا الآن يعني أن المزيد من الشباب، وخاصة النساء، لديهم القدرة على الوصول إلى التعليم. وهذا يعود بالنفع على مجتمعنا".
كليات التعليم الفني والتدريب المهني
يعد التعليم الفني والتدريب المهني مفتاحًا لمعالجة أحد أعظم التحديات التي يواجهها الشباب في اليمن وهي البطالة. إن تجهيز كليات التعليم الفني والتدريب المهني بالأدوات والمعدات اللازمة يضمن تمكين الشباب ويسهل دخولهم إلى سوق العمل. ولتحقيق ذلك، قامت السلطات المحلية في القطن، بدعم من مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، بتجهيز المجمع الأكاديمي في المديرية بالأثاث والأدوات ومعدات المختبرات تجهيزات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي لا غنى عنها لطلاب التعليم الفني والتدريب المهني. وكنتيجة لذلك، ألتحق حتى الآن ما يقارب من 900 شاباً وشابة بالتدريب المهني والتعليم الفني في المجمع.
خلال زيارة ميدانية للمجمع، قال أحد مدربي التعليم الفني والتدريب المهني في المجمع: "نحن بحاجة إلى أدوات محددة لتوصيل الأفكار إلى الطلاب. الكثير مما يتعلمونه عملي (ويجب أن يكون المختبر والاستوديو). لذلك، فإن امتلاك هذه الأدوات أمر بالغ الأهمية لضمان جودة تعليمهم."
بناء قدرات السلطات المحلية وموظفي مكاتب التعليم وإدارات المدارس
تركز واحدة من أهم المكونات الرئيسية لمشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن على بناء القدرات والتدريب لموظفي قطاع التعليم في مكاتب وزارة التربية والتعليم على مستوى المحافظات المديريات. كما تم كذلك دعم مكاتب التربية على مستوى المحافظات بأنظمة إدارة البيانات، بما في ذلك معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لتسريع وتحسين الأداء.
بالإضافة إلى ذلك، تم تدريب موظفي السلطات المحلية من خلال ورش عمل حول السلامة في المدارس والقدرة على تخفيف المخاطر، في حين تم تدريب 400 موظف في قطاع التعليم على "حملة العودة إلى المدرسة" التي بدأتها السلطات المحلية لتشجيع الآباء على إعادة تسجيل أطفالهم في المدارس.
يجب أن تكون المنشآت التعليمية ملاذًا آمنًا حيث يتعلم الطلاب ويلعبون ويحظون بالحماية. إنها المكان الذي يمكن فيه لعقولهم النمو والاستكشاف والتطور إلى أقصى إمكاناتها.
يلتزم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن بالعمل جنبًا إلى جنب مع الجهات الفاعلة في مجال التعليم والسلطات المحلية لترجمة أهدافهم إلى واقع ودعم جهودهم الرامية إلى خلق بيئة تعليمية أكثر أمانًا وشمولية، حيث يتم تزويد الأولاد والبنات والرجال والنساء بالمهارات اللازمة للتعامل مع تحديات الحياة والتوافق بشكل أفضل مع احتياجات السوق.
كل ذلك أصبح ممكناً بفضل الدعم السخي من الاتحاد الأوروبي.