اقرأ كيف يساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المزارعين في عراق ما بعد داعش على تبني ممارسات الزراعة المستدامة باستخدام الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية.
الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية تنعش الزراعة في مرحلة ما بعد داعش
27 فبراير 2023
يقطن يونس جلال سلمان في قرية الفضيلية في ناحية بعشيقة العراقية وهو فلاح يبلغ من العمر 55 عاماً كان قد أصبح صانعً للتغير في مجتمعه. عمل جلال في الزراعة لنحو 30 عاماً وكان يعيش هو وعائلته في مزرعتهم منذ الولادة. أسس هو ووالده مزرعة تمتد على مساحة 30 دونم من الأرض وتتكون من أشجار الزيتون، والعنب، والتين، والكمثرى.
ويتقاسم يونس مزرعته مع خمس من أشقائه وخمس من شقيقاته وعوائلهم ايضاً والذين يبلغ عددهم 40 شخصاً هذا بالإضافة الى والدته التي أصيبت بالشلل خلال فترة الصراع مع تنظيم داعش.
بدأ الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014 وكان لهذا الصراع الأثر الكبير على يونس وعائلته، حيث خسروا معظم محاصيلهم واضطروا ايضاً للهروب للحفاظ على حياتهم.
"لقد خاطرنا بترك مصدر دخلنا الوحيد الذي تعتمد عليه عائلتي بأكملها". يونس جليل سلمان
عاد يونس وعائلته الى مزرعتهم بعد التحرير من سيطرة تنظيم داعش أملين ببناء حياتهم مرة أخرى.
ومن اجل مساعدة الفلاحين الذين على شاكلة يونس قدم برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبدعم حكومة اليابان الابار التي تعمل بالطاقة الشمسية من اجل المساعدة بتوفير المياه. وحتى يومنا الراهن ساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إعادة تأهيل 40 بئرا في انحاء محافظة نينوى وقدم 36 نظاماً للطاقة الشمسية مقدمين بهذا الدعم الفائدة الى 1700 فلاح مع عوائلهم.
دأب الفلاحون على استعمال مولدات الكهرباء قبل تقديم الالواح الشمسية من اجل تشغيل الابار والتي كانت تكلف حوالي 700 دولار شهرياً والتي هي كلفة 10 عشرة براميل من وقود الديزل. اما الان مع وجود الالواح الشمسية فأن الفلاحين ليسوا بحاجة الى استخدام مولدات الكهرباء التي تعمل بوقود الديزل. انهم يعتمدون على الشمس للحصول على الطاقة والتي توفر لهم الكثير من المال.
"لقد وجدنا أرضنا محترقة، وكذلك تعرض بئرنا للدمار أيضاً، لقد كافحنا لري محاصيلنا، بعد أن قمنا بصرف مدخراتنا لتغطية نفقاتنا". يونس جليل سلمان
ويقول يونس بأنهم استفادوا من الالواح الشمسية بنسبة 100 بالمئة وان هذا الموضوع ساعد عائلته للتكيف مع الحلول العصرية وبنفس الوقت الحفاظ على ممارسات الزراعة التقليدية. " منذ ان بدأنا الاعتماد على الالواح الشمسية توفر لدينا الكثير من الأموال. ليس علينا ان نقلق بخصوص كلفة تشغيل البئر مرة أخرى الان، كل ما علينا ان نقوم به هو ان نعمل على ضمان الادامة المستمرة للألواح."
لا تساعد الابار التي تعمل بالطاقة الشمسية الفلاحين فقط، ولكن لها إثر إيجابي على البيئة حيث أدى تغير المناخ إلى أنماط مناخية متقلبة بشكل متزايد في العراق، مما يجعل من الصعب على المزارعين التنبؤ والتخطيط لمحاصيلهم، كما ساهم الاعتماد التقليدي على مضخات المياه التي تعمل بالوقود الأحفوري في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما أدى إلى تفاقم تغير المناخ.
من خلال التحول إلى الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية، لا يتكيف المزارعون مثل يونس مع تغير المناخ فحسب، بل يقللون أيضاً من انبعاثات الكربون ويساعدون في مكافحة تغير المناخ.
تعتبر مزرعة يونس نموذجاً للمجتمع ويأمل أن تدعم المنظمات المزارعين الآخرين لتبني الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية، وهو يعتقد أن هذا هو الطريق إلى الأمام من أجل الزراعة المستدامة في العراق.
"بصفتي مزارعاً، أعلم مدى أهمية الحصول على مصدر موثوق للمياه لأغراض الري، حيث تعد الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية حلاً رائعاً لأنها توفر مصدراً ثابتاً للطاقة دون الحاجة إلى مولدات باهظة الثمن، بالإضافة إلى أنها صديقة للبيئة ولا تتطلب أي تكاليف وقود مستمرة، إنها صفقة مربحة للمزارعين والبيئة".يونس جليل سلمان
"بصفتي مزارعاً، أعلم مدى أهمية الحصول على مصدر موثوق للمياه لأغراض الري، حيث تعد الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية حلاً رائعاً لأنها توفر مصدراً ثابتاً للطاقة دون الحاجة إلى مولدات باهظة الثمن، بالإضافة إلى أنها صديقة للبيئة ولا تتطلب أي تكاليف وقود مستمرة، إنها صفقة مربحة للمزارعين والبيئة". يونس جليل سلمان
تأمل عائلته في تمديد شبكة المياه من البئر الذي يعمل بالطاقة الشمسية لري البستان الجديد.
لقد الهم يونس فكره الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية لبقيه المزارعين وتبنى الفكرة، حيث تقدم مزرعته اليوم الفائدة الى عشر عائلات في قريته ويستفيد منها أيضاً اهل قريته ومزارعون آخرون، في أوقات قطف الزيتون وغيرها يستأجرون عمالاً من القرية.
"لكن منسوب المياه ينخفض بشكل ملحوظ بعد سحب الماء منه لمدة ساعتين". يونس جليل سلمان
تُظهر قصة يونس وعائلته مدى صمود المزارعين في مواجهة الشدائد وكيف يمكن للحلول الحديثة أن تساعد في الحفاظ على الممارسات التقليدية، حيث توفر الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية حلاً مستداماً وفعالًا من حيث التكلفة لمشكلة إمدادات المياه التي يواجها المزارعون في عراق ما بعد داعش، جهود يونس للتأثير على المزارعين الآخرين لتبني الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية سيكون لها تأثير دائم على البيئة والمجتمع، وهو أمر حاسم في مواجهة تغير المناخ.