أمل يُزهر لوفاء

كيف تساهم أنشطة التدريب المهني لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تمكين النساء وبناء التماسك المجتمعي

22 مايو 2024

أحمد جبار ياسين (في الخلفية)، الذي زود وفاء بخبرة عملية في مشتله في ديالى.

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق 2024

ب‍‍عقوبة، محافظة ديالى - في عام 2017، حلّت المأساة بحياة وفاء عندما تُوفي زوجها، تاركاً إياها أرملةً مع عبء رعاية أطفالها الخمسة حيث يبلغ أصغرهم من العمر عاماً واحداً فقط.

وكأم وربة منزل ليس لديها دخل وجدت وفاء نفسها تعتمد كلياً على الدعم البسيط الذي توفّره لها شبكة الرعاية الاجتماعية الحكومية، والذي بالكاد يكفي لإعالة أسرتها.

في أواخر عام 2023، أشرقت الحياة بأمل جديد عليها عندما تم اختيارها للمشاركة في دورة تدريبية مهنية من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشريكه، مؤسسة هيومن ابيل.

انضمت وفاء إلى مجموعة مكونة من إحدى عشرة متدربة أخرى تم اختيارهن لتعلّم فن زراعة الزهور ونباتات الزينة.

شاركت وفاء قائلة: "خلال التدريب، تعلمت كيفية إدارة أنواع مختلفة من النباتات، وأفضل الأوقات لزراعتها، سواء في الشتاء أو الصيف. كما تعلمت كيفية تهيئة الحدائق للزراعة."

بدءاً من معهد التدريب المهني التابع للحكومة المحلية، تعلّمت وفاء والمتدربات الأخريات الجوانب النظرية لزراعة وإدارة الزهور، تلاه ذلك خبرة عملية في مشتل محلي بمدينة ديالى يديره أحمد جبار ياسين.

وفاء مع الزنابق المزهرة في المشتل.

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق 2024

بعد أن تفوقت وفاء في كلا الصفين النظري والعملي، عرض أحمد عليها الاستمرار كموردة  للنباتات الى المشتل، حيث تكسب الآن بعض المال كلما يتم بيع نباتاتها.

تتردد وفاء الآن على المشتل بانتظام لتسليم نباتاتها المنزلية المزروعة حديثاً للعرض للبيع. بالإضافة إلى ذلك، تستغل هذه الزيارات لتعلم المزيد من تقنيات الزراعة. تتعلم وفاء حالياً عن زراعة الفاكهة والخضروات، حتى تتمكن من تنويع نباتات حديقتها وكسب المزيد.

وقال أحمد: "هناك الكثير من الأمهات الأرامل في مجتمعنا، من الجيد دعمهن بمصدر دخل"، مضيفاً أن مشتله مغلق مما يجعله مكاناً مريحاً للنساء للعمل فيه.

بعد شهر من إكمال برنامج التدريب الذي دام 40 يوماً، تفخر وفاء بأنها كسبت حوالي 100 دولار منذ أن بدأت بتزويد المشتل بالزهور من حديقتها المنزلية.

قالت وفاء: "لقد سعدت للغاية بالانضمام إلى هذا البرنامج لأن فرص العمل نادرة هنا في ديالى، خاصة بالنسبة لنا ممن لا يحملن شهادات علمية. والوضع أصعب بالنسبة لنا نحن النساء الأرامل، لذلك من الجيد أننا نحصل على فرص أيضاً. لقد أصبحنا قادرات على العمل وكسب الدخل ".

.

 

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق 2024

إلى جانب الفوائد المالية، فتح البرنامج أمام وفاء باباً للتواصل مع أفراد مجتمعها. تقول وفاء بابتسامة على وجهها: "عادةً أقضي معظم وقتي في المنزل، لذلك كانت هذه فرصة لي للخروج من المنزل ومقابلة المزيد من الناس إضافة الى زيادة الدخل".

خلق البرنامج مساحة للعائدين والنازحين سابقاً وأفراد المجتمع المضيف للقاء والعمل معاً. بالنسبة لوفاء، فقد مكّنها البرنامج من إعادة بناء حياتها داخل المجتمع بعد وفاة زوجها الذي تعتقد انه السبب الذي أدى بهم الى النزوح المستمر والرفض اللذان واجهاهما في الماضي. ساعدتها هذه المبادرة في التغلب على تلك الصدمة.

وتضيف: "كان المجتمع بالنسبة لنا عبارة عن أشخاص كنا نتجنبهم ويتجنبوننا أيضاً بدورهم، لكن التدريب فتح لنا باباً لبناء علاقة ايجابية والآن يمكننا التحدث مع بعضنا البعض. وأننا عندما نعمل معاً، ونأكل معاً، وندعم بعضنا البعض فأن المجتمع بأكمله سوف يستطيع ان يتعايش سوية"

أعربت منى محمود الجبوري، مديرة ناحية بهرز في محافظة ديالى، عن سعادتها ببرامج التدريب المهني، مشيرة إلى دور هذه البرامج في تعزيز الوحدة بين الفئات المتنوعة في مجتمعها.

 

وطالبت الجبوري بتنوع أكبر في برامج التدريب الموجهة للنساء لتشمل مجالات تصفيف الشعر والحرف اليدوية والخياطة. وبالنظر إلى أن مجتمعهم لا يزال مجتمعًا تقليدياً، فهي تعتقد أن هذه المجالات ستمكن النساء من العمل بشكل مريح من منازلهن.

 

هذا هو هدف برنامج التماسك المجتمعي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: تمكين أفراد مثل وفاء ودعم المجتمع على إعادة بناء الروابط الاجتماعية مع بعضه البعض. من خلال العمل معاً، يمكنهم تحقيق التماسك المجتمعي الذي يضع الأساس لتحقيق سلام مستدام في العراق.

حول هذه المبادرة

يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال مشروع المصالحة وإعادة الإدماج المجتمعية في العراق - وهو جزء من برنامج التماسك المجتمعي - بالشراكة مع منظمة "هيومن أبيل" لتعزيز العودة وإعادة الإدماج والتماسك المجتمعي في مناطق العودة بالعراق. تم تنفيذ مشروع المصالحة وإعادة الإدماج المجتمعية في العراق في محافظات كركوك وديالى والأنبار، وأثر بالفعل على 170 مستفيداً، بمن فيهم 82 امرأة في جميع المحافظات.

بهدف يتمثل بالوصول الى 9000 فرد في عام 2024، فإن هذه الجهود التي يدعمها صندوق تمويل بناء السلام التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تعد ضرورية لوضع الأساس لمجتمع عراقي مسالم ومتماسك اجتماعياً بينما يشرع البلد في رحلة التنمية المستدامة.