ما هي الكلمات الثلاث الأولى التي تخطر ببالك عند سماعك عن "مختبرات التسريع الإنمائية"؟
لكل منا، نحن البشر، طريقته الخاصة في التفكير والسلوك. وعندما يتعلق الأمر بالكلمات، فإننا نعبر عن الأشياء بشكل مختلف وفقاً لأسلوب تعايشنا وتفاعلنا مع محيطنا. تعمل مختبرات التسريع الإنمائية مع مختلف اصحاب العلاقة كل على إختلاف اسلوب تفكيره من أجل فهم مجتمعاتهم المتنوعة والتعايش معها. وفي خضم هذا التواصل، تتدفق الكثير من الكلمات المثمرة يومياً عبر قنوات مختبرات التسريع الإنمائية بصورة تجعل من تتبع هذه الكلمات ومراقبة تأثيرها على المحيط أمراً لا يقل اهميةً عن باقي تفاصيل عملنا.
تؤثر كلماتنا وطرق التواصل التي نتبعها من خلال الحلقة الصغيرة القريبة منا، إذ تبدأ أولاً بالمقربين، ومن ثم تتسع لتشمل الدائرة الأكبر من المجتمع المحيط. يقودنا هذا إلى التفكير في الأشخاص الأقرب إلى مختبرات التسريع الإنمائية، بمن فيهم "فريق مختبرات التسريع التطوعي" . لوضع فرضيتنا تلك موضع التجربة والتطبيق، طرحنا على الفريق أثناء إحدى إجتماعاتنا الإفتراضية سؤالاً كان نصه: "ما هي الكلمات الثلاث الأولى التي تخطر في ذهنك عند سماعك مصطلح ’مختبرات التسريع الإنمائية"؟ جمعنا كلماتهم الثلاث التي عبرت عن افكارهم والهامهم وعواطفهم بما يتعلق بمختبرات التسريع باسلوب تفاعلي كما تشاهدونها في الصورة:
لا تشير هذه الكلمات إلى تدفق تأثير مختبرات التسريع فقط، بل إلى التغيير في ذهنية تفكير المجتمع وصدى أفكار هذا المختبر في النظام البيئي الذي يتضمن شركاء العمل ويبين العلاقه بين الشركاء. فقد ألهمتنا هذه الكلمات للبحث بعمق في الكلمات التي نسمعها ونراها كل يوم واستخدام قوتها لإكتشاف حلول محلية تستند إلى الاحتياجات وفق التحديات التي نواجهها.
قوة الكلمات ونهج تخطيط الحلول خلال مواجهة جائحة فيروس كورونا في العراق
تقول السيدة زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق: "إن العراق هو أيضاً قصة تفوق لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي مثال واضح على عمل المنظمة التي تبذل أقصى جهدها في مرحلة ما بعد الصراع. وهي قصة نحن فيها دائماً الملاذ الأول والشريك الأفضل للحكومة في مختلف قطاعاتها، وللمانحين الدوليين، والشركاء المنفذين، والمجتمعات المحلية كذلك".
في إطار مواجهة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للوباء العالمي وللحفاظ على ثقة اصحاب العلاقة المعنيين، نظمت مختبرات التسريع الإنمائية في العراق سلسلة من النشاطات الافتراضية للبحث عن الإبتكارات المحلية (سفاري الحلول) بإستخدام اساليب حديثة لمساعدة العراق في مواجهة هذا التحدي بكفاءة أكبر.
الاساليب الحديثة المتبعة من قبل رئيس تخطيط الحلول في مختبرات التسريع الانمائية تتضمن استخدام قوة الكلمات في التأثير على التغير السلوكي للمبتكرين واصحاب العلاقة. لذلك وبالإستناد على منهجيات علم الإقتصاد السلوكي، وضعنا الفرضية التالية لإيجاد حلول محلية أثناء تفشي جائحة فيروس كورونا في العراق:
إذا تتبعنا الكلمات التي يستخدمها المجتمع في العالم الافتراضي المحيط بمختبرات التسريع، فأن هذه الكلمات يمكن استثمارها و توظيفها في إيجاد وتوسيع الحلول المحلية، لذلك فإن اشارة التغيير ستتضمن زيادة إهتمام المبتكرين بكلماتهم في العالم الافتراضي
وللتاكد من إمكانية تطبيق هذه الفرضية، قمت بربط منهجيات مختلفة نتج عنها سويةً الأساليب الثلاث التالية التي ترشدنا في تفاصيل كل مرحلة من مراحل عملنا المختلفة المتمثلة بالاستشعار والاستكشاف والتجربة ضمن اسلوب تكيفنا وإستجابتنا السريعة في العالم الافتراضي لمختبرات التسريع:
النهج الأول: الكلمات والوسوم (الهاشتاغ)
صممت خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي لمساعدة المستخدمين في العثور على المعلومات. وكمخططين للحلول المحلية فأن استخدام التكنولوجيا والتكيّف بإستمرار مع التغيرات المحيطة أمراً اساسيا. وهنا، أصبح المجال الافتراضي ولمدة اربعة أشهر هو الوسيلة الرئيسة للتواصل مع المجتمع. أقومُ يومياً بمراقبة وتتبع الكلمات الشائعة (الوسوم) في العالم الإفتراضي وربطها هذه في شبكة تحليلية لفهم ما يجري في المجتمع. يتم قيادة هذه العمليه باستخدام منهجية التفكير المنظومي. من خلال هذه الطريقة تم تحديد سبعة حلولاً محلية لمواجهة الوباء في العراق وهي منصة كورونا في العراق (رُفع مستواها وتم تبنيها من قبل الحكومة) وواقيات الوجه المصنعة بإستخدام الطابعات الثلاثية الابعاد و واقيات الوجه المصنعة من مادة البولي إيثيلين تريبتالات وبوابة تعقيم الافراد وجهاز التنفس الذي تم تصنيع نموذجه الاولي من قبل القطاع الأكاديمي في الجامعات وجهاز التنفس المصنع في وزارة الصناعة والمعادن (في مرحلة الاستكشاف) ومنصة العيادة الطبية في المنزل.
النهج الثاني: فريق مختبرات التسريع التطوعي
خلال الورشة الأولى لتدريب فريق مختبرات التسريع التطوعي تم التطرق لمصطلح "الحلول المحلية" لكونهم اعيننا في المجتمع باعتبارهم مجموعة من الناشطين المحليين من مختلف القطاعات في العراق. تم تفعيل استخدام هذا المصطلح لتحقق نتائج ملموسة على ارض الواقع من قبل " فريق مختبرات التسريع التطوعي"،حيث ساعدنا في تحديد خمسة حلولاً محلية لمواجهة الوباء من خلال استخدام قوة الكلمة في العالم الافتراضي. هذه الحلول تتضمن اجهزة التنفس المحمولة والرجل الآلي الذي يتم التحكم به عن بعد من اجل توفير الخدمات الطبية والمنصة الالكترونية الخاصة بتبرع بلازما الدم والصابون التفاعلي للأطفال والجهاز الآلي لغسل اليدين.
النهج الثالث: المكتب القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
من اجل انعكاس آلية تخطيط الحلول المتبعة من قبل مختبرات التسريع الإنمائية على المشاريع الحالية داخل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حرصنا على ان يكون المكتب القطري على بينة بطريقة عملنا من خلال الكلمات اليومية المتدفقة من قنواتنا من اجل تحقيق تأثيراً داخل المكتب بالاضافة الى توفير الدعم عند الحاجة لكوننا جزء منهم.
من ايجابيات العمل بصورة مرئية وجنباً الى جنب مع المكتب القطري هو رغبة واستعداد زملائنا العاملين في ايجاد حلول محلية لمواجهة وباء كورونا. حيث تم تحديد اربعة حلول محلية من قبل المكتب القطري وهي ماسكة الكمامة الطبية المصنعة بإستخدام الطابعة الثلاثية وجهاز التنفس المصنع في جامعة البصرة و المعقمات اليدوية المصنع في جامعة كربلاء بالاضافة للكامرات الذكية الصديقة للبيئة.
وفي الختام، استطاع فريق مختبرات التسريع الانمائية في العراق من تحقيق الفرضية بامكانية تحويل قوة الكلمات الى إشارات تغيّر جديدة ينعكس تاثيرها على طريقة عمل أصحاب العلاقة. والآن، أصبحت النقاشات المفتوحة عبر الإنترنت حول التحديات اليومية التي تواجهها البلاد بسبب انتشار الفيروس هي الأسلوب المتبع بشكل اساسي في صناعة القرار لدى اغلب القطاعات الحكومة أكثر من أي وقت مضى. وهذا التغيير يعود جزئياً إلى مناقشات مختبرات التسريع الإنمائية مع الحكومة العراقية واصحاب العلاقة حول بناء شراكات لتبني الحلول المحلية التي تم ذكرها آنفاً.
اصبحت الكلمات والوسوم (الهاشتاغ) المنشورة في العالم الإفتراضي هي منهجيتنا لإيجاد الحلول المحلية للمشاكل التنموية التي تواجه البلد. وقد لاحظنا أيضا أن تسليط الضوء على عمل المبتكرين المحليين في وسائل التواصل الإجتماعي يساهم في ظهور نمط جديد للابتكار يؤثر على أسلوب عمل المبتكرين الآخرين. وفيما يخص الانماط حديثة النشوء، فقد أثرت مختبرات التسريع الانمائية في نشوء انماط ابتكار متسارعة النمو داخل مكتب برنامج الامم المتحدة الانمائي في العراق. إذ يسعى البرنامج بدوره لتعزيز ارتباط مشاريعه مع المجتمع وتحليل الأحتياجات المجتمعية.
اخيراً، تمكنا من تحقيق الوصول الى 16 حلاً محلياً للمشاكل التنموية التي تواجه البلد من خلال استخدام قوة الكلمات وانماط التواصل. تتمثل الخطوة التالية بتوظيف قوة المرئيات لتخطيط النسخة القادمة من الحلول المحلية.