خبراء في حوار التنمية الانسانية العربية: بناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية مفتاح لوضع التنمية على مسار صحيح نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في منطقة الدول العربية
17 نوفمبر 2022
بيروت – في حوار التنمية الانسانية العربية الذي استضافه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هنا اليوم، اتفقت مجموعة متميزة من الخبراء البارزين من منطقة الدول العربية الذين جمعهم اللقاء على أن تحصين المستقبل بالقدرة على الصمود في مواجهة الأزمات أمر بالغ الأهمية لتعافي المنطقة ما بعد جائحة كوفيد-19.
ويمثل تعزيز قدرة المؤسسات العامة، والنظم المرتبطة بالحوكمة والإدارة الاقتصادية، والبنى التحتية المنوط بها تقديم الخدمات العامة، حتى تستطيع توقع الأزمات والتعامل معها ودرؤها أمرا ضرورياً لبلدان المنطقة لتكون قادرة على اجتياز أوجه عدم اليقين المتزايدة والمتقاطعة على الصعيدين العالمي والإقليمي، والتي تشكل عالمنا اليوم ومن المرجح أن تتواصل في المستقبل.
استند الحوار إلى التحليلات والنتائج والتوصيات الواردة في تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2022: تعظيم الفرص لتعافٍ يشمل الجميع ويعزز القدرة على مواجهة الأزمات في حقبة ما بعد كوفيد-19، الذي نُشر في يونيو 2022 باعتباره السابع في سلسلة تقارير التنمية الانسانية العربية. كلف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإعداد هذه التقارير منذ عام 2002 لدراسة فرص وتحديات التنمية البشرية في منطقة الدول العربية. استندت المناقشات أيضًا إلى توصيات تقرير التنمية البشرية 2021-2022: زمن بلا يقين، حياة بلا استقرار: صياغة مستقبلنا في عالم يتحوّل، والذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سبتمبر 2022.
وأكدت الدكتورة خالدة بوزار، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية أن "التنمية البشرية التي تستجيب لاحتياجات الناس يجب أن تكون الأداة الرئيسية في حقيبة الأدوات التي تركن إليها جهودنا للتعافي، إذ نسعى جاهدين للبناء قدمًا على نحو أفضل من بعد جائحة كوفيد-19". وأضافت "الصورة واضحة لدينا بشأن ما يتطلبه الأمر لإعادة المنطقة إلى مسار التنمية المستدامة، بما في ذلك: معالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة ولمكامن الضعف؛ التقدم نحو اقتصادات أكثر تنوعًا وقدرة على الصمود في وجه الأزمات؛ تحويل العلاقة بين الدول ومواطنيها؛ واغتنام فرصة التعافي لإعادة ضبط مسارنا نحو الاستدامة البيئية".
ضمت الجلسة الافتتاحية للحوار كذلك كل من السيد عمران ريزا، نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة (UNSCOL) والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان، والسيد منير تابت، نائب المدير التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا). وشدد كلاهما على أهمية تبني نُهٌج وقائية في العمل التنموي، تسعى إلى الحد من المخاطر وتعزز القدرة على درء الأزمات، وتتخذ من رؤية خطة التنمية المستدامة للعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر المنبثقة عنها كإطار توجيهي.
وفي كلمته الرئيسية التي اختتمت الجلسة الافتتاحية للحوار، قال سعادة نائب رئيس الوزراء اللبناني الدكتور سعادة الشامي: "لقد احتفظ لبنان بالكاد بمكانته ضمن مجموعة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة، ولكنه سجل تراجعاً متواصلا في مؤشرات تنميته البشرية خلال العقد الماضي - وتسارع ذلك التراجع في السنوات الأخيرة ". وأضاف: "لكننا مصممون على مواصلة العمل مع جميع الشركاء لعكس هذا الاتجاه المتراجع بما يوفر لجميع اللبنانيين دون تمييز بدائل حقيقية للحفاظ على الأمل في المستقبل والازدهار مرة أخرى".
واقترحت مداولات جلسة الخبراء التي تلت الافتتاح أننا نعيش "واقعاً جديداً" ستستمر الأزمات ومعطيات عدم اليقين فيه في تشكيل مستقبل هذه المنطقة والعالم بأسره. وضمت تلك الجلسة كل من الدكتورة عناية عز الدين، عضو مجلس النواب اللبناني ووزيرة الدولة السابقة لشؤون الإصلاح الإداري في لبنان، والدكتور خليل الشقاقي، أستاذ العلوم السياسية، وعضو مجلس إدارة الباروميتر العربي ومدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسية والمسحية في رام الله، والدكتورة علياء المهدي أستاذة الاقتصاد والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في مصر، والدكتور ناصر السعيدي، رئيس مجلس أعمال الطاقة النظيفة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الإمارات العربية المتحدة ووزير الاقتصاد والتجارة السابق في لبنان.
فعلى الصعيد العالمي، لا تستثني وآثار الأزمات المتلاحقة أحداً - بما في ذلك حالة الطوارئ المناخية، وتزايد مخاطر الأوبئة ذات الأصل حيواني المنشأ، والخسائر الكبيرة التي نشهدها في التنوع البيولوجي، والأزمات المرتبطة بارتفاع تكاليف المعيشة، وانعدام الأمن الغذائي، ونقص إمدادات الطاقة التي عجلت من وتيرتها آثار الحرب على أوكرانيا.
أما على المستوى الإقليمي، نجد أن أوجه عدم اليقين تتفاقم بسبب النزاعات التي طال أمدها والتي تقوض التنمية والتماسك الاجتماعي، إلى جانب أوجه القصور الطويلة الأمد في نظم الحوكمة والإدارة الاقتصادية والمعالجات البيئية، والتي لا طالما عانت منها منطقة الدول العربية على مدى عقود طويلة.
واقترح الخبراء أن القدرة على تجاوز الأزمات في المستقبل تتطلب تحولات كبيرة في استجابة السياسات التنموية لكي تعالج ظروف
عدم اليقين المتعاظمة ولتكون ملائمة على نحو أقدر لإدارة الأزمات. وتضمنت الاقتراحات المحددة ابتكار أدوات لتمويل التحول الأخضر، ولتعزيز القدرة البلدان على التعامل مع حالات الطوارئ الاقتصادية المستقبلية، فضلا عن تدابير لإعادة بناء الثقة في المؤسسات العامة، بما في ذلك زيادة الاستثمارات في سياسات التنمية التي تركز على الإنسان وخطط التضامن الاجتماعي التي تؤمن الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الصدمات وتوسع من نطاق الفرص المتاحة لهم في المستقبل.
اقتباسات مختاره منسوبة للخبراء المشاركين
"يجب أن يرتكز العقد الاجتماعي الجديد الذي نحتاجه على حقوق الإنسان وأن يلتزم بتحقيق الأمن الإنساني للجميع دون تمييز ويعتمد على سياسات اقتصادية احتوائية وتتمحور حول الإنسان، بما يتجاوز المعايير التي تقتصر على النمو الاقتصادي فحسب، إلى التركيز على التنمية البشرية باعتبارها الهدف المنشود. كذلك نحتاج أيضًا إلى إصلاحات قانونية تقود المجتمع نحو مزيد من المساواة بين الجنسين - ولكن التشريعات وحدها لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا ما اقترنت بالتغييرات الاجتماعية والثقافية الداعمة لتنفيذها في الواقع العملي".
الدكتورة عناية عزالدين
عضوة مجلس النواب اللبناني ووزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية سابقا في لبنان
عندما نحلل اتجاهات الموجات المتتالية من استطلاعات الباروميتر العربي، نرى أنها تشير بالفعل إلى وجود العديد من النوافذ التي تبعث على الأمل في مستقبل المنطقة العربية، إذ تشير إلى بعض التحسن في مستويات الرضا عن الأداء الحكومي، ولكن فقط في البلدان التي لديها مؤسسات قوية وتتمتع بالاستقرار؛ بالإضافة إلى استقرار معدلات رغبة الشباب في الهجرة خارج المنطقة دون زيادة؛ واستمرار سواد الإيمان بالقيم الليبرالية، بما في ذلك قيمة الديمقراطية كأساس للحكم "
الدكتور خليل الشقاقي
أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس إدارة الباروميتر العربي
ومدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله بدولة فلسطين
"التصاعد المتسارع في نسبة الدين الوطني إلى الناتج المحلي الإجمالي في العديد من الدول العربية اليوم يحد من الحيز المالي المتاح لديها للإنفاق على الخدمات الاجتماعية الأساسية والتي تمثل الخط الأول لحماية التنمية البشرية. لذلك يجب أن تضع المؤسسات الإقليمية والعالمية المقرضة كشرط مسبق للإقراض المستقبلي تقديم الدول الساعية للاقتراض استراتيجيات واقعية لخفض الديون. كذلك يجب تهيئة الظروف والحوافز التمكينية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في البنى التحتية الاجتماعية. كما يجب علينا أيضًا تحسين من تدابير الاستعداد لمعالجة الأزمات المالية المستقبلية، ولربما يكون من المناسب دراسة امكانية إنشاء صندوق إقليمي للطوارئ الاقتصادية تساهم فيه جميع الدول العربية ".
الدكتورة علياء المهدي
أستاذة الاقتصاد والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في مصر
" تشكل المخاطر المناخية تهديدًا وجوديًا بالنسبة للمنطقة العربية. وهو تهديد لا يمكن معالجته إلا على المستوى الإقليمي. والمعالجة لا تكون فقط من خلال تكثيف جهود التخفيف والتكيف في إطار استراتيجيات وطنية شاملة لمعالجة المخاطر المناخية، ولكن أيضًا من خلال زيادة وتنويع مصادر وأدوات تمويل العمل المناخي. لذلك يجب أن يتم إدماج أنشطة العمل البيئي والمناخي كجزء لا يتجزأ في صناعتنا المصرفية وأسواقنا المالية العربية. ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أت تضطلع بدور رئيسي حاسم الأهمية في هذا الصدد، إذ تتوافر لديها الموارد المالية والقدرة على الوصول إلى التقنيات اللازمة لقيادة التحول العربي الأخضر، فيمكنها على سبيا المثال إنشاء بنك عربي أخضر لدعم التحول المنشود".
الدكتور ناصر السعيدي
مؤسس ورئيس مجلس صناعات الطاقة النظيفة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإمارات العربية المتحدة
ووزير الاقتصاد والتجارة الأسبق في لبنان
للمزيد من المعلومات والاستفسارات الإعلامية، يرجى الاتصال:
رنا مغبغب | رئيسة فريق الاتصال والإعلام | مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان
| rana.moughabghab@undp.org | +961 3835351
نعمان الصياد | المستشار الإقليمي للاتصال والإعلام | المركز الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعمان
| noeman.alsayyad@undp.org | +962 79567 2901