"في ليالِ كثيرة نأوي انا وأطفالي إلى الفراش جائعين لأننا لا نملك الطعام الكافي. في بعض الأحيان، كنت اخبر أطفالي باني لست جائعة حتى يكون أي طعام أضعه على الطاولة كافياً لهم،" تقول ساميه - ام لثلاثة أطفال وتعيش حالياً في محافظة تعز.
لا تختلف هذه القصة المؤلمة عن قصص ما يقرب عن 20 مليون أم واب وطفل في اليمن يعانون باستمرار لعدم امتلاكهم ما يكفي من الطعام.
انعدام الأمن الغذائي والمجاعة والجوع. إن الواقع المريع الذي يواجه الشعب اليمني قد نجم عن حرب مدمرة مستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، حيث تسببت هذه الحرب في تعطيل الاقتصاد المتعثر بالفعل وتسببت في نزوح جماعي وادت إلى توقف الرواتب وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود وشلت تقديم الخدمات الرئيسية وأدت إلى تفشي وباء الكوليرا القاتل.
بشير النهاري، عامل بناء وأب لستة أطفال، واجه واقع الحياة المرير بحالة صراع مباشرة. "عندما اندلع الصراع في البلد، فقدت وظيفتي ولم أعد قادراً على شراء الطعام لعائلتي أو دفع إيجار المنزل. لم أكن أعرف ماذا يجب ان أفعل أو إلى أين أذهب؛ لم يكن هناك أحد يقدم المساعدة."
النهاري ليس وحده من يعاني، حيث أدى فقدان مصدر الدخل لما يقرب عن 8 ملايين يمني، الى جانب توقف مدفوعات الرواتب لـ 1.25 مليون موظف مدني، إلى زيادة تفاقم الوضع الإنساني وعودة البلاد إلى الوراء لعدة عقود. وهناك ضغوط هائلة لتوفير الإغاثة.
أدت محدودية الوصول إلى السلع الأساسية، بالإضافة إلى انخفاض وتذبذب العملة الوطنية، إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، مما يجعل الوصول إلى الغذاء غير ممكناً حتى بالنسبة للسكان ذوي الدخل الثابت.
في عام 2016، وفي خضم هذه الأزمة المتفاقمة، اشترك البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمنع حدوث مجاعة كاملة في اليمن، وتم تصميم هذه الشراكة للاستجابة الطارئة لمواجهة انعدام الأمن الغذائي الذي يعاني منه اليمن.
من خلال مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن - وهو مشروع بقيمة 300 مليون دولار امريكي -يعمل البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي معاً لدعم مؤسستين وطنيتين رئيسيتين. وعلى الرغم من الصراع، تمكن الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة من مواصلة تقديم الخدمات المجتمعية والعمل في تناسق مع الشركاء في المجال الإنساني لمساعدة اليمنيين.
بدعم من مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن والمؤسسة الدولية للتنمية، قام البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإدخال "طريقة عمل جديدة" إلى الواقع في اليمن وجمعا بين الجهود الإنسانية والإنمائية لمنع المجتمعات المحلية من الوقوع في مزيد من الضعف.
لقد ادت درجة التدهور في الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والزراعة والتعليم إلى استنفاد الموارد الإنسانية الدولية المتاحة، كما أدى الصراع ايضاً إلى تفاقم الفقر المزمن، مما أدى إلى زيادة هائلة في معدلات الجوع الشديد وسوء التغذية الحاد في اوساط 1.1 مليون أم و1.8 مليون طفل.
وقد تفاقمت هذه المعدلات المرتفعة لسوء التغذية بسبب خدمات الرعاية الصحية المتهالكة ووجود 50% فقط من المرافق الصحية التي تعمل بكامل طاقتها في البلاد. علاوة على ذلك، أدت الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي في البلاد إلى تعريض السكان للأمراض القاتلة المنقولة بالمياه وغيرها من المخاطر الصحية الأخرى.
لمساعدة اليمنيين على التكيف، نجح مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن في خلق فرص عمل من خلال الاستفادة من القدرات الحالية للصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الاشغال العامة. وفي عام 2018 وحده، تم تنفيذ أكثر من 2,084 مشروع فرعي واسع النطاق للنقد مقابل العمل، استفاد منها مايقرب عن 3.4 ملايين يمني.
أدت مثل هذه المشاريع الفرعية إلى خلق فرص عمل لأكثر من 344,550 شخص، 20% منهم من النازحين داخلياً / العائدين إلى مناطقهم بعد النزوح. وترتبط الوظائف عموماً بإصلاح الخدمات الأساسية الرئيسية للأشخاص والمجتمعات المستضعفة. يشمل ذلك بناء أنظمة إمدادات المياه المنزلية، وحماية الأراضي الزراعية للحفاظ على الإنتاج الأمثل، ورصف الطرق لتوفير الوصول الآمن إلى خدمات الرعاية الصحية والغذاء، وإعادة بناء المدارس المتضررة لتمكين الطلاب من مواصلة تعليمهم.
إن تمكين اليمنيين من خلال تزويد الأسر المتضررة من الأزمة بالاحتياجات الأساسية يؤدي إلى بناء القدرة على الصمود في جميع أنحاء البلاد.
يعمل المشروع أيضاً على ضمان اتاحة الفرصة للمشاريع الصغيرة والأصغر لتبقى مستمرة أثناء الأزمة، مما يساعد المجتمعات في الاحتفاظ بالوظائف للعاملين وتوفير الطعام للأسر. وقد قدم مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن الدعم لتسع مؤسسات وطنية للتمويل الأصغر حتى يتمكن نحو 84,300 شخص من عملاء المشاريع الصغيرة في جميع أنحاء اليمن - على سبيل المثال المزارعين، والصيادين، والقابلات، ومحلات البقالة، والصيدليات – من الحصول على التمويل ومواصلة العمل، حيث كان 3,840 مشروع من هذه المشاريع على وشك الانهيار بسبب الصراع، ولكن بفضل المساعدات المقدمة من مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن لمؤسسات التمويل الصغيرة، استطاع مُلاك هذه المشاريع الصغيرة الاحتفاظ بمشاريعهم وتطويرها.
اضطرت أسماء الغشام إلى إغلاق مشروع الخياطة الصغير الذي تملكه وذلك بسبب الحرب. لكن هذا العام، مع المنح التي حصلت عليها من المؤسسة الوطنية للتمويل الأصغر والشبكة اليمنية للتمويل الأصغر عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية، لم تتمكن من الوقوف على قدميها مجدداً فحسب بل اصبح لديها الآن 17 موظف يمكنهم الوقوف على اقدامهم ايضاً. تقول أسماء بابتسامة تعلو محياها، "أنا سعيدة جداً بنجاح مشروعي وأحلم بتصدير بعض ملابسنا التقليدية إلى الخارج في يوم من الأيام."
استفاد النهاري وساميه ايضا من العمل بأجر مع مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن. وفيما يتعلق بتجربتها، تقول سامية، "لقد عملت لمدة أربعة أشهر حتى الآن وتحسنت العديد من الأشياء في حياتي بفضل هذا المشروع، وهذا يجعلني متفائلة بالمستقبل. الآن يمكنني دفع ايجار المنزل وشراء الطعام لأطفالي؛ الجميع سعداء وبصحة جيدة."
لقد تناول المشروع أيضاً أزمة الغذاء من زوايا أخرى. من خلال التدخلات المشتركة، تم تدريب حوالي 3,636 من المرشدين الصحيين المجتمعيين وتم التعاقد معهم للعمل في المرافق الصحية. وفي عام 2018، قاموا بمعالجة وتثقيف ما يقارب عن 296,142 أم وطفل يعانون من سوء التغذية.
إن تأثير مشروع الاستجابة الطارئة هائلاً في جميع أنحاء اليمن ، حيث ساعد الشعب اليمني على الوصول إلى الخدمات الرئيسية، وكسب الأجور للسماح لهم بشراء الاحتياجات الأساسية لأنفسهم وعائلاتهم - والأهم من ذلك - استعادة كرامتهم.
حقائق وارقام عن مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن
***
بتمويل ودعم من البنك الدولي ، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن (YECRP) من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية و مشروع الأشغال العامة (PWP). يوفر هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 300 مليون دولار أمريكي حوافز اقتصادية في شكل مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة ، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية ، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة في جميع أنحاء اليمن.