يحتاج أكثر من ٢٠ مليون يمني إلى خدمات الرعاية الصحية. يتأثر الأطفال بشكل خاص بالمعدلات المتزايدة لسوء التغذية، أما بالنسبة للنساء -لا سيما الحوامل والأمهات الجدد- فخدمات الصحة الإنجابية محدودة وتكاد تكون معدومة.
ذكرت منظمة الصحة العالمية١ أن ٥١٪ فقط من المرافق الصحية في اليمن تعمل بكامل طاقتها، لكنها غالباً لا تستطيع توفير الرعاية الكافية.
في عزلة البتارية، محافظة حجة، يعيش المجتمع المضيف مع أولئك الذين نزحوا من المناطق المجاورة هرباً من عُنف الصراع الذي دمّر ممتلكاتهم وترك العديد من العائلات دون مأوى أو طعام أو حتى إمكانية الحصول على خدمات الصرف الصحي والمياه. علاوة على ذلك، يلوح سوء التغذية في الأفق مُهدداً حياة الأجيال الشابة، في الوقت الذي بالكاد تستطيع الأسر تحمل تكاليف الغذاء بسبب الارتفاع الهائل في الأسعار.
بحسب الصندوق الاجتماعي للتنمية، تجاوز عدد سكان عزلة البتارية ٧,٠٠٠ نسمة في عام ٢٠١٩م؛ في منطقة لا توجد فيها سوى منشأة رعاية صحية واحدة فقط.
يقول إبراهيم، مساعد طبيب يعمل في مرفق الردحة الصحي: "في منتصف ٢٠٢٠م، لم أجد الوقت الكافي حتى لشرب الماء. الجميع يتألم، وعشرات المرضى يقفون في غرفة الانتظار أو خارج الوحدة الصحية. كان الأمر لا يصدق ... لم أر مثل هذه الاحتياج في أي مرفق صحي ريفي خلال السنوات الماضية".
وعلى الرغم من صغر مبناها، تلعب الوحدة الصحية في الردحة دوراً رئيسياً في علاج حالات سوء التغذية بسبب ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي. ولكنّ تدفق النازحين أدى إلى تزاحم المرضى داخل الوحدة الصحية، وكذا نقص الأدوية واللقاحات.
ومع استمرار النزاع وتزايد معدلات النزوح، لم يكن لدى أبناء عزلة البتارية خيار آخر سوى الانتظار لساعات طويلة أمام الوحدة الصحية بالردحة، على أمل رؤية الطبيب الذي قد يصف دواء من شأنه تخفيف الألم، فأقرب مرفق صحي يبعُد عن البتارية حوالي ٢٠ كيلو متر، حيث يتطلب الوصول إليه أجور نقل قد تصل الى ٢٠,٠٠٠ ريال يمني والتي لا يستطيع المرضى تأمينها لشراء الطعام، ناهيك عن الوصول الى مرافق الرعاية الصحية.
لحسن الحظ، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ساعد الصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD) في إنشاء لجنة على مستوى عزلة البتارية، حيث قام أعضاؤها بتحديد الاحتياجات، ووضع خطة عمل وفقاً لذلك.
ومما لا شك فيه أن لعبت النساء (من أعضاء اللجان المجتمعية) دوراً رائداً في إيصال صوت المرأة الريفية، وكذا حاجتها الملحة لخدمات الصحة الإنجابية؛بما في ذلك، تنظيم الأسرة، والرعاية في فترات ما قبل الولادة وبعدها، الولادة الآمنة، ورعاية الرضع والأطفال حديثي الولادة الذين يعانون بشكل كبير من سوء التغذية.
في ٢٠٢٠م، أعلن الصندوق الاجتماعي للتنمية عن منحة مالية تُقدّر بـ ٢٠,٠٠٠ دولار أمريكي، إلى جانب مساهمة مجتمعية تُقدّر بـ ٢,٠٠٠ طوبة (ما يعادل ٤,٠٠٠ دولار أمريكي) لبناء ثلاث غرف إضافية لوحدة الردحة الصحية في مدة لا تزيد عن أربعة أشهر.
"بعد توسيع المرفق الصحي، نستقبل ما لا يقل عن ٧٠ - ٨٠ حالة يومياً"، يقول الدكتور إبراهيم، "هذه زيادة يومية بنحو ٣٠ مريضة تتلقى الآن الرعاية بفضل دعم ثلاث متطوعات جدد تم تدريبهن على القبالة".
يقدم المرفق الصحي خدمات الصحة الإنجابية، تطعيم الأطفال، علاج سوء التغذية وخدمات الإسعافات الأولية لـ ٣,٠١٥ أسرة، بما في ذلك ١,١٩١ أسرة نازحة.
يقول عدنان مكين، أحد سكان قرية الردحة: "التوسيعات الجديدة ساهمت بشكل كبير في تخفيف معاناة النازحين وأفراد المجتمع المُضيف، فقد وفّرت عليهم عناء الذهاب إلى مستشفى عبس العام والمراكز الصحية الأخرى البعيدة".
يعكس الوضع الصحي في عزلة البتارية جانب صغير من المعاناة في مديرية عبس، التي شهدت ارتفاعاً في معدل النزوح بسبب الصراع، حيث تم تصنيفها على أنها منطقة ذات معدلات عالية في انعدام الأمن الغذائي -بما يقارب ٧٨,٨١١ حالة سوء تغذية ٢.
ولكن، بفضل الشراكة الناجحة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) مع الاتحاد الأوروبي (EU) والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (SIDA)، استثمر الصندوق الاجتماعي للتنمية ١٦٠,٠٠٠ دولار أمريكي عبر توسيع أربع مرافق صحية في أربع عُزل من مديرية عبس، بالإضافة إلى بناء وحدة رعاية صحية لعلاج الحُميّات في مستشفى عبس العام؛ سيستفيد حوالي ٣٥,٠٠٠ شخص من هذه التدخلات.
يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تعزيز تقديم الخدمات الصحية الهامة من خلال إنشاء مبادرات مجتمعية مدمجة وتنفيذ المشاريع الصغيرة التي تعمل على تحسين البنية التحتية الصحية في الريف اليمني.
تم تنفيذ هذه الأنشطة كجزء من تدخلات البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي في اليمن (الصمود الريفي٢) الذي يهدف إلى تعزيز قدرة المجتمعات المتضررة من الأزمات على الصمود من خلال خلق سبل عيش مستدامة والوصول إلى الخدمات الأساسية.
١ https://www.who.int/initiatives/herams
٢ بناءً على معطيات الكتلة المتعددة للحد من خطر المجاعة للعام ٢٠١٩م