النساء اليمنيات يُسهمن في النمو الاقتصادي المحلي

17 مارس 2025

في ظل الصراع والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي أثرت بشكل خاص على النساء في اليمن، أصبح دعم رائدات الأعمال نهجاً أساسياً لتعزيز الصمود وتحقيق التعافي المستدام.

A woman in a black niqab stands in a production area with packaging machinery.

زهراء حسن، مديرة وحدة تصنيع الغذاء في محافظة لحج.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2024

من خلال برنامج تعزيز القدرة على الصمود الريفي في اليمن 3 – وهو مبادرة مشتركة تنفذها عدة جهات بقيادة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – تحصل النساء في مختلف أنحاء البلاد على المهارات والأدوات اللازمة لتحقيق سبل عيش مستدامة. فمن خلال التدريب على إدارة الأعمال، والإرشاد، والدعم المالي لإطلاق المشاريع، يتمكنّ من تجاوز التحديات، وتأسيس مشاريع تدفع عجلة الاقتصاد المحلي إلى الأمام.

النساء اللواتي تناولتهن هذه القصة حوّلن مهاراتهن وعزيمتهن، إلى جانب دعم البرنامج المشترك، إلى مشاريع مزدهرة.
 

قمر: من هاوية إلى رائدة أعمال

عندما بدأت قمر، البالغة من العمر 22 عاماً من محافظة الحديدة، مشروعها، لم تكن تملك سوى خبرة محدودة في الخَبز، لكنها كانت بحاجة إلى إعالة أسرتها. ومع تزايد نفقات الأسرة، قررت الالتحاق بتدريب إدارة الأعمال ضمن برنامج "عزيز القدرة على الصمود الريفي في اليمن 3، لاكتساب أساسيات ريادة الأعمال.

بعد إنهاء الدورة، حصلت قمر على منحة صغيرة مكنتها من شراء خلاط وفرن وثلاجة وأسطوانة غاز، مما أتاح لها بدء مشروعها في صناعة وبيع المعجنات من منزلها. في البداية، واجهت صعوبة في تحسين وصفاتها، وكانت المبيعات بطيئة.

لكن بفضل الإرشاد والتجربة العملية، طوّرت قمر مهاراتها، واكتسبت ثقة زبائنها، ووسّعت قائمة منتجاتها. واليوم، تبيع مخبوزاتها للجيران ومحلات البقالة وشركات تقديم الطعام، وتلبي حتى الطلبات الكبيرة لحفلات الزفاف والمناسبات الخاصة.

A woman in a black abaya uses a mixer while standing in a brightly lit kitchen.

قمر تحضر الخليط لصنع الكعك.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2024

وتقول قمر: "هذا المشروع غيّر حياتي. في السابق، كنت أعتمد على والدي، أما الآن فأساعده في تغطية نفقات الأسرة."

تحلم قمر بافتتاح مقهى صغير في السوق العام، حيث يمكنها توسيع نشاطها وتوظيف نساء أخريات بحاجة إلى عمل.


أشجان: استخلاص زيت السمسم بقوة الجمال

بالنسبة لأشجان، البالغة من العمر 23 عاماً، لم يكن إنشاء مشروع مجرد وسيلة للبقاء، بل كان إثباتاً لقدرة النساء على بناء شيء مستدام. تعيش أشجان في مديرية باجل بمحافظة الحديدة مع زوجها وطفليها، وكانت تلاحظ معاناة المزارعين المحليين في عصر وبيع محصول السمسم. وبدلاً من مشاهدة خسائرهم، قررت، بدعم من زوجها، أن تتدخل لسد هذه الفجوة.

توضح أشجان قائلة: "عندما سألونا عن نوع المشروع الذي نرغب في إطلاقه، اختار البعض تربية المواشي، وآخرون اختاروا المخبوزات، لكنني اخترت معصرة زيت السمسم. كان مشروعاً كبيراً، لكنني كنت مؤمنة به

A woman in traditional attire grinding spices in a wooden mortar in a rustic setting.

أشجان تحضر السمسم الخام ليتم عصره.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2024

على الرغم من عدم امتلاكها أي خبرة سابقة، حرصت أشجان على دراسة أساليب الإنتاج، والتعرف على معايير الجودة، وإكمال تدريب إدارة الأعمال ضمن برنامج تعزيز القدرة على الصمود الريفي في اليمن 3.

وبفضل الدعم المالي الذي حصلت عليه من البرنامج، اشترت معصرة زيت تعمل بواسطة الجمال، وهي طريقة تقليدية لكنها فعالة لاستخلاص زيت السمسم. في البداية، كانت وتيرة الإنتاج غير مستقرة؛ أحياناً بالكاد تحصل على كمية كافية للبيع، وأحياناً أخرى تنتج أكثر مما تستطيع تصريفه. كما مرت بأيام لم يكن لديها ما يكفي من المال لشراء السمسم اللازم لتشغيل المعصرة.

لكن مع انتشار صيتها بفضل نقاء وجودة زيتها، ازداد الطلب بشكل ملحوظ. واليوم، تبيع منتجها للبائعين المحليين والأسر، موفرة لهم زيتاً يعد عنصراً أساسياً في الطهي والعلاجات التقليدية.

وتقول أشجان: "هذا المشروع غيّر حياتي. الآن لدي عملي الخاص، أستطيع تعليم أطفالي، ولم أعد أقلق بشأن تأمين طعام الغد."

تتطلع أشجان إلى توسيع نطاق مشروعها بتركيب الكهرباء وزيادة الإنتاج، مع طموح لتصدير زيتها إلى ما هو أبعد من مديرية باجل.

A woman in a black niqab pours liquid from a small flask into a blue container indoors.

زيت السمسم الطازج من معصرة أشجان في مديرية باجل.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2024

وحدة معالجة الطعام بالطاقة الشمسية

في قرية المخشابة بمحافظة لحج، اجتمعت تسع نساء لإطلاق وحدة لمعالجة الطعام تعمل بالطاقة الشمسية. قبل بدء هذا المشروع، لم يكن لدى العديد من هؤلاء النساء أي خبرة عمل رسمية، وكانوا يعتمدون فقط على مصادر دخل صغيرة وغير مستقرة. كانت أسرهن تعاني من صعوبة توفير احتياجاتهم الأساسية، وأصبح من الصعب تحمل تكلفة أبسط المستلزمات المنزلية.

من خلال التدريب على إدارة الأعمال ودعم الإرشاد المقدم من برنامج تعزيز القدرة على الصمود الريفي في اليمن 3، تعلمن كيفية شراء المكونات، ومعالجة الطعام، وإدارة الأموال، وتسويق منتجاتهن. كما تم تزويدهن بمعدات تعمل بالطاقة الشمسية لضمان استقرار الإنتاج وتجنب الاعتماد على الوقود المكلف أو الكهرباء غير المستقرة.

وتقول عبير صالح: "هذا المشروع منحنا أكثر من مجرد وظائف. منحنا مستقبلاً."

A person in a lab coat and mask prepares food in a kitchen, surrounded by equipment.

وحدة معالجة الطعام بالطاقة الشمسية في محافظة لحج.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2024

اليوم، ينتجن منتجات غذائية عالية الجودة وبأسعار معقولة تلبي احتياجات الأسر المحلية، مع تقليل الاعتماد على الواردات المكلفة. لقد حولت روح التعاون والمثابرة لديهن مبادرة صغيرة إلى مشروع مستدام، لا يقتصر على توفير دخل لأسرهن فقط، بل يعزز أيضاً الاقتصاد المحلي.

Two individuals in black clothing work inside a clean, brightly lit room with supplies.

منى، وإقبال، وعبير يعملن معاً في وحدة معالجة الطعام الخاصة بهن.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2024

تمكين النساء: تأثير واسع

ما بدأ كضرورة عاجلة لكسب العيش تحول إلى شيء أكبر بكثير: حركة نسائية لدعم أسرهن، ومجتمعاتهن، والاقتصاد المحلي.

قبل بدء مشاريعهن، كان العديد من هؤلاء النساء يعتمدن على الدعم المالي من أقاربهِن، وكن يواجهن فرص عمل محدودة، وكان يُثَبط من عزيمتهن في السعي وراء دخل مستقل.

تقول قمر، وهي تعكس كيف غيّر مشروعها في صناعة المعجنات التوازن في أسرتها: "في السابق، كنت أعتمد على والدي في كل شيء. أما الآن، فأنا أدعمه."

وبالنسبة لنساء أخريات، مثل أشجان، لم يكن التحول مالياً فحسب، بل كان عميقاً على الصعيد الشخصي. تسترجع كيف كان الناس متشككين عندما عبرت عن طموحها في إدارة معصرة زيت سمسم تعمل بواسطة الجمال.

"قالوا لي أن أغير فكرتي وأقوم بشيء أصغر. لكنني قلت: 'لا، لدي طموحات. أريد بناء شيء يدوم.'"

مع كل عملية بيع، تقوم هؤلاء النساء بخلق فرص عمل، وتقوية سلاسل التوريد، وفتح أبواب الجيل القادم. أصبح العملاء يثقون بهن، وتُنظر إليهن النساء الأخريات كمصدر إلهام، بينما بدأت الفتيات الشابات يؤمنَّ بأنهن يمكنهن النجاح أيضاً.

وتقول أشجان: "الكثير من الفتيات يبقين في المنزل وأحلامهن لا تتحقق، ولا أحد يدعمهن. الآن، يرون أننا نستطيع فعلها. وبدأوا يصدقون أنهن أيضاً يمكنهن فعل ذلك."

لكن لكي يستمر هذا التقدم، يجب أن تنمو هذه المشاريع، ويتطلب ذلك المزيد من الاستثمار. ما زالت العديد من النساء يواجهن صعوبة في الوصول إلى الائتمان، ويعانين من المنافسة العالية في الأسواق، ويفتقرن إلى الموارد المتاحة بأسعار معقولة لتوسيع نطاق إنتاجهن.

 

مواصلة السعي وراء الأحلام الكبيرة

بالنسبة لهؤلاء النساء، كان برنامج تعزيز القدرة على الصمود الريفي في اليمن 3، هو الفارق بين الكفاح والنجاح. لكن الرحلة لا تنتهي هنا.

تحلم قمر بتحويل مخبزها المنزلي إلى مقهى حيوي في وسط المدينة، حيث يمكنها توظيف نساء أخريات وتقديم منتجات جديدة. أما أشجان، فترى أنها يمكن أن توسع عملها في استخراج زيت السمسم إلى ما بعد قريتها لتوريد إلى أسواق صنعاء والحديدة. ترغب في تركيب الكهرباء، وتحسين كفاءتها، وضمان أن يصبح مشروعها اسماً معروفاً في الصناعة.

أما بالنسبة للتسع نساء العاملات في وحدة معالجة الطعام بالطاقة الشمسية، فإن طموحاتهن تتجاوز مجرد إدارة مشروع مربح. يرون أنفسهن كرواد أعمال، ويثبتن أن المشاريع التي تقودها النساء ليست قابلة للنجاح فقط، بل هي أساسية لإعادة بناء اقتصاد اليمن.

A person in a black hijab holds a jar while looking out a window at solar panels.

زهراء، مديرة المنشأة، تحمل علبة معجون طماطم من إنتاجهن أمام الألواح الشمسية.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2024

نجاحهن هو دليل على ما يمكن تحقيقه عندما تتوفر للنساء الدعم المناسب، والتدريب، والتمويل. من خلال برنامج تعزيز القدرة على الصمود الريفي في اليمن 3، يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشركاء ضمان عدم فقدان المشاريع التي تقودها النساء للزخم. إن توسيع الوصول إلى الموارد المالية، وبرامج التدريب، وحلول الطاقة المستدامة سيمكن المزيد من النساء من تولي أدوار قيادية، وبناء مشاريع مستدامة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في اليمن.