مصنع عنه للخياطة يعود للحياة من جديد: بفضل الدورات التدريبية الحديثة والتي تدفع عجلة التنمية

14 يونيو 2024

تبدء جيهان عملها بقص وتصميم الملابس

شهدت مدينة عنه في محافظة الأنبار العراقية عام 2023 إنجازاً هاماً تمثل في إعادة تأهيل مصنع عنه للخياطة بدعم من برنامج إعادة الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويُعدّ هذا الإنجاز بمثابة شعاع أمل لسكان المدينة الذين عانوا لسنواتٍ طويلة من ويلات تنظيم داعش الإرهابي، ووفقاً للمجتمع المحلي، فان الاهالي ينظرون إلى هذا المشروع على أنه عودة إلى (ما كان عليه المصنع في السابق) - الحياة الطبيعية والسلمية التي كانوا يعيشونها.

حيث ان تأهيل مصنع الخياطة في عنه سوف يعزز فرص العمل في المدينة، وخاصة للنساء، خلال الصراع، فقدت النساء منازلهن وأزواجهن وسبل عيشهن، وهذا يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام في إنتاج الملابس المحلية عالية الجودة في جميع أنحاء العراق، ولكنه يمثل أيضاً عودة الأمن الاقتصادي إلى سكان عنه.

البداية – تأسيس المصنع 

تم إنشاء المصنع في الأصل عام 1994 من قبل وزارة الصناعة والمعادن، وقد تم تصميم المصنع لتحقيق مهمة واضحة وهي خلق فرص عمل حيوية لأهالي عنه، وخاصة النساء، حيث عانت المدينة منذ فترة طويلة من نقص حاد في خيارات العمل، مما أجبر العديد من السكان إما على المغادرة بحثاً عن آفاق أفضل أو تولي وظائف حكومية في المناطق المجاورة مثل القائم وحديثة، لقد أتاح افتتاح المصنع للسكان المحليين فرصاً اقتصادية واستقراراً لم يكن لديهم من قبل.

ومع عملية إعادة التأهيل الناجحة هذه، من المقرر أن يصبح مصنع عنه للخياطة مرة أخرى منارة للنهضة الاقتصادية وتمكين المجتمع المحلي.

دعم الأسر التي تمولها النساء

ينتج المصنع الملابس لجميع الفئات العمرية والملابس التقليدية الرجالية والنسائية وملابس الأطفال والملابس الأخرى المتنوعة، استطاع المصنع ان يخلق ما يصل إلى 100 فرصة عمل، في المقام الأول للنساء اللاتي هن المعيل الرئيسي لأسرهن، وذلك لدعم اسرهن مادياً، وخصوصاً ان المهارات التكنولوجية الحديثة ليست متاحه للجميع، وبالتالي، فإن فرصة كسب أجر معاشي في مثل هذا المصنع تظل بمثابة شريان الحياة للمجتمع المحلي.

الاستثمار في الاجيال الجديدة هو المستقبل الواعد للمصنع وذلك عبر تدريبهم حيث تشرف قدوة على تدريب العاملات في مصنع الخياطة

إعادة المصنع إلى الحياة عبر أربعة خطوط حاسمة

تم إنجاز مشروع إعادة تأهيل وإحياء مصنع عنه للخياطة باستخدام أربع خطوات حاسمة، ساهمت كل منها في إعادة المصنع إلى الحياة، ركزت الخطوة الأولى على إعادة التأهيل الشامل للأعمال الهندسية والميكانيكية والكهربائية، مما أدى إلى زيادة كبيرة في حجم قاعة الإنتاج بنسبة 50%، وكان لهذا التوسع دور محوري في تعزيز القدرة الإنتاجية للمصنع، وتحويله إلى منشأة أكثر كفاءة وإنتاجية.

ركزت الخطوة الأولى على إعادة تأهيل الأعمال الهندسية والميكانيكية والكهربائية بشكل شامل.

وتضمنت الخطوة الثانية توريد وتركيب آلات الخياطة الحديثة وغيرها من المعدات المتطورة، حيث ان هذا التطور يعتبر ضرورياً لمواكبة المعايير الصناعة الحديثة وضمان أحدث المواصفات القياسية والانتاجية وفق جدول زمني محدد. وقد تم تنفيذ إعادة التأهيل بالكامل وفقاً للمعايير الدولية لضمان إنتاج منتجات عالية الجودة.. 

تضمنت الخطوة الثانية توريد وتركيب آلات الخياطة الحديثة وغيرها من المعدات المتطورة.

اما الخطوة الثالثة فقد كانت التأكد من أن العاملات على دراية جيدة بتشغيل آلات الخياطة الحديثة، والتي أصبحت الآن إلكترونية وعالية السرعة، حيث اصبح التدريب مطلباً اساسياً للعمل على تشغيل المعدات وكذلك ضمان سلامة العمال على رأس الأولويات

الخطوة الثالثة كانت التأكد من أن العاملات على دراية جيدة بتشغيل آلات الخياطة الحديثة

وكانت الخطوة الرابعة والأخيرة التي ساعدت في إعادة المصنع إلى الحياة هي ضمان دعم التسويق المصاحب لتعاقدهم مع مختلف المؤسسات الحكومية وخاصة وزارة الصحة ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية، ومن خلال هذه العقود، سوف ينتج المصنع ملابس طبية وعسكرية عالية الجودة، وكذلك توسعة العقود لتشمل العمل خارج الأنبار، حيث سوف يحصل المصنع على عقود من البصرة وبابل وكركوك وصلاح الدين وبغداد وغيرها، بالإضافة إلى عقود متعددة من الوزارات.

في مصنع الملابس تستعد قدوة حمدي لتفصيل بعض الملابس

“تعرب قدوة حمدي ، المهندسة في مصنع عنه: " لم تكن الأمور بأفضل الاحوال عندما تم تحرير المنطقة، حيث تعرض المصنع للدمار والخراب، وعانت المنطقة بشكل عام كثيراً خلال فترة الصراع مع داعش. لقد كانت رؤية المصنع يعود إلى الحياة أمراً مشجعاً لنا جميعاً".

إعادة البناء بشكل أفضل

اليوم وبعد إعادة البناء، وبعد تحرير المنطقة، يعمل المصنع بكامل طاقته، ويعتبر أكثر تقدماً وكفاءة من أي وقت مضى، حيث انه مجهز بأكثر من 83 ماكينة خياطة حديثة، بالإضافة إلى ثلاث طاولات للكي مع اجهزة كي بخارية أوتوماتيكية، حيث يقف المصنع على أهبة الاستعداد لتلبية معايير الإنتاج العالية، وقد ساهم العمال، الذين تم تدريبهم على استخدام هذه المعدات المتطورة بمهارة ودقة مهنية، بشكل كبير في نجاح إنتاج المصنع.

تأهيل المهارات عبر التدريب على المعدات الحديثة لضمان جودة الانتاج.

دعم سبل العيش التقليدية حيث نسعى لتغيير نهج الحياة الاقتصادية في عنه

على الرغم من أن العراق يسير بخطى سريعة نحو التنمية، إلا أن هناك العديد من المناطق في جميع أنحاء البلاد تستفيد بشكل كبير من دعم سبل العيش التقليدية مثل الخياطة.

حيث أضافت قدوة: "اليوم نحن فخورون بإتمام الدورة التدريبية الأولى في المصنع، حيث تم تدريب 28 شخصاً على أساليب الخياطة الحديثة". تضمن هذه الدورات التدريبية أن العاملات اصبحن قادرات على إنتاج سلع عالية الجودة ومصنوعة محلياً بكفاءة. وتتابع: "اليوم نحن أكثر استعداداً للتطور بفضل هذا التدريب".

"تدريبنا على أساليب الخياطة الحديثة والأسس التي نعتمدها ساهم بشكل كبير في تعزيز الصناعة في هذا المصنع". نريد من الناس أن ينظروا إلى الانتاج المحلي عند شراء ملابسهم، ليست هناك حاجة للذهاب إلى مكان آخر حيث اصبحنا نستطيع تلبية الطلب على هذه النوعيات من الملابس هنا".

ابتسامة مشرقة لمستقبل مشرق! تتطلع جيهان إلى بداية جديدة في المنطقة.

وتضيف كوثر هلال، العاملة في مصنع الخياطة: "عائلتي من المستفيدين، فأنا أعمل هنا منذ فترة طويلة وأعيل عائلتي بفضل عملي في هذا المصنع".

"التدريب الذي تلقيته جعلني أكثر دراية بالمعدات الجديدة، واليوم أستطيع أن أقول إنني أكثر خبرة في أساليب تصميم وتصنيع الملابس". جيهان عدنان، إحدى المتدربات في الدورة التدريبة 

إن إعادة تأهيل مصنع أناه للخياطة لم يعيد نفسه إلى الحياة فحسب، بل بث الأمل مرة أخرى في مجتمع كامل من الأسر التي تقودها النساء والأسر والتي تحسنت حياتها من خلال هذا المشروع.

حول اهمية المصنع والمشروع

يعتبر إعادة تأهيل هذا المصنع إحدى خطوات النهوض باقتصاد البلاد وتشجيع العمل، خاصة للنساء الملتزمات بالتقاليد واللاتي غالباً ما يتم تجاهلهن في فرص العمل. التدريب الذي تلقاه العمال ساعد في تطوير المصنع من خلال إدخال أساليب الخياطة الحديثة التي من شأنها أن تساهم بشكل أو بآخر في تطوير المصنع وزيادة إنتاجه، وفي النهاية، يزداد الطلب على المنتجات، مما يحقق النمو الاقتصادي للمجتمع وللبلد بشكل عام.

تم تنفيذ المشروع من خلال برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبالتعاون مع وزارة الصناعة في العراق وبتمويل من حكومة نيوزيلندا. وقد تم التدريب أيضاً تحت إشراف برنامج تطوير القدرات،  بتمويل من الحكومة السويدية.