تخفيف الازمة الغذائية في اليمن: حماية الأراضي الزراعية في وادي البركاني بمحافظة تعز
21 نوفمبر 2023
يُسهم دعم المزارعين اليمنيين في زراعة وبيع محاصيلهم في بناء مجتمعات صحيّة تتميّز باكتفائها الذاتي. ويعد الإنتاج والاستهلاك المحلي أمرين حيويين لتنمية اقتصاد أخضر (يُولي الاهتمام اللازم بالبيئة) في بلد تأثّر بشدة من تبعات الصراع.
ويعاني أكثر من 24 مليون شخص – 83% من السكان – من انعدام الأمن الغذائي في اليمن. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج أكثر من نصف الأطفال الصغار (51٪) إلى علاج سوء التغذية الحاد.
وتعتبر زيادة الإنتاج الغذائي المحلي من بين الاحتياجات الأكثر إلحاحا حيث تلعب التغيرات المناخية دورًا متزايدًا في تفاقم أزمة ندرة الغذاء. فقد أدت التغيرات المناخية، فبدءاً من انجراف الأراضي وصولاً إلى ظاهرة التصحر والفيضانات وتأخر فصول الزراعة، فإن النتيجة تتجلى في انخفاض زراعة المحاصيل الرئيسية ذات القيمة الغذائية العالية لسكان اليمن.
التغلب على أزمة الغذاء
وللتخفيف من آثار الأزمة الغذائية في اليمن والتبعات السلبية لتغيُّر المناخ على القطاع الزراعي، عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مشروع الأشغال العامة، وبتمويل من البنك الدولي، على حماية الأراضي الزراعية في وادي البركاني بمديرية المعافر في محافظة تعز. ويُعد هذا التدخل جزءًا من مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن.
وجرى دعم المزارعين في منطقة الزقّوم، والتي تمثل نقطة التقاء لمجرى السيول القادمة من منطقتين مجاورتين للوادي. فبعد أن تعرضوا لخسائر فادحة في السابق، ظل المزارعون المحليون ولفترة طويلة مُترددين في القيام بأي أنشطة زراعية بسبب قلقهم من السيول التي قد تجرف محاصيلهم وأراضيهم الزراعية في طريقها.
يُسلط الحسين عبد الولي، ممثل مشروع الأشغال العامة، الضوء على أهداف هذا التدخل بالقول: “يهدف هذا المشروع إلى استعادة هكتارين من الأراضي الزراعية التي فقدها المزارعون في السنوات السابقة. إذ أن انجراف التربة جعل بعض المزارعين غير قادرين على زراعة أي شيء منذ ذلك الحين".
وفي حديثه عن كيفية استجابة المشروع للاحتياجات الأكثر إلحاحًا للمجتمع المحلي، يقول الحسين إن الهدف هو "الحفاظ على الأمن الغذائي للأسر التي تعتمد بشكل أساسي على الزراعة لكسب قوتها، ومساعدتها للحصول على دخل يُمكنها من تلبية احتياجاتها اليومية."
حماية الأراضي الزراعية وسُبل العيش
تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في منطقة الزقوم أكثر من 20 هكتاراً. وبفضل تدخلات مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي، تمت حماية أكثر من 16 هكتارًا من الأراضي الزراعية المهددة واستعادة هكتارين إضافيين كانت الفيضانات قد جرفت التربة فيهما.
وشمل المشروع إنشاء حواجز للسيول بطول 800 متر لحماية المَزارع من الفيضانات الجارفة. هذه الحواجز، التي تم إنشاؤها باستخدام أحجار تم رصَّها ولفها بالأسلاك بعناية، تسمح بتخلل المياه عبرها عند مرورها بمحاذاة الأراضي الزراعية – فتنظم عملية ريّ المحاصيل دون الإضرار بالتربة أو النباتات.
وقد استفاد من المشروع بشكل مباشر 60 مزارعًا، بينهم 15 مُزارعة. كما أحدث المشروع تأثيرًا إيجابيًا على 600 شخصًا يعيشون على امتداد الوادي.
من بين المزارعين الذين استفادوا من هذا المشروع، إبراهيم عبد الله حسن البالغ من العمر 33 عاماً. وكأحد مزارعيّ الخضروات في المنطقة، فقد تكبد خسائر فادحة في عام 2022 عندما دمرت السيول محصوله من الكراث. أما الان، فقد أصبح بإمكانه زراعة أرضه دون القلق من احتمال حدوث ذلك مجددًا. ويقول: "أستطيع الآن زراعة الكراث بأمان ومن ثم بيعه في السوق المجاورة". إن ما يزرعه حسن- ويبيعه- لا يساهم في تلبية الاحتياجات الأساسية له ولأسرته فحسب، بل إنه يخدم أيضًا مجتمعه من خلال توفير منتجات تمت زراعتها محليًا وتُعزز الأمن الغذائي في المنطقة.
أحدثت جدران الحماية فرقًا كبيرًا بالنسبة لحسن وغيره من المزارعين في المنطقة. ففي السابق، كانوا يلجأون لحلول مؤقتة مثل بناء حواجز باستخدام التربة وأغصان الأشجار، وكان ينتهي بها الحال إما بالانهيار أو الانجراف، مما يترك المَزارع مُعرضة لخطر السيول المُدمّرة.
تتنوع المحاصيل التي تُزرع في منطقة البركاني، على الرغم من شهرتها في تعز- وفي جميع أنحاء اليمن– بزراعة ثمار المانجو.
كما بدأ العديد من المزارعين في زراعة محاصيل أخرى متنوعة، بما في ذلك الحبوب والخضروات المختلفة مثل الكراث والفجل والبامية والطماطم والفلفل الحلو بالإضافة للموز والقهوة، لتحسين دخلهم وتلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية بشكل أكثر فعالية.
ويمتلك أمين البركاني، البالغ من العمر 52 عاماً، مزرعة مانجو كبيرة يعتمد عليها للحصول على الدخل. وهو الآن أكثر سعادة من أي وقت مضى، حيث ساعده هذا المشروع في حماية محاصيله ورفع مستوى إنتاج مزرعته.
التعاقدات المجتمعية تصنع الفرق
وتم تقديم الدعم في وادي البركاني بعد إجراء تقييم شامل لاحتياجات المجتمع الأكثر إلحاحاً، ولا سيما احتياجات المزارعين، نظراً للدور الرئيسي الذي يلعبونه في تحقيق الأمن الغذائي.
وإدراكاً من اللجنة المجتمعية المحلية لأهمية الحفاظ على الأراضي الزراعية، فقد اختارت تنفيذ مشروع جدران الحماية لحمايتها من الانجراف والسيول المدمرة. كما وفر المشروع فرص عمل مؤقتة لـ 192 فردًا من أبناء المجتمع المحلي.
ومن خلال مشروع الأمن الغذائي، تم دفع الأجور لأفراد المجتمع المحلي المشاركين في تنفيذ جدران الحماية بينما يتعلّمون مهارات جديدة تساعدهم على زيادة إنتاجهم الزراعي على المدى الطويل.
بتمويل من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن (FSRRP) من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي. ويعمل الجزء الخاص ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تحسين البنية التحتية للإنتاج الزراعي وتعزيز القدرة على التكيّف مع تغيّرات المناخ بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة.