سنجار هي منطقة في محافظة نينوى في شمال العراق. وكانت موطناً لقرابة 420,000 فرداً يمثلون خلفيات عرقية ودينية متنوعة[1]. وهي معروفة على نطاق واسع بأنها وطن الإيزيديين الذين ينتمون إلى أقلية عرقية دينية، تنتشر طوائفها في أنحاء العراق وسوريا وتركيا.
في 3 آب 2014، شن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) هجوماً قاتلاً على سنجار. حيث اضطهد التنظيم منطقة سنجار والمناطق المحيطة بها وارتكب فظائع رهيبة ضد السكان المدنيين بما في ذلك القتل الجماعي، وعمليات التحويل الدينية القسرية، والاختطاف والعبودية القسرية للآلاف ولا سيما النساء والفتيات. فرّ الآلاف من المنطقة وشردوا في انحاء العراق وانتقل بعظهم الى الخارج. وقد اعترف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رسمياً بأن عهد الإرهاب هذا يشكل إبادة جماعية ضد الإيزيديين، وأن تنظيم داعش ارتكب العديد من جرائم الحرب وجرائم متعددة ضد الإنسانية في سنجار وأجزاء أخرى من العراق.
وبعد مرور ست سنوات، لا يزال مايصل الى 200,000 شخص من الأيزيديين في حالة نزوح، ولا يزال البعض منهم يواجهون ظروفًا قاسية في جبل سنجار، حيث فروا هرباً، في حين يعيش معظمهم في مخيمات النازحين في إقليم كردستان العراق. فمنذ النهاية الرسمية لنزاع داعش في عام 2017، كانت العودة إلى سنجار بطيئة، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى مستوى الدمار الذي حدث في عام 2014. فبالإضافة إلى الكارثة البشرية التي تعرضت لها المنطقة، دمر داعش ما يصل إلى 80 في المائة من البنية التحتية العامة و70 في المائة من منازل المدنيين في منطقة سنجار والمناطق المحيطة[2] بها، فضلاً عن العديد من المواقع الدينية الهامة
[1] عندما تصمت الأسلحة: تسوية الخلافات في سنجار بعد داعش، رانيا أبوزيد،
ECFR: https://bit.ly/3focsUO
[2] خطة المركز المشترك لتنسيق الأزمات لإعادة الإعمار في سنجار 2017-2019. بشكل عام، أفاد 52٪ من المجيبين في منطقة سنجار بأنهم أميون.
بعد دخول داعش إلى منطقة سنجار، فر جلال خلف بيسو وعائلته إلى إقليم كردستان. ففي البداية توجهوا نحو بدرا، وبعدها إلى دهوك. عاشت الأسرة في مبنى غير مكتمل في دهوك حتى تم تحرير سنجار عام 2015.
وأوضح جلال في تشرين الأول 2019 "كنا أول عائلة تعود إلى المنطقة،" وأكمل حديثه قائلاً، "لا أحب أن يقول الناس إنني نازح، فهنا منزلي وكذلك عملي."
إن قضية جلال لافتة للنظر في السنوات التي تلت هزيمة داعش؛ ففي البداية، أدى تدمير الخدمات الأساسية وانعدام الأمن المستمر في المنطقة إلى إعاقة عودة الإيزيديين إلى سنجار. لكن شهر حزيران عام 2020، كان ايذاناً ببدء زيادة ملحوظة في عودة العائلات النازحة. ووفقاً لتقييم أجرته مؤخراً المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في العراق، عاد 10,165 فردًا (1,694 أسرة) إلى سنجار في الفترة ما بين 8 حزيران و 16 تموز. حيث تعتبر هذه زيادة ملحوظة في عدد العائدين مقارنة بالسنوات السابقة، فخلال ايار وحزيران من عام 2019، سجلت المنظمة الدولية للهجرة في العراق عودة 1,512 شخص فقط إلى سنجار وبعاج، وهي منطقة مجاورة في محافظة نينوى. ويجب توسيع نطاق برامج تحقيق الاستقرار في سنجار لدعم العائدين.
تعمل السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على دعم حكومة العراق في تقديم الخدمات الحيوية للعائدين مؤخراً والفئات السكانية الضعيفة في سنجار.
تنشط المنظمة الدولية للهجرة في سنجار منذ عام 2017، عبر مجموعة من قطاعات البرمجة والاساليب المختلفة . وتركز برمجة تحقيق الاستقرار على معالجة بعض العقبات الرئيسية التي تعترض العودة، حيث تستثمر المنظمة في فرص كسب العيش وتحسين فرص الحصول على الخدمات الأساسية والسكن في سنجار وفي المجتمعات التي تعود إليها الأسر. تقوم المنظمة الدولية للهجرة بشكل مستمر بتتبع وتسجيل حركات السكان والعودة إلى سنجار، وتلك الأسر التي تعيش حالياً في نزوح ثانوي أو العائدة إلى مناطقها الأصلية. حيث يرفع هذا البرنامج مستوى وعي المجتمع الإنساني بشأن التحركات الجارية ونقاط انطلاقهم ووصولهم والظروف في مناطق العودة.
تقدم المنظمة الدولية للهجرة ايضاً خدمات الصحة الذهنية والخدمات النفسية الاجتماعية، والخدمات القانونية المتعلقة بالإسكان والأراضي والممتلكات، وتقدم الدعم لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مبادرات بناء السلام. كما يتم تقديم خدمات الحماية في مخيمات سردشتي، حيث لا يزال العديد من الإيزيديين في حالة نزوح.
تهدف جهود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحقيق الاستقرار، في إطار برنامج التمويل لدعم الاستقرار، إلى دعم عمليات العودة وإرساء أسس انتعاش العراق من خلال إعادة إنشاء الخدمات الحيوية وإعادة بناء البنية الأساسية التي تضررت خلال صراع داعش، ويتم العمل بالشراكة الوثيقة مع الحكومة العراقية والمجتمع الدولي.
وفي سنجار، حيث ينشط برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ عام 2016، ويغطي هذا الدعم إعادة تأهيل المدارس والمنازل وأنظمة المياه وشبكات الكهرباء ومراكز الرعاية الصحية ومراكز الشرطة وعدد من مباني البلدية - بما في ذلك مديرية الزراعة لدعم إحدى الصناعات الرئيسية في سنجار. ويساعد توفير فرص عمل قصيرة الأجل، ضمن برامج توفير سبل العيش، العائدين على تخفيف الأعباء المالية المتراكمة نتيجة للصراع، على الإيجار والغذاء واللوازم المدرسية وغيرها من المواد.
امتد دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعائدين إلى المناطق المجاورة في السنوني وبعاج وتلعفر وربيعة عبر عدد من القطاعات الحيوية بما في ذلك الصحة والتعليم والمياه والكهرباء. في العام 2020 وما بعده، ستظل المنطقة بأكملها أولوية استراتيجية رئيسية لبرنامج دعم الاستقرار في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي ستشهد، بالشراكة مع محافظة نينوى، جهوداً متقدمة وستتضمن مجالات عمل جديدة بناءاً على الإحتياجات الخاصة للمنطقة، مثل أنشطة التماسك الاجتماعي.
يقول ساهر سعيد معلم اللغة الانجليزية "آمل أن تبقى المنظمات ووكالات الأمم المتحدة وأن تستمر في تقديم المساعدات، لأن الناس بحاجة إلى المساعدة لتجديد حياتهم. من الصعب القيام بذلك دون دعم من المنظمات".
وأضاف وليد صيدو، الطالب في كلية الصيدلة من سنجار، "نحن كمجتمع نرغب في الحصول على مكان آمن للعيش مع توافر مرافق الحياة الأساسية الرئيسية حتى نتمكن من العيش والتأكد من أن مثل هذه الهجمات البربرية لن تحدث مرة أخرى للأجيال القادمة".
هذا وفي 3 آب من كل عام، تتضامن المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع المجتمعات المحلية في سنجار لتكريم ضحايا المجزرة. ولا بد من مواصلة الدعوة مع حكومة العراق لمعالجة المسائل العالقة والمتعلقة بالإدارة والحوكمة الأمنية كما أن تقديم المساعدة المكرسة لذلك يعد امراً حيوياً لأولئك الذين يعودون الان الى المنطقة. في حين يجب أن تستمر المساعدات الإنسانية للإيزيديين الذين لا يزالون في حالة نزوح – ويجب استكشاف اشكال أخرى من الحلول المستدامة بالنسبة لأولئك الذين لا يرغبون او غير قادرين على العودة.
وتدعو المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق إلى التركيز بقوة على ترميم المدارس والمستشفيات ومرافق الصرف الصحي؛ تحسين فرص الحصول على التعليم؛ تحسين الأمن؛ وتعزيز الحكم المحلي؛ على طريق السلام المستدام في سنجار.
ستواصل المنظمتان العمل في سنجار لاستعادة الخدمات الحيوية، وإعادة بناء البنية التحتية الرئيسية ودعم إعادة الإدماج وتوفير الحماية وخدمات الصحة الذهنية والدعم النفسي والاجتماعي ودعم سبل العيش.
***
كُتبت هذه القصة من قِبل فانيسا أوكوث-أوبو في المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في العراق، بمساهمة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.