
تعمل أسمهان على إصلاح خلاط أحد العملاء في ورشتها، حيث تقدم خدمات صيانة موثوقة للأجهزة المنزلية، مما يسهم في تلبية احتياجات مجتمعها في مديرية المعافر بمحافظة تعز.
في عزلة الصنة، الواقعة في مديرية المعافر بمحافظة تعز اليمنية، اختارت أسمهان مسارًا وظيفيًا غير مألوف بين النساء في مجتمعها، وهو العمل في صيانة الأجهزة المنزلية.
تعيش أسمهان في منزل عائلتها، حيث تعيل والدتها وأطفالها الثلاثة: سليمان، وهيب، وفؤاد. ورغم التحديات التي واجهتها، ظلت مؤمنة بقدرتها على بناء مستقبل أفضل لنفسها ولأسرتها.
اختيار مسار مختلف
عندما بدأت أسمهان رحلتها في صيانة الأجهزة المنزلية، قوبلت بالكثير من الشكوك من أفراد مجتمعها، حيث لم يكن من المعتاد أن تعمل امرأة في إصلاح الثلاجات والغسالات والأجهزة المنزلية الأخرى.
"في البداية، نظر إلي الناس بدهشة. بعضهم ضحك، وآخرون قالوا إنني لن أنجح"، تروي أسمهان. "لكنني لم أستمع إليهم. كنت مؤمنة بقدراتي، وعملت بجد. وبمرور الوقت، بدأ الناس يتقبلونني، بل ويشجعونني."
ورغم أن تعليم أسمهان توقف عند مستوى المدرسة الثانوية، إلا أن شغفها بالتعلم لم يتوقف أبدًا. عندما سمعت عن برنامج التلمذة المهنية ضمن برنامج الصمود الريفي 3، الممول من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، رأت فيه فرصة ذهبية لتحقيق حلمها.
لم تتردد في التسجيل، وسرعان ما تم قبولها. على مدار ثلاثة أشهر، تلقت تدريبًا مكثفًا، تعلمت خلاله المهارات العملية التي تحتاجها، كما حصلت على مجموعات الأدوات اللازمة لبدء مشروعها الخاص، مما مهد لها الطريق نحو مستقبل مهني واعد.

كل صباح، تتجه أسمهان إلى ورشتها في مديرية المعافر بمحافظة تعز، حيث توظف خبرتها في إصلاح الأجهزة المنزلية. من خلال عملها، لا توفر خدمة ضرورية لمجتمعها فحسب، بل تؤمّن أيضًا مصدر رزق مستدام لعائلتها.
أسمهان تؤسس مشروعها في صيانة الأجهزة المنزلية
بعد إتمام التدريب، كانت أسمهان مصممة على تحويل مهاراتها إلى مصدر دخل حقيقي. لم تتردد في افتتاح ورشتها الخاصة، التي أطلقت عليها اسم "السليمانية لصيانة الأجهزة المنزلية"، متخذة بذلك خطوة جريئة نحو الاستقلال المهني.
لكن الطريق لم يكن سهلًا.
"كافحتُ كثيرًا للعثور على مكان مناسب لورشة عملي"، تروي أسمهان. "لكنني لم أستسلم، واصلت البحث حتى وجدت الموقع المثالي. حتى عندما واجهت تحديات، كنت أصر على المضي قدمًا."
في البداية، لم يكن الناس واثقين من قدرتها على إصلاح أجهزتهم، إذ لم يعتادوا رؤية امرأة تعمل في هذا المجال. ولكن مع مرور الوقت، أثبتت أسمهان كفاءتها ومهارتها، مما ساعدها في تغيير هذه النظرة.
"تتمتع النساء العاملات في هذا المجال بميزة خاصة"، تقول أسمهان. "الكثير من الزبائن، وخاصة النساء، يفضلن التواصل معي لإصلاح أجهزتهن. هذا الأمر ساعدني في كسب ثقة العملاء وبناء قاعدة زبائن متنامية."

تقوم أسمهان بإصلاح فرن طباخة لأحد العملاء، مما يجسد خبرتها ومهارتها في صيانة الأجهزة المنزلية، مقدمةً خدمة موثوقة تلبي احتياجات مجتمعها في مديرية المعافر بمحافظة تعز.
أسمهان تسعى لتنمية مشروعها وإلهام الأخريات
قبل أن تؤسس مشروعها، كانت أسمهان تشعر بعدم اليقين بشأن مستقبلها. لم تكن تعرف كيف ستتمكن من إعالة أطفالها وتأمين احتياجاتهم. أما اليوم، فقد تبدل الحال، وهي تشعر بالفخر والرضا لأنها استطاعت بناء مصدر دخلها الخاص.
"أشعر بالفخر لأنني أستطيع رعاية أطفالي بمفردي"، تقول أسمهان، وهي تدرك أن نجاحها ليس مجرد إنجاز شخصي، بل هو خطوة نحو حياة أكثر استقرارًا لعائلتها.
لكن طموح أسمهان لا يتوقف عند هذا الحد؛ فهي تحلم بتوسيع ورشتها، وشراء أدوات متطورة لتحسين جودة عملها، مما يساعدها في خدمة المزيد من العملاء بكفاءة أعلى. كما تأمل أن تكون مصدر إلهام للنساء الأخريات في مجتمعها، وتشجعهن على السعي وراء أحلامهن.
"النساء يشكلن نصف المجتمع، ونحن قادرات تمامًا مثل الرجال"، تؤكد أسمهان. "آمل أن أحصل على المزيد من الدعم لتنمية عملي، وجعله مصدر دخل مستدام لعائلتي."
ولا يقتصر حلمها على تنمية ورشتها فحسب، بل تطمح أيضًا إلى مشاركة خبرتها مع الآخرين، ونقل مهاراتها لمن يرغبن في دخول هذا المجال.
"أنا ممتنة لكل الدعم الذي ساعدني للوصول إلى هنا. وأتطلع إلى اليوم الذي أمتلك فيه ورشة عمل أكبر، مجهزة بكامل الأدوات التي أحتاجها. كما آمل أن أتمكن من تدريب نساء أخريات، لمساعدتهن على بناء مستقبلهن في هذا المجال."

زبائن أسمهان يزورن ورشتها بشكل منتظم ويثقون في خبرتها في تشخيص الأعطال وإصلاحها - مديرية معافر، محافظة تعز.
رسالة أسمهان لكل امرأة
في اليوم العالمي للمرأة، تحمل قصة أسمهان رسالة قوية لكل امرأة:
"بالشجاعة والعزيمة، يمكنكِ تحقيق أي شيء."
رحلة أسمهان ليست مجرد قصة نجاح شخصية، بل هي جزء من الجهود المستمرة لدعم النساء وتمكينهن في مواجهة التحديات. يعد نجاحها أحد ثمار البرنامج المشترك لدعم سبل العيش القادرة على الصمود، والأمن الغذائي، والتكيف مع المناخ في اليمن – برنامج الصمود الريفي 3، وهو برنامج يمتد لثلاث سنوات بتمويل من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد.
يهدف هذا البرنامج، الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأغذية العالمي، بالشراكة مع جهات أخرى، إلى مساعدة المجتمعات المحلية المتأثرة بالأزمات على بناء القدرة على التكيف من خلال إيجاد سبل عيش مستدامة وتحسين فرص الحصول على الخدمات الأساسية.