تعزيز الوصول الى المياه من أجل السلام: قيادية في الريف اليمني تسهم بحل النزاعات وبناء التماسك المجتمعي
24 سبتمبر 2024
أدى الصراع الذي طال أمده في اليمن إلى توقف الخدمات الأساسية ، بما في ذلك الوصول إلى المياه. ونتج عن ذلك التنافس على الموارد وتفاقم التوترات بين المجتمعات المحلية، مما أدى إلى تمزق النسيج المجتمعي وإعاقة التنمية.
لسوء الحظ، كان هذا هو الواقع المرير في قرية بني عامر، بمديرية تبن، محافظة لحج، حيث كان الوصول للمياه قضية مجتمعية. إلى أن تدخلت فاتن، أحد نساء القرية التي أرادت أن تحسن الوصول إلى المياه. وبرغبة جامحة وكفاءة عالية في الوساطة، شرعت فاتن في رحلة استثنائية لمعالجة الخلافات وإعادة الوصول إلى المياه على نطاق واسع في مجتمعها.
تشرح فاتن: "لقد شاركت في حل النزاع، حتى يصل الماء إلى كل منزل، مما يشكل حياة أفضل لقريتي".
لم تكن رحلة فاتن كوسيط مجتمعي سهلة بأي حال من الأحوال. فقد نشأت في مجتمع ريفي وواجهت تحديات جمّة كغيرها من النساء في منطقتها. وعلى الرغم من ذلك، فقد دفعها شغفها بالتعليم إلى إنهاء دراستها الثانوية، وهو إنجاز لم تتمكن سوى قِلة من النساء في قريتها من تحقيقه. وحباً منها لمساعدة المحتاجين، قادت فاتن ثلاثين مبادرة إنسانية داخل قريتها، وكسبت ثقة أفراد المجتمع، الذين انتخبوها لعضوية مجلس تعاون القرية.
تقول فاتن:"أسعى دائماً لتمكين النساء في قريتي من خلال تثقيفهن حول الوقاية من الأمراض والرضاعة الطبيعية."
كما تم اختيار فاتن وتدريبها كوسيط محلي وذلك ضمن تدخلات البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتكيف المناخي اليمن (الصمود الريفي 3)، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ،بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد.
ومع ذلك، لم يكن طريقها خاليًا من العقبات. ففي مجتمع يضع النساء عادةً في أدوار أكثر تقليدية، واجهت فاتن في بداياتها عدم تقبل من المجتمع.
تقول فاتن: "على الرغم من مواجهة الشكوك من أفراد المجتمع، فقد ثابرت وركزت على جهودي المجتمعية".
ومع ذلك، بدعم كبير من أسرتها وأعضاء اللجنة المجتمعية ، فقد ثابرت وواصلت مسيرتها. لقد تركت تأثيرًا عميقًا في مجتمعها وتستمر في إظهار قيمة التعاون بدلاً من الخلاف.
وتقول فاتن: "إنّ منح النساء الحق في المشاركة في مثل هذه المشاريع يعني دفعهن لتحسين مجتمعاتهن، وخاصة في البيئات الصعبة".
وبفضل خبرتها السابقة في العمل المجتمعي، تلقت فاتن تدريباً في مجال الوساطة وحل النزاعات. وشاركت بحماس في جلسات تدريبية حول استراتيجيات الاتصال، وتقنيات التفاوض، والاستماع النشط، وبناء الإجماع، والإدارة الفعالة للنزاعات المحلية، وذلك بفضل الشريك المحلي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الصندوق الاجتماعي للتنمية.
تتحدث فاتن عن أثر التدريب الذي تلقته قائلةً: "كنت خجولة ومترددة في التحدث، حتى أمام النساء، ولكن مع التدريب والممارسة، اكتسبت المهارات اللازمة للتواصل والتفاوض وبناء التماسك أثناء الخلافات".
عملت فاتن، إلى جانب زملائها الوسطاء، على تيسير الحوارات المجتمعية البناءة التي جمعت الأطراف المعنية بالخلاف على نفس طاولة الحوار. وكانت هذه الحوارات بمثابة مساحة آمنة للتواصل المفتوح والتفاهم.
وتقول فاتن: "ستساعد مشاركتي كوسيط مجتمعي في التغلب على أي صور نمطية اجتماعية وتمكين النساء الأخريات في قريتي".
ومع تقدم جلسات الحوار، بدأت الحواجز المجتمعية التي بدت في السابق غير قابلة للتغلب عليها في الانهيار، مما أفسح المجال لأرضية وتطلعات مشتركة: الماء للجميع.
ساعدت جلسات الحوار في تحديد القضايا الرئيسية المتعلقة بالوصول إلى إمدادات المياه المحلية. وتم الاتفاق على الحل، وهو نظام للطاقة الشمسية، تم تركيبه من قبل أحد أعضاء المجتمع لضخ المياه وتزويدها لجميع السكان.
تتحدث فاتن مسلطةً الضوء على أثر الوساطة في حل النزاعات قائلةً: "من خلال تأمين الوصول إلى المياه للجميع، سيذهب الأطفال في قريتي إلى المدرسة كل يوم. ليس هذا فحسب، بل لن تتحمل النساء بعد الآن عبء جلب المياه من أماكن بعيدة يومًا بعد يوم؛ وتؤكد فاتن على أثر الوساطة في حل النزاعات قائلة: "يمكن للنساء ممارسة الهوايات التي تضمن لهن مصدر دخل مستدام يمكن أن يغير حياتهن وحياة أسرهن بشكل إيجابي".
يُظهر نجاح فاتن قدرة المرأة على حل النزاعات، فقد أثبتت من خلال التغلب على العديد من المعوقات أنّ التعاون، وليس الصراع، يمهد الطريق للحلول الدائمة. وتعكس قصتها الأثر الايجابي لتدخلات البرنامج المشترك لدعم سبل العيش والأمن الغذائي والتكيف المناخي في اليمن في تمكين النساء لتعزيز التماسك المجتمعي في مجتمعاتهن. وبدعم من الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد، تم تدريب 346 وسيط مجتمعي، بما في ذلك 33 امرأة، لقيادة حوارات بناءة في مجتمعاتهم في اليمن.